القمم الصينية العربية حدث تاريخي

كان معيار تقدم الصين كقوة عالمية صاعدة هو قدرتها على انتزاع اعتراف الدول العربية، من البوابة الخليجية تحديداًن وبمبادرة سعودية خصوصاً، مكانة الشريك الاستراتيجي، ولم يكن ذلك يوماً مشروطاً بأن تحل الصين مكان الأميركيين في الاقتصاد والسياسة بالنسبة للعرب والخليجيين خصوصاً، والسعودية بصورة أخص، بل كان التحدي في أن يتجرأ العرب وخصوصاً الخليجيين وبصورة أخص السعودية على معاملة الصين كشريك استراتيجي، في ظل العلاقة الخاصة التي تربطهم بواشنطن.
الدعوة السعودية لقمة عربية صينية في التاسع من كانون الأول الحالي ناقصة بدون سورية، كما هي حال أي قمة عربية خالصة أو قمة عربية مشتركة مع دول أو حلفاء جماعيين آخرين، لكن قيمة القمة تأتي رغم هذا التحفظ، من أنها ليست انحيازاً سياسياً خليجياً أو سعودياً لصالح الصين، بل اعتراف عربي وخليجي وسعودي بأن العالم قد تغيّر، وأن الصين اليوم ليست صين الأمس، وأن أميركا اليوم ليست أميركا الأمس. والأهم أن حجم العلاقات الاقتصادية المصلحية بين العرب والخليج والسعودية من جهة، والصين من جهة مقابلة تشكل الشطر الأكبر من أي علاقة للعرب والخليج والسعودية بالخارج، وقيمتها أنها تحمل إشارة لتجرؤ عربي وخليجي وسعودي على وضع سلم المصالح أساساً للسياسات حتى لو يكن ذلك على مقاس العلاقات مع واشنطن التي طالما شكلت بوابة إلزامية لصناعة السياسة عربياً وخليجياً، وبالأخص سعودياً، والقمة تأتي تتويجاً لمسار تجسّده مجموعة مواقف سبقتها.
سوف تؤسس القمم الثلاث التي تستضيفها السعودية على شرف الرئيس الصيني، لمرحلة جديدة، والجغرافيا كما المصالح، تقولان إن الصين جار أقرب وإن حجم التشابك معه أكثر، وإن آفاق التطور المشترك مع الصين بلا حدود، وإنه آن الأوان ليرسم العرب سياساتهم على مقاسات مصالحهم، لأن تلك بداية لتحوّل أكبر بكثير من حدود العلاقة بالصين.
لا أحد يدعو العرب الى الانضمام الى محور مواجهة السياسات الأميركية والتحالف مع الصين وروسيا وايران بوجه أميركا، بل إلى التوقف عن أداء دور التلميذ المطيع في المدرسة الأميركية، بما في ذلك، خصوصا عندما يتناقض ذلك مع المصالح العربية، وما أكثر ما يتناقض التوجه الأميركي مع المصلحة العربية.

التعليق السياسي