مانشيت

القمم الصينية في الرياض تطلق مرحلة جديدة خليجياً وعربياً الأولوية فيها ليست لمواجهة إيران طهران تنجح بالسيطرة على الشارع وإفشال أيام «الملحمة» التي انتهت أمس بصفر تظاهرات بري يبدأ المشاورات… وعون وباسيل في بكركي لصناعة توازن جديد حكومياً ورئاسياً

‭}‬ كتب المحرر السياسي
أنهى الرئيس الصيني شي جين بينغ زيارة حافلة إلى الرياض شهدت ثلاثة قمم جلبت وجع الرأس لواشنطن، حيث لم يقتصر الأمر على احتفالية سعودية استثنائية باستضافة الرئيس الصيني والقمة الثنائية الصينية السعودية وما تضمّنته من إعلانات سياسية وتفاهمات اقتصادية، خصوصاً لجهة التأكيد على التحالفات والشراكات المتعددة للسعودية، كما ورد في الكلام الصادر عن ولي العهد السعودي محمد بن سلمان، ووزير الخارجية فيصل بن فرحان، أو ما قالته الأرقام والتوجهات التي أشارت إليها من تعاون نووي وتسليحي واستثمارات مشتركة في مشاريع ضخمة في البلدين، لتشكل الدعوة السعودية لقمتين خليجية وعربية مع الصين، إشارات أشدّ قوة لحجم المدى الذي قرّرت السعودية الذهاب إليه في العلاقة مع الصين من جهة، وإدارة الظهر لتحفظات واشنطن بخصوصها من جهة، وإقامة عنصر توازن يحدّد حجم ومكانة العلاقة السعودية الأميركية، مع التمسك بالحفاظ عليها من الطرفين، ووفقاً لمصادر خليجية رافقت مسار القمم التي شهدتها الرياض، ستكون أبرز نتائج الانعطاف والتحوّل المترتبين على المرحلة الجديدة شعور سعودي وخليجي بالإطمئنان والراحة للبيئة الإقليمية، فلا السعودية ودول الخليج تحت ضغط الحاجة للحماية الأميركية تشعر باضطرارها لتشكيل خط مواجهة مع إيران، ولا إيران حليف الحليف الصيني وحليف الحليف الروسي تشكل مصدراً لقلق السعودية والخليج كما في زمن الأحادية الأميركية في وجهة العلاقات السعودية والخليجية.
في إيران انتهت الأيام الثلاثة المقرّرة لما وصفته القنوات التلفزيونية الموجهة لإدارة الحراك الاحتجاجي وأعمال الشغب التي تستهدف الدولة الإيرانية وأجهزتها، من دون أن تنجح محاولات إثارة تحركات في الشارع، ونجاح الحوارات ومشاريع الاحتواء التي قامت بها السلطات الإيرانية وأبرزها قرار تعليق عمل شرطة الأخلاق والزيارات التي قام القادة الإيرانيون وفي مقدّمتهم الرئيس إبراهيم رئيسي إلى أماكن تجمع المحتجّين، ومنها جامعة طهران التي زارها رئيسي وحاور طلابها.
لبنانياً، بينما يستعدّ رئيس مجلس النواب نبيه بري لإطلاق الحوار الرئاسي عبر مشاورات بدأها مع الكتل النيابية لاستكشاف مناخاتها وقياس مدى نضج الأجواء للبدء بالحوار المنشود في فترة الأعياد وما بعدها، جاءت زيارة كلّ من الرئيس السابق العماد ميشال عون ورئيس التيار الوطني الحر النائب جبران باسيل الى بكركي، والتصريحات التي صدرت عنها اثر لقاء البطريرك بشارة الراعي توحي، وفقاً لمصادر نيابية تتابع مواقف وتحركات التيار الوطني الحر، بمساع لإقامة توازن جديد عبر بكركي في الملفين الرئاسي والحكومي، في ظلّ ما تقوله مصادر التيار عن الطابع المسيحي الذي يختزنه الملفان من جهة، والمتاعب التي واجهتها محاولات تحقيق التوازن المطلوب عبر التحالفات السياسية والنيابية، في ظلّ التباعد الحاصل بين التيار وحزب الله من جهة مقابلة.
وخطفت بكركي الأضواء التي قصدها رئيس التيار الوطني الحر النائب جبران باسيل قبل أن يزورها رئيس الجمهورية السابق العماد ميشال عون لوضع «رأس الكنيسة» المارونية الذي كان خارج البلاد، في أجواء جلسة حكومة تصريف الأعمال التي انعقدت في ظلّ الشغور الرئاسي، وما رافقها من سجالات وخلافات سياسية ـ دستورية بأبعاد طائفية.
ووفق معلومات «البناء»، فإنّ زيارتي عون وباسيل الى بكركي كانتا منسقتين وتمّ ترتيبهما خلال وجود الراعي في الأردن، وهما كانتا ستحصلان خلال الأيام المقبلة بكافة الأحوال لاستكمال البحث في الملف الرئاسي وإمكانية الراعي لدعوة الأطراف المسيحية لحوار جماعي أو ثنائي، لكن الجلسة الحكومية وشكل توقيع المراسيم سرّعا الزيارتين للتنسيق بين المرجعيات السياسية والروحية المسيحية لتدارك الخطأ الفادح بتجاوز موقع رئاسة الجمهورية الذي حصل الاثنين الماضي وعدم تكراره في المستقبل والعمل لإنهاء هذه الحالة الدستورية الشاذة عبر انتخاب رئيس للجمهورية يستولد من كنف الحوار بين المكونات المسيحية مع الكنيسة ويتمتع بشخصية حوارية ووطنية قادر على التواصل مع الجميع.
والتقى باسيل البطريرك الماروني الكاردينال بشارة بطرس الراعي في بكركي وقال بعد اللقاء: «أحمّل الجميع مسلمين ومسيحيين مسؤولية ما حصل في مجلس الوزراء الاثنين وهو امر فظيع عبر حذف توقيع رئيس الجمهورية للمراسيم وهو ضرب للميثاق وللكيان والجمهورية وليس فقط لرئاسة الجمهورية».
أضاف: «استكملت البحث في الملف الرئاسي مع الراعي حيث يجب إيجاد طريقة للوصول الى مرشح ينال ثلثي الأصوات ونحن منفتحون على الجميع لكن هناك من ليس منفتحاً ولا يمكن ان نجبره».
وفي دردشة مع الصحافيين، قال باسيل ردّاً على سؤال عما إذا كانت انتهت بينه وبين «الحزب» عند حدود البيانات: «الموضوع عندهم… أنا زلمي مسالم».
وعن إمكان ترشيح أحد من «التيار الوطني الحر» لرئاسة الجمهورية قال: «هيدا حكي للتسلاية».
وعمّا إذا كان يسير بإسم يطرحه الراعي لرئاسة الجمهورية اجاب «أولاً البطريرك لا يقبل ونحن لا نقبل بأن نضعه بهكذا موقف يُحمّله مسؤولية أيّ شيء يحصل خلال حكم الرئاسة الذي يمتدّ إلى 6 سنوات». وإذا كان يطرح لقاء مسيحيّاً برعاية بكركي وإذا كان جعجع يقبل بحضور اللقاء، قال باسيل «جعجع رافض لكلّ شيء.. لا بدّو يجي على بكركي ولا بدّو يعمل حوار».
من جانبه، قال الراعي تعليقاً على كلام باسيل على إمكان عقد لقاء مسيحي في بكركي: «لطالما كنّا من دعاة الحوار «وأنا يلّي بدعي لحوار من الـ 2009» ولا حلّ إلا بالحوار بين الأفرقاء إما بحوار ثنائي بيني وبين كلّ فريق وإما بحوار جامع والحوار الجامع تتخلّله صعوبات».
وحسم الراعي موقفه من دستورية الجلسة واعتبر أن «ما حصل من عقد لجلسة مجلس الوزراء «ما كان لازم يصير» وخصوصاً أنّ عدة أطراف كانت غائبة عن الجلسة».
وتوقعت مصادر سياسية لـ»البناء» أن يتريّث رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي في أيّ دعوة لجلسة لمجلس الوزراء في المرحلة المقبلة بعد موقف الراعي والسجالات الطائفية التي رافقت انعقاد جلسة الاثنين.
في المقابل، ورداً على باسيل، غرّد رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع عبر حسابه على «تويتر» كاتباً «الحوار بدو أهل حوار».
أما الرئيس عون، فأكد في تصريح له بعد لقائه البطريرك بأنّ «الظرف يقضي ان نستودع البطريرك الوضع الحالي وما فيه من حقوق غير مصانة وضرب للميثاق وللدستور»، مضيفاً: «أكتفي بهذا القدر إذ يجب السكوت عن الكلام المباح لأنّ الأزمة كبيرة ولا يفيدها كثرة الكلام».
وسُجل يوم أمس هدوء على جبهة «حارة حريك» و»ميرنا الشالوحي»، وخلا من أيّ بيانات وسجالات، ما أوْحى بنجاح جهود الوسطاء لاحتواء السجال وتهدئة الخطاب وتبريد الجبهة والتمهيد لحوار قريب، إذ قرأت أوساط سياسية بالردّ المقتضب لباسيل على سؤال حول السجال مع حزب الله، بأنه يندرج في إطار التهدئة، على الرغم من أنّ مصادر التيار الوطني الحر تدعو عبر لـ»البناء» الى انتظار مواقف باسيل مساء غدٍ الأحد لمعرفة التوجه العوني في المواجهة ومسار العلاقة مع حزب الله.
ولفتت أجواء مطلعة على موقف الحزب لـ»البناء» الى أنّ «الخلاف بين الحزب والتيار لن يؤدّي الى قطيعة، وتصويت التيار في الجلسة الأخيرة مؤشر على ذلك، فلو كان التيار سيذهب الى القطيعة لكان صوّت لأحد المرشحين الأخصام للحزب، ما يعني أنّ الباب لا يزال مفتوحاً للتشاور بين الطرفين على الرئيس المقبل»، مشيرة الى أنّ «الخلاف ظرفي رغم أهميته، لكنه ليس استراتيجياً، وموضحة أنّ «الطرفين يقرّان بوجود مصلحة ببقاء تفاهم مار مخايل واستمرارية العلاقة لوجود مصالح متبادلة، لكن هناك ثغرات وملفات يجب معالجتها عبر الحوار الجدي والصريح لتبديد هواجس الطرفين خصوصاً من التيار تجاه حزب الله لتطمين بعضهما البعض»، وحذرت من أن جهات عدة ستقتنص الفرصة للاصطياد في الماء العكر، لكن بيانات حزب الله والتيار مضبوطة ضمن سقف معيّن»، لافتة الى أنّ «جمهور ومؤيدي الطرفين انضبطا ضمن السقف الذي وضعته القيادتين».
ولفتت المصادر الى أنّ «حزب الله متمسك بحلفه المسيحي ضمن رؤية وطنية عامة، ما يعطي الحزب والمقاومة بعداً وطنياً في الداخل والخارج وبالتالي الحزب غير مستعدّ أن يخسره في ظلّ استمرار الهجمة الأميركية الغربية الخليجية عليه، كما للحزب مصلحة أن يبقى التيار قوياً في الساحة المسيحية لكي لا يصبح لقمة سائغة للقوات التي تعمل منذ 6 سنوات على إضعاف التيار لالتهامه، في المقابل التيار لن يتخلى عن تحالفه مع الحزب في مواجهة القوات المتحالفة مع السعودية والأميركيين لكي يحقق نوعاً من التوازن في الاستحقاقات الانتخابية، فضلاً عن رؤية عون الوطنية والمشرقية البعيدة عن الانعزالية والتطرف، كما أنّ مشروع مكافحة الفساد والإصلاح وبناء الدولة الذي يسعى اليه التيار يحتاج الى شريك قوي كحزب الله نظيف الكف ولم يتلوث بالفساد وحريص على مصلحة البلد».
واعتبر الوكيل الشرعي العام للسيد علي الخامنئي في لبنان، رئيس الهيئة الشرعية في حزب الله الشيخ محمد يزبك أن «وجع الناس يكبر، والأبواب مسدودة في وجه الإصلاح والحوار والتفاهم والتوافق، ولا خلاص إلا بفتح الأبواب والقلوب لإنقاذ الوطن من قعر بئر الانهيار، فالتلاقي والتوافق والتوجه بمسؤولية إلى انتخاب رئيس للجمهورية يكون أهلاً للإنقاذ والحفاظ على قوة لبنان، لا يفرّط بحبة تراب ولا ذرة ماء من أرضه ومياهه، ولا بحقّ من حقوقه، قادر على التعاون مع حكومة إصلاح وانقاذ، والانسجام مع المجلس النيابي لتشريع القوانين والمراقبة، وبإحياء المؤسسات الثلاث، وبذلك تتحقق المعافاة من كلّ ما أصاب الوطن، واللبنانيون قادرون بأنفسهم على صنع ذلك».
الى ذلك حضر الملف اللبناني في القمم الاقتصادية ذات الأبعاد السياسية والاستراتيجية التي جمع السعودية ودول الخليج مع الصين، والذي شارك فيها لبنان ممثلاً برئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي في ظلّ غياب رئيس الجمهورية، وأجمعت المواقف الصينية والسعودية والخليجية على دعم لبنان وأمنه واستقراره.
وأكدت السعودية والصين، حرصهما على الإجراءات اللازمة لحفظ أمن واستقرار لبنان. وشدّد البيان الختامي للقمة السعودية – الصينية على «أهمية إجراء الإصلاحات اللازمة، والحوار والتشاور بما يضمن تجاوز لبنان لأزمته، تفادياً لأن يكون منطلقاً لأيّ أعمال إرهابية وحاضنة للتنظيمات والجماعات الإرهابية التي تزعزع أمن واستقرار المنطقة، أو مصدراً أو معبراً لتهريب المخدرات».
بدوره، أكّد المجلس الأعلى لمجلس التعاون لدول الخليج العربية، على «مواقف مجلس التّعاون الثّابتة مع الشعب اللبناني الشّقيق، ودعمه المستمر لسيادة لبنان وأمنه واستقراره، وللقوّات المسلّحة اللّبنانيّة الّتي تحمي حدوده، وتقاوم تهديدات المجموعات المتطرّفة والإرهابيّة».
وشدّد، في بيان، بعد انعقاد دورته الثّالثة والأربعين، على «أهميّة تنفيذ إصلاحات سياسيّة واقتصاديّة هيكليّة شاملة، تضمن تغلّب لبنان على أزمته السّياسيّة والاقتصاديّة، وعدم تحوّله إلى نقطة انطلاق للإرهابيّين أو تهريب المخدرات أو الأنشطة الإجراميّة الأخرى الّتي تهدّد أمن المنطقة واستقرارها».
وركّز المجلس على «أهميّة بسط سيطرة الحكومة اللبنانية على جميع الأراضي اللّبنانيّة، بما في ذلك تنفيذ أحكام قرارات مجلس الأمن ذات الصّلة واتفاق الطائف، من أجل أن تمارس سيادتها الكاملة فلا يكون هناك أسلحة إلّا بموافقة الحكومة اللبنانية، ولا تكون هناك سلطة سوى سلطتها».
ودعا جميع الأفرقاء اللّبنانيّين إلى «احترام الدستور والمواعيد الدّستوريّة، والعمل على كلّ ما من شأنه تحقيق تطلّعات الشّعب اللّبناني الشقيق في الاستقرار والتّقدّم والازدهار»، مشيداً بـ»جهود أصدقاء لبنان وشركائه في استعادة وتعزيز الثّقة والتّعاون بين لبنان ودول مجلس التعاون، ودعمهم لدور الجيش اللبناني وقوى الأمن الداخلي في حفظ أمن لبنان».
في غضون ذلك، سجلت مواقف روسية تجاه لبنان عبر السفير الروسي في بيروت ألكسندر روداكوف، مشدّداً على أنّ «روسيا جاهزة لمساعدة لبنان»، كاشفاً أنّ بلاده لن تتدخل بملف رئاسة الجمهورية. وأشار روداكوف، إلى أنّه «في حال فوز رئيس تيار «المردة» سليمان فرنجية نحن نقول الحمدلله أن فترة الفرغ الرئاسي انتهت ونتمنى له التوفيق»، لافتاً إلى أنّ فرنجية لديه علاقات مع الجميع.
على صعيد آخر، أوقفت المحامية العامة المالية القاضية إيمان عبدالله الممثلة ستيفاني صليبا بناء لإشارة النائب العام المالي القاضي علي ابراهيم بعد الاستماع اليها. وكانت النائبة العامة الإستئنافية في جبل لبنان القاضية غادة عون أصدرت مذكرة بحث وتحرّ بحق صليبا، بناءً على التحقيقات اللبنانية والأوروبية التي تجري في ملف إختلاس وتبيض وسرقة أموال.
ووفق المعلومات فإنّ القاضية عون كانت قد استجوبت زوجة حاكم مصرف لبنان ندى سلامة ولمست عون دوراً لستيفاني صليبا (زوجة سلامة الثانية) بملف الحاكم المركزي.
وكانت المديرية العامة للأمن العام، قد ردّت على اتهامات بعض وسائل الإعلام، مشيرة في بيان الى أنه و»بعد التحقيق مع المدعوة صليبا في شعبة التحقيق في دائرة امن عام المطار حسب الاصول، تمت مخابرة النيابة العامة المالية بشخص القاضي علي ابراهيم وفقاً للصلاحية كون الجرم المشار اليه في البرقية هو «جرم تبييض أموال، وأشار القاضي إبراهيم بترك صاحبة العلاقة رهن التحقيق، وسحب جواز سفرها اللبناني بموجب إيصال، ومراجعة قلم النيابة العامة المالية خلال 48 ساعة وعدم كف التدبير».
ومساء أمس أفادت المعلومات أنه وبعد استجواب صليبا، تمّ تركها رهن التحقيق بإشارة من القاضية عون، على أن تتجه صليبا إلى مقر المديرية العامة لأمن الدولة لاستلام حقيبتها وهاتفها ومقتنياتها.

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى