أولى

الحرب على إيران من لاس فيغاس الى طهران

‭}‬ محمد صادق الحسيني
من رئيس وزراء أستراليا في أقصى العالم شرقاً الى رئيس وزراء كندا في أقصى العالم غرباً، وبينهما رؤساء أميركا وفرنسا والمستشار الألماني لا ينفكون في إعلان تضامنهم مع المحتجّين في إيران!
ودائماً باسم الدفاع عن المرأة والأقليات.
ولندخل في صلب الموضوع مباشرة:
هل تذكرون مذبحة حلبچة الكيمياوية في ثمانينات القرن الماضي والتي قتل فيها مئات النساء الكرديات…
يومها رفض هؤلاء جميعاً حتى إصدار بيان استنكار واحد ضدّ المذبحة!
أتعلمون لماذا!؟
لأن الأسلحة يومها هم من صدّروها إلى حاكم بغداد ليتمّ بها ذبح شعبي العراق وإيران، الذين لا ذنب لهم إلا لأنهم طالبوا بالحرية والحياة وحقوق المرأة ولكن من منظار متفاوت كلياً عن منظار حريات لاس فيغاس القبيح والحقير…
في مقطع من كتابه الشهير “امبراطورية الوهم” يكتب الكاتب الأميركي المعروف كريس هيديكز، عن حال المرأة الأميركية فيقول :
طالب مدرسة إكليريكية سابقاً، أخبرني عن «مدينة الخطيئة»، لاس فيغاس «القلب الفاسد والمنحرف طوعاً لأميركا»، كما يقول عنها هيديكز. يتوجه هذا الأخير إلى مدينة لاس فيغاس لمشاهدة الصالون السنوي للصناعة البورنوغرافية. فيتحوّل العرض آنئذ إلى كابوس…
ويضيف في مقطع آخر من كتابه :
“وكما تحكي لي باتريس رولند، النجمة السينمائية السابقة في هذا المجال، مغامراتها في هذا العالم القذر. فالعرض مثير للاشمئزاز والتقزز. العنف واحتقار المرأة لا حدود لهما تقريباً.
انها معركة تحدي النموذج الكبرى بكلّ معنى الكلمة…
فهؤلاء الغربيون يجدون أنفسهم اليوم، وبعد قرون من مشروعهم “المدني ـ الحضاري” المبهر للعالم، يجدون أنفسهم فجأة أمام رجل من طينة أخرى يخرج عليهم من قم ليقدّم نموذجاً آخر تماماً عن المرأة.
المرأة المكرّمة والمحترمة والموقرّة بحجابها وعفافها المعروف في الثقافة الإسلامية القرآنية، ولا يكفي هذا بل هي نفسها تلك المرأة العاملة أيضاً والناشطة عملياً في كلّ المجالات الحياتية، في المجتمع والدولة، والتي تبزّ نظيراتها الغربيات جميعاً في كتابة المقالات العلمية وفي مراتب الرقيّ التي تحرزها في الاولمبيادات العلمية العالمية، فإذا بها تجرّدهم من كلّ بهرجتهم ودعاويهم الزائفة انْ حول المرأة او حول الحياة وكذلك حول الحرية…
وهذا ما يعتبره الغربيون تحدياً من الوزن الثقيل، لم يكونوا ليقدروا عليه، وهو ما قضّ مضاجعهم وأوجعهم كثيرا، فقرّروا إخراجه من اللعبة تماماً، وذهبوا في ذلك بعيداً الى حدّ محاولة سحقه بكلّ الطرق العسكرية ليتسنّى لهم العرض الإباحي السلعي للمرأة فما استطاعوا بل فشلوا وخابت آمالهم،
ولما بارت بضاعتهم وكشف زيفهم وبؤس حظهم وحقارة بضاعتهم للناس، اضطروا للنزول دون قناع والضرب تحت الحزام من خلال أساليب شوارعية من قبيل إضرام النار بمكبات النفايات في الشارع، أو تحطيم مظاهر المدنية في شوارع ومدن خصومهم، وصولاً الى إرعاب الناس وإغلاق الطرق العامة وخطف وقتل رجال الشرطة المكلفين بأمن البلاد والعباد وأخيراً حتى خطف رجال دين وأئمة جمعة وجماعات حتى من بين من يدّعون أنهم جاؤوا لمساندتهم ويسمّونهم الأقليات، أيّ أهلنا من أهل السنة كما هو الحال مع إمام مسجد الحسين في بلدة خاش جنوب غرب إيران من محافظة بلوشستان.
الغريب في الأمر أنهم ضحوا في هذه المعركة بأقدس ما يزعمون أنه الأغلى في مذهبهم والذي من أجله يكافحون أيّ المرأة والحياة والحرية،
فكانت ولا تزال هي التي تقتل وتقدّم قرابين مجانية يومياً في ساحة النزال، في كلّ الشوارع والساحات، ومن بين كلّ الأعراق من خلال الإعدامات الميدانية لكلّ من يخالفهم الرأي، او تظهر عليه ملامح الانتماء لمذهب امام قم وجغرافيا آخر الزمان…
وسقطوا في الامتحان وخسرت لاس فيغاس الرهان!
بعدنا طيبين قولوا الله…

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى