نقاط على الحروف

الحوار الرئاسي داخلي أم برعاية خارجية؟ القضية كما تراها بكركي وتترجم نيابياً!

ناصر قنديل

– قبل الحديث عن دعوة رئيس مجلس النواب نبيه بري للحوار بحثاً عن مخرج توافقي من المأزق الرئاسي، يجب على جميع المعنيين وأصحاب القرار أن يسألوا أنفسهم عن مدى حقهم في محاكمة مواقف مَن يخالفهم الرأي وإطلاق الأوصاف التعطيلية عليها، طالما أن قيمة هذا السلوك التوصيفي والتحريضي تُقاس بالنتائج بسؤال، هل أسهمت في جعل عملية الانتخاب أقرب وأكثر يسراً، أم أنها زادت الانقسام والاستعصاء تعقيداً وتفاقماً، وطالما نحن أمام استحقاق انتخابي ولسنا أمام مدى سياسي مفتوح زمنياً أمام خوض التجاذبات حول قضايا مبدئية، وتصليب الشارع المؤيد حولها، وطالما لا يملك أي طرف فرصة تقنية لتصحيح المسار لتوفير الأغلبية اللازمة لتحقيق النصاب والانتخاب دون توافق، بما في ذلك ما يطرحه البعض من تعديل نصاب الدورة الثانية، فهو بالإضافة لعدم صوابه غير قابل عملياً للتأثير في المسار الرئاسي ما لم يتم التوافق عليه، ولذلك تبقى الخلاصة هي أننا مهما قلنا بحق بعض وأطلقنا من مواقف وتبادلنا الاتهامات ووزّعنا الأوصاف والأحكام، فالقياس الفعلي لقيمة ما نقوم به تبقى في الجواب على سؤال، هل بتنا أقرب لانتخاب رئيس جديد أم لا؟
– الحوار الذي دعا اليه رئيس مجلس النواب هو الجواب العملي الوحيد على الاستعصاء، بمعنى القول تعالوا لنبحث معاً بسبل تجاوز الاختناق في المسار الدستوري بسبب موازين القوى السياسية المحكومة بانقسام كبير، لا يمكن دون اختراق جداره بتسوية الخروج من المأزق. وهذا لا يعني بالضرورة حصر النقاش باسم توافقي، ليس موجوداً بالضرورة، بل أن يأتي كل طرف بما لديه إلى الحوار، واحد ليقول تعالوا لنخفض نصاب الدورة الثانية، وثان ليقول تعالوا لنضع المشروع السياسي على الطاولة ونحاول التوافق على عناوين يمكن أن تمثل أهدافاً متفقاً عليها للعهد الجديد ونضع مواصفات مناسبة من وحيها تساعد في اختيار اسم المرشح أو المرشحين. وهذا الحوار إن لم يصل إلى نتيجة تكسر الحلقة الرئاسية المفرغة، فهو سيخفض على الأقل منسوب التوتر والتصعيد، ويخفف على اللبنانيين فرصة التساكن مع الوقت اللازم لبلوغ لحظة تسوية، يبدو أنها تنتظر تسوية خارجية بالنسبة للكثيرين من الذين يعتقدون ربما أن الحوار تنفيس للاحتقان الرئاسي المطلوب استمراره يتصاعد ويكبر ليبرر هذا الدخول الخارجي على خط الأزمة.
– ما ورد في بيانات الأطراف التي قالت إنها لا توافق على دعوة الحوار لا يصلح لتبرير مقاطعة الدعوة بقدر ما يصلح ليكون مداخلة أصحابها الافتتاحية على طاولة الحوار، وهم يحجمون عن الإدلاء بها لأن الفرق بين قولها في بيان مقاطعة الحوار وقولها في الجلسة الافتتاحية لطاولة الحوار، هو تماماً أن صدورها ببيان المقاطعة يرفع منسوب التوتر ويزيد التصعيد السياسي ويظهر المأزق الرئاسي؛ بينما قولها على طاولة الحوار يخفف التوتر ويخفض منسوب التصعيد، ويبرّد الأجواء ويفتح الافاق أمام اللبنانيين لعيش الأيام الرئاسية الصعبة بأقل توتر ممكن وأقل خوفاً من قدوم الأسوأ إذا تصاعد التوتر.
– من الزاوية المنطقية لا يملك الخارج، أي خارج مشروعيّة التدخل، طالما أن لا شرعية لأي تدخل، إلا بمزيد من الاحتباس والاختناق والفشل، وشرط ذلك إغلاق كل الأبواب التي توحي بأن في الأفق أملاً بالوصول الى حل، فيجب إذن لمن يبحث عن تدخل خارجي أو يعمل لحساب خارج يريد فرصة التدخل، أو يبشر بأن لا حل إلا إذا تدخل الخارج، أن يسقط كل فرصة تقول العكس، وأن يغلق كل باب يفتح الأفق أمام مخارج أو أمل بحلول، ومهما قال مَن يعطلون دعوات الحوار عن سياديتهم فإنهم عملياً لا يفعلون إلا استدراج التدخلات الخارجية، بوعي وعن سابق تصوّر وتخطيط، وفي أحسن الأحوال يصبّون الماء في طاحونة الذين يريدون ذلك، والسؤال هو ببساطة هل هي دعوة البطريرك بشارة الراعي للحوار برعاية خارجيّة شكلت كلمة السر للقوتين المسيحيتين الكبيرتين لقول لا لدعوة الحوار الداخلي، كما كانت إشارات بكركي غير المباشرة هي التي فتحت الباب للحديث عن تخفيض نصاب الانتخاب؟

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى