نقاط على الحروف

فيصل المقداد وعبدالله بوحبيب والنازحون

ناصر قنديل
– من المنتظر أن يلتقي خلال أيام وزير الخارجية السورية الدكتور فيصل المقداد ووزير الخارجية اللبنانية عبد الله بوحبيب، واللقاء ليس الأول بينهما، لكنه اللقاء الرسمي الأول بين الحكومتين لبحث جدول أعمال يتصل بملف النزوح السوري الى لبنان. وقد سبق أن أعلن بوحبيب بعد لقاء المقداد على هامش القمة العربية قبل ثلاثة شهور أن مشكلة عودة النازحين ليست عند سورية، بل عند الجهات الأممية القادرة على رفع الحظر عن العودة، بوقف برامج تشجيع النازحين على البقاء في لبنان بإغراءات مالية معلنة الأهداف لجهة قرار دمج النازحين في المجتمع اللبناني، الذي يشكل خلفية الضغط على لبنان لوقف مشاريع إعادة النازحين، والدمج هو ما يعتبره لبنان اسماً مقنعاً للتوطين. وقد سبق أن تحدث بوحبيب في لقاء بروكسل الخاص بالنازحين السوريين، داعياً لنقل المساعدات الخارجية للنازحين الى داخل سورية بالنسبة للذين يختارون طوعاً العودة الى المناطق الآمنة من بلادهم، ورفض طلبه وصدرت بعدها مواقف أوروبية تتهم لبنان بالعنصرية؛ بينما يرفض الأوروبيون لأسباب عنصرية أن يتوجه أي من هؤلاء النازحين الى بلادهم.
– أهمية الزيارة أنها تأتي بعد تردد لبناني طويل بالانخراط في تعاون رسمي حكومي بين لبنان وسورية تحت عنوان عودة النازحين، مراعاة للمواقف الغربية الرافضة لعودة النازحين، وبالتوازي بسبب بعض النفوس الرخيصة التي تضع أولويتها في الأموال التي يتمّ ضخها في المؤسسات التربوية والصحية والمالية تحت عنوان النزوح، وضغط عشرات الجمعيات العاملة تحت اسم المجتمع المدني في ملف النازحين، والتي تتلقى ملايين الدولارات، يراكم القيّمون عليها ثروات طائلة من المتاجرة بهذه القضية، بالإضافة الى وجود مناخ سياسي كيدي ضد الدولة السورية لدى بعض القوى السياسية والنيابية، يتقاطع مع انخراط هذه القوى في تخديم المشروع الغربي والأميركي خصوصاً، عبر الضغط لقطع الطريق على أي تعاون حكومي لبناني سوري، يروّجون أنه مصلحة سورية وليس مصلحة لبنانية.
– ما جرى في الأسابيع الأخيرة وما يجري يومياً، حوّل قضية النزوح، كما يقول قائد الجيش العماد جوزف عون الى قضية وجودية. فالأعداد التي تعبر الحدود مرعبة، والتغاضي عن المشهد يعني تعريض لبنان لخطر يخرج عن السيطرة. وهذا ما دفع الحكومة إلى حسم التردد واتخاذ قرارات تجنبت اتخاذها في السابق، سواء لجهة تكليف وزير الخارجية قيادة التعاون مع الحكومة السورية، خصوصاً في ملف النزوح. ومن هذه القرارات سلة إجراءات يصعب تنفيذها بسبب اهتراء الإدارات الأمنية والإدارية، لكن لها معنى سياسي، لجهة تجريم كل مساهمة في استقدام النازحين وتسهيل تدفقهم والتستر على وجودهم. والأهم التلويح بالانسحاب من الترتيبات التي يتخذها لبنان لمنع هجرة النازحين إلى أوروبا، خصوصاً أن لبنان لم يعد وجهة جاذبة للنزوح الاقتصادي في ظل ظروفه المالية الصعبة، وصار أغلب النزوح إليه بخلفية الهجرة نحو أوروبا.
– أمس، جرى الاتصال الرسمي الأول بين بوحبيب والمقداد تحضيراً لزيارة بوحبيب والوفد الذي يضمّ الأمين العام لمجلس الدفاع والمدير العام للأمن العام إلى دمشق، وذكرت وزارة الخارجية السورية، أن المقداد ركّز خلال الاتصال على موضوع عودة النازحين السوريين، ووضع حد لكل ما يعيق هذه العودة. وجدّد المقداد التأكيد أن سورية ترحّب بعودة جميع اللاجئين السوريين إلى وطنهم، وتقدّم كلّ ما بوسعها لتسهيل عودتهم. ولفت إلى أن ما يعيق عودتهم هي العواقب الناجمة عن استمرار الاحتلال التركيّ والأميركي لمناطق في سورية، إضافة إلى الآثار الكارثية لاستمرار تطبيق الإجراءات الاقتصادية غير الشرعية المفروضة على سورية من قبل الدول الغربية المعادية.
– للمرة الأولى تخطو الحكومة طريق المعالجة الصحيحة عبر التعاون مع الحكومة السورية، وكما كنا ننتقد الإحجام الحكومي اللبناني وتردد وزير الخارجية بتحمل المسؤولية، ندعو القوى السياسية الى الترفع عن الكيديات، والمسؤولين إلى الابتعاد عن الحسابات الفئوية والشخصية الضيقة في مسايرة الطلبات الغربية على حساب لبنان، والمعنيين في القطاعات الى تغليب المصلحة الوطنية على اللعبة الرخيصة للتمسك بالمساهمات المالية التافهة قياساً بالخسائر الهائلة المترتبة على النزوح، وفتح العين على كل دور تخريبي وتحريضي لما يسمّى بمنظمات المجتمع المدني، لأن للبنان وسورية الحق بالتعاون لمواجهة هذا الخطر الوجودي، لأن في وحدة موقف الحكومتين، بداية لتعامل مختلف عربياً ودولياً مع هذا الملف.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى