الوطن

محادثات فونديرلاين وخريستودوليدس في بيروت ركّزت على ملفّ النزوح السوريّ وحزمة ماليّة للبنان

فيما علا الصوت اللبنانيّ في مطالبة الاتحاد الأوروبيّ بحلّ أزمة النازحين السوريين بالمساعدة على إعادتهم إلى ديارهم، بعدما باتَ حضوره الدولة السوريّة على معظم أراضيها، ردّت رئيسة المفوضيّة الأوروبيّة أورسولا فونديرلاين ورئيس جمهورية قبرص نيكوس خريستودوليدس، على هذه المطالبة بالإعلان عن «حزمة ماليّة بقيمة مليار يورو للبنان ستكون متاحةً اعتباراً من السنة الجارية وحتّى العام 2027» إذ «من الأساسيّ ضمان رفاه اللاجئين السوريين والمجتمعات المُضيفة».
وكانَ ملفّ النزوح السوريّ حاضراً بقوّة خلال زيارة فونديرلاين وخريستودوليدس والوفد المرافق، أمس إلى لبنان واستهلاّ زيارتهم، بلقاء رئيس مجلس النوّاب نبيه برّي في مقرّ الرئاسة الثانية في عين التينة، بحضورِ وزير الخارجيّة القبرصيّ كوستنيانوس كومبوس، سفيرة قبرص لدى لبنان ماريا تيودوسيو، سفيرة الاتحاد الأوروبيّ في لبنان ساندرا دو وال، رئيس لجنة الشؤون الخارجيّة والمغتربين النائب فادي علامة، سفير لبنان لدى بلجيكا فادي الحاج علي والمستشار الإعلاميّ للرئيس برّي علي حمدان.
وجرى خلال اللقاء الذي استمرَّ زهاء ساعة، عرضٌ للأوضاع العامّة في لبنان والمنطقة على ضوء مواصلة إسرائيل لعدوانها على لبنان وقطاع غزّة وأزمة النازحين السوريين وتداعياتها.
وشكرَ الرئيس برّي لأوروبا «مساهمتها ومشاركتها في إطار قوات يونيفيل في البرِّ والبحرّ،ِ مقدّراً لرئيسة المفوضيّة الأوروبيّة أرسولا فاندر لاين ولرئيس جمهوريّة قبرص زيارتهما العمليّة التي تتسمُ بأهميّة كبرى في هذه المرحلة الراهنة التي يمرُّ بها لبنان والمنطقة»، مشدّداً أمام ضيفيه «أنَّ لبنانَ لا يُريد الحرب وهو منذ لحظة بدء العدوان عليه لا يزال ملتزماً قواعد الإشتباك التي تتمادى إسرائيل بخرقها، مستهدفةً عمقَ لبنان وقراه وبلداته الحدوديّة الجنوبيّة وهي (أي إسرائيل) لم توفِّر في عدوانها المدنيين والإعلاميين والمساحات الزراعيّة وسيّارات الإسعاف، مستخدمةً أسلحة محرمة دوليّا».
وأكّدَ «أنَّ لبنانَ في انتظار نجاح المساعي الدوليّة لوقف العدوان على قطاعِ غزّة والذي حتماً سينعكسُ على لبنان والمنطقة وسيكون عندها جاهزاً لمتابعة المباحثات حول تطبيق القرار الأمميّ رقم 1701، الذي كان لبنان ولا يزال ملتزماً ومتمسِّكا به».
وأثارَ رئيسُ المجلس أيضاً، أهميّة دور «أونروا»، مطالباً الدول التي أوقفت تمويلها للمنظّمة «بإعادة النظر في قرارها نظراً لأهميّة الدورِ الذي تؤديه إتجاه اللاجئين الفلسطينيين».
وعن النازحين السوريين، اعتبرَ الرئيس برّي «أنَّ اللقاءَ اليوم كان عمليّاً بامتياز»، مقترحاً «تشكيل لجنة بين لبنان والاتحاد الأوروبيّ لمتابعة الزيارة والإجتماعات التي واكبتها». وقد لاقى الاقتراح ترحيباً من رئيسة المفوضيّة الأوروبيّة.
وجدَّدَ رئيس المجلس تأكيد «أهميّة التواصل من سائر الأطراف المعنية بمقاربة ملفّ النازحين مع الحكومة السورية التي باتَ حضورها على معظم أراضيها».
ثمَّ عقدَ الضيفان محادثات موسّعة مع رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي في السرايا الحكوميّة، حيث جرى البحث في الملفّ المتعلق بمعالجة ملفّ النازحين السوريين الموجودين في لبنان.
وفي كلمة له خلال مؤتمر صحافيّ مشترك مع خريستودوليدس وفون دير لاين، أشارَ ميقاتي إلى أنّ «بلدنا تحمَّلَ، منذ اندلاع المعارك في سورية عام 2011 العِبءَ الأكبرَ بين دول المنطقة والعالم في موضوع استضافة النازحين»، مؤكّداً أنّنا «عبَّرنا عن تقديرنا لتفهّم بعض دول الاتحاد الاوروبيّ في اجتماعه الأخير لطلب الحكومة اللبنانية، إعادة النظر في سياسات الاتحاد الأوروبيّ المتعلقة بإدارة أزمة النازحين السوريين في لبنان. وهذا الموقف يترجم بزيارة الرئيسِ القبرصيّ ورئيسةِ المفوضيّة الأوروبيّة».
ورأى أنَّ «التعاونَ الجديَّ والبنّاء لحلِّ هذا الملفّ يشكّلُ المدخلَ الحقيقيّ لاستقرار الأوضاع»، مشيراً إلى أنَّ مدخل الحلّ سياسيّ بامتياز.
واعتبرَ أنَّ «المطلوبَ كمرحلةٍ أولى الإقرار أوروبيّاً ودوليّاً، بأن أغلب المناطق السورية بات آمناً ما يُسهِّل عمليّة إعادة النازحين»، مجدَّداً «مطالبة الاتحاد الأوروبيّ، بدعم النازحين في بلادهم لتشجيعهم على العودة الطوعيّة ما يضمنُ لهم عيشاً كريماً في ديارهم» وقال «إذا كنّا نشدِّد على هذه المسألة فمن منطلق تحذيرنا من تحوّلِ لبنان بلدَ عبورٍ من سورية إلى إوروبا، وما الاشكالات التي تحصل على الحدود القبرصيّة إلا عيّنة مما قد يحصل إذا لم تُعالج هذه المسألة جذريّاً».
وجدّدَ دعوته «الاتحاد الأوروبيّ والعالم إلى الضغط على كيان العدوّ الصهيونيّ لوقف عدوانه المستمرّ على الشعب الفلسطينيّ، والعمل على إرساء حلّ نهائيّ شامل وعادل للقضيّة الفلسطينيّة» وقال «كرَّرنا مطالبتنا المجتمع الدوليّ الضغط على إسرائيل لوقف عدوانها المتمادي على جنوب لبنان».
من جهّتها، أكّدَت فون دير لاين، أنَّ «الاتحاد الأوروبيّ يدعم لبنان وشعبه بقوّة، ويسعى لاستكشاف سُبل تعزيز تعاوننا»، معلنةً عن «حزمة ماليّة بقيمة مليار يورو للبنان ستكون متاحةً اعتباراً من السنة الجارية وحتّى العام 2027». وشدّدت على «أنَّ الاتحاد يسعى أيضاً للمساهمة في الاستقرار الاجتماعيّ والاقتصاديّ في لبنان، من خلال: تعزيز الخدمات الأساسيّة مثل التعليم والحماية الاجتماعيّة والصحة للشعب اللبنانيّ، المضيّ قدماً بالإصلاحات الاقتصاديّة والماليّة والمصرفيّة، تعزيز الأمن والاستقرار عبر دعم الجيش اللبنانيّ والقوى الأمنيّة الأخرى، إذ سيركز الاتحاد على توفير المعدّات والتدريب لإدارة الحدود، المساعدة في إدارة الهجرة عبر التزام إبقاء المسارات القانونيّة مفتوحة إلى أوروبا وإعادة توطين اللاجئين من لبنان إلى الاتحاد الأوروبيّ».
ولفتت إلى «أهميّة أن يُبرم لبنان ترتيبات عمل مع الوكالة الأوروبيّة لحرس الحدود والسواحل (فرونتكس)، خصوصاً بشأن تبادل المعلومات والوعي بالأوضاع».
وأبدت «تفهّمها التحديات التي يواجهها لبنان نتيجة استضافة اللاجئين السوريين ونازحين آخرين، وقالت «من الأساسيّ ضمان رفاه اللاجئين السوريين والمجتمعات المُضيفة. فمنذ عام 2011، دعم الاتحاد الأوروبيّ لبنان بمبلغ 2.6 مليار يورو – ليس فقط للاجئين السوريين، وإنّما أيضًا للمجتمعات المضيفة، وسنستمرُّ في دعمكم».
من جانبه، أكّدَ خريستودوليدس أنّنا «على ثقة بأنَّ الحزمة التي نعلنها اليوم ستُعزّز قدرة السلطات اللبنانيّة على مواجهة التحديات المختلفة بما في ذلك مراقبة الحدود البريّة والبحريّة وضمان سلامة المواطنين، وأيضا مكافحة تهريب الأشخاص ومتابعة مكافحة الإرهاب»، مشيراً إلى أنَّ «التطوّرات في منطقتنا تحتّم على الاتحاد الأوروبيّ الاستجابة في وقت حسّاس جداً، وهذا اللقاء يؤكّد أنَّ الاتحاد حاضر بفاعليّة وسيستمرّ بحضوره ودعمه للبنان».

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى