رياضة

إنجاز المغرب الفريد…. حين يغدو الإلهام لقباً

من قال بأن الإنجازات الكبيرة والمُدهشة، تكمن فقط في حمل الكؤوس وحصد الميداليات؟ من قال بأن الإلهام حكرٌ فقط على صاحب المركز الأول؟ وهو فقط من يحق له إدراج اسمه في كتاب الأساطير؟ ففي مونديال قطر كسر منتخب المغرب القوالب النمطية لفكرة البطل المُلهم، وغدا عناصره بتوقهم لرفع اسم بلادهم ومقارعة الكبار، قدوة للعالم أجمع ولعشرات السنين.
حين سُحبت قرعة كأس العالم، من كان يتخيل أن يرى منتخب المغرب بين الأربعة الكبار؟ بالتأكيد من تابع أخبار المغرب وتألق أسوده مع أنديتهم. ومن ثم مفرق الطرق التاريخي المتمثل بإقالة وحيد خليلوزيتش والتعاقد مع الوطني المميز وليد الركراكي، توقع تألقاً لحكيم زياش ورفاقه في كأس العالم، ولكن لم يكن أحدنا ليجرؤ على وضعه في نصف النهائي، على بعد خطوة من مباراة يتمنى خوضها كل لاعب كرة قدم حول العالم. جاء الركراكي ليزيح كل خلاف ويوحد الصفوف، فدخل أبناء المغرب كأس العالم واثقين من أنفسهم ومؤمنين بما لديهم من عقلية وموهبة، وتقدموا المباراة تلو الأخرى، مستفيدين من دعم أنصارهم وأنصار كل المنتخبات العربية والأفريقية لهم. الدعم الجماهيري اللامحدود ضاعف من العطاء الفني والبدني لأسود الأطلس أمام منتخبات متمرسة في المونديال مثل بلجيكا وإسبانيا والبرتغال. حتى مع فرنسا خاض المنتخب المغربي مباراة شجاعة وخلق لاعبوه فرصاً مواتية جداً للتسجيل، أحدها لم يقف سوى التوفيق بوجهها وهي دبل كيك الياميق.
يكفي أن نقول بأن المنتخبين تعادلا فقط بعدد التسديدات بين الخشبات الثلاث، 3 لكل منتخب، بقية أرقام المباراة كلها في مصلحة المغرب، نسبة السيطرة وعدد التمريرات.
ستبقى صور لاعبي المغرب وهم يعانقون أمهاتهم وعائلاتهم حاضرة بالأذهان لأنها تمثل صدقاً عفوياً في مشاعر الفخر والعرفان بدور العائلة. بالتأكيد في الأدوار الإقصائية المهم في النهاية، هو نتيجة المباراة، وأن مثل هذه اللقاءات تلعب ولا تكسب وهذا بالتحديد ما جاء لأجله منتخب المغرب. فالمدرب وليد الركراكي قالها صراحة؛ بأن هدف المغرب ليس فقط خوض دور أول قويّ وترك انطباع جميل مثلما حدث في مونديال روسيا بل الذهاب إلى أبعد نقطة ممكنة، وفعلاً هذا ما كان… برأس مرفوعة وعيون تفخر بنفسها قال ياسين بونو أحد نجوم المونديال هذه الكلمات.
وهي مفردات يجب أن تحفز المنتخب المغربي في المباراة ضد كرواتيا لأن المركز الثالث هو بطولة مصغرة في حد ذاتها، والفوز بها يأتي كأجمل مكافأة على كل الجهود الجبارة التي بُذلت من اللاعبين والكادر الفني والإداري والجماهير التي لم تدخر جهداً قبل المباراة بساعات وأيام وبعدها، لترديد مقولة خالدة «ديما مغرب». كل التوفيق للمنتخب المغربي في مباراته الأخيرة في العرس العالمي بمواجهة نظيره الكرواتي غداً السبت ليصبح ثالثاً على العالم في اللعبة الشعبية الأولى.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى