مانشيت

مجلس النواب الأميركي يفشل لأول مرة منذ 100 سنة بانتخاب رئيس… والاحتمالات مفتوحة / حزب الله والتيار متفقان على التمسك بالتفاهم… وأمام تحدي إدارة الخلاف الرئاسي / سجال الكهرباء يكبر بين ميقاتي وفياض… والعلية وبستاني على «التوتر العالي» /

كتب المحرّر السياسيّ
لم يعد مجلس النواب اللبناني وحده في الفشل الانتخابي، بعد مشهد لم تعرفه أميركا منذ مئة عام فشل خلاله مجلس النواب الأميركي بانتخاب رئيس كان مفروضاً أنه محسوم لصالح زعيم الكتلة الجمهورية كيفن مكارثي بعد فوز الجمهوريين بأغلبية مقاعد مجلس النواب، ورغم ست دورات انتخابية لم ينل مكارثي الأصوات الـ 218 اللازمة كي يتم إعلانه رئيساً، بعدما رفضت كتلة من عشرين نائباً جمهورياً منحه أصواتها. وفشلت المفاوضات الداخلية في الحزب بالتوصل إلى اتفاق بين التيار الجمهوري التقليدي الداعم لمكارثي والتيار المتشدّد الداعم للرئيس السابق دونالد ترامب، وبدأ الحديث في أوساط المجلس عن فرضيات مثل تفاهم مكارثي مع الديمقراطيين لضمان الفوز مقابل تفاهمات على رئاسات اللجان ووجهة التشريعات، بما يعني إبطال قيمة الفوز بالأغلبية لفرض السيطرة على أبرز اللجان والتحكم بالتشريعات؛ بينما هناك فرضية ثانية تقول بإمكان الديمقراطيين الدخول على الخط عبر التفاهم مع كتلة صغيرة من الجمهوريين تمثل المعتدلين، لتأمين فوز مرشح وسطي يتم الاتفاق عليه. والخياران لا سابق لهما في تاريخ مجلس النواب والحياة السياسية والحزبية الأميركية.
لبنانياً، على الصعيد السياسي أكدت مصادر حزب الله والتيار الوطني الحر أن كلمة الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله أعطت الضوء الأخضر للاتصالات لترتيب موعد لقاء بين قيادتي الطرفين لفتح النقاش الذي قال الطرفان إنه بات ضرورياً لتنقية التفاهم بينهما وصيانته، خصوصاً أن الفريقين يؤكدان عزمهما على الحفاظ على التفاهم، ولا نية لدى أيّ منهما للخروج منه، ولا يرى مصلحة له وخطه السياسي وأهدافه الوطنية بخسارة بهذا الحجم، لكن المصادر السياسية المتابعة للعلاقة بين الحزب والتيار تقول إن التحدي الذي يواجه الحوار ليس بالسعي للاتفاق السياسي، الذي أظهرت التجربة أنه غير مضمون دائماً، وأن الخلاف في النظر لتحالفات يقيمها أي طرف منهما واردة، وكذلك لخيارات انتخابية بما فيها الانتخابات الرئاسية قد لا يمكن التوصل لتفاهمات حولها، والسؤال هو هل يبقى التحالف مجدياً على قاعدة التعايش مع خلافات بهذا الحجم؟ وتحديداً هل يتحمل التيار قبول التحالف على قاعدة تمسك حزب الله بفهمه لحجم التحالف الذي يجمعه بحركة أمل، وبفرضية سير حزب الله بخيار رئاسي مختلف عن خيار التيار؟ وبالمقابل هل يقبل حزب الله بأن يكون ثمن الحفاظ على التفاهم مع التيار منح التيار حق الفيتو على تحالفات الحزب الأخرى وخياراته الرئاسية؟
على ضفة سياسية موازية، تحوّل السجال بين التيار الوطني الحر ورئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي، الى توتر مرتفع، كانت الاتهامات المتبادلة بين ميقاتي ووزير الطاقة وليد فياض بالغياب عن ملف الكهرباء هي التوتر المنخفض، ما استدعى تدخل رئيس هيئة الشراء العام جان العلية من جهة، والنائبة ندى البستاني من الجهة المقابلة، لرفع درجة التوتر والاتهامات، حيث اتهمت بستاني ميقاتي بالتراجع عن قرار موقع منه بمنح سلفة خزينة للكهرباء ثم التراجع عنها، واتهم عليه وزير الطاقة بالتصرف من خارج القانون بطلب قدوم باخرة الفيول قبل إتمام معاملاتها القانونية وفتح الاعتماد المصرفي، والتسبب بخسائر مالية نتيجة بقائها في البحر.
وأشارت مصادر مطلعة على موقف الحزب لـ«البناء»الى أن كلام السيد نصرالله عكس توجهاً واضحاً لدى الحزب بضبط النفس ولجم التصعيد وفتح أفق الحوار بين التيار والحزب وبالتالي صفحة جديدة وضبط السجالات الإعلامية وترك الحديث في الملفات والنقاط الخلافية للحوار في الغرف المغلقة وضرورة إبقاء سبل الحوار مفتوحة». وأكدت المصادر أن «كلام السيد الأخير يعبر عن توجه صادق بتنقية العلاقة من الشوائب وتطوير تفاهم مار مخايل لكي يواكب التغيرات والأحداث والضغوط ومصالح الطرفين وإيجاد صيغ للتفاهم على الملفات الخلافية وإن حاول التيار تسريب بعض الأجواء في الرد على كلام نصرالله بأن «العبرة في التنفيذ». وعلمت البناء في هذا السياق عن تواصل سيحصل بين الحزب والتيار بين رئيس التيار الوطني الحر النائب جبران باسيل ورئيس وحدة الارتباط والتنسيق في الحزب وفيق صفا خلال الأيام القليلة المقبلة لبحث كل البنود الخلافيّة وإعادة قراءة العلاقة في ضوء المرحلة الماضية والمقبلة وأهمها الملف الرئاسي، كما جرى تشكيل لجنة حوار بين الطرفين لمواكبة ومتابعة الحوار في كل الملفات.
وفسّرت المصادر كلام السيد نصرالله بأن الحزب لا يترك حلفاء له مهما اشتدت الضغوط وتعرّض للاتهامات وانتقادات إلا إذا رغب الحليف بذلك بسبب ضغوط داخلية أو خارجية أو حسابات متناقضة.
وقالت مصادر التيار والحزب لـ«البناء»إن لا توجه لدى الطرفين لفض التحالف بل العكس العمل يجري لتعزيز وتحصين عناصر قوة هذا الاتفاق بالحوار والتفهّم والتفاهم، لكن الأمر سيأخذ وقتاً وقد يتعرّض لعقبات سنعمل على تجاوزها.
وعمّم التيار الوطني الحر أجواء في الإعلام مفادها أن «كلام الأمين العام لحزب الله لطيف وإيجابي تجاه التيار الوطني الحر، لكنه غير كافٍ وحده لمعالجة الخلل الذي حصل». وأشارت الى أن «السيد نصرالله قال إن تواصلاً سيحصل بين التيار والحزب، نحن بانتظاره علّه يعالج المشكل الكبير الذي وقع. فالتيار لا يسعى الى خلاف مع الحزب، وهو لم يطعن بأحد في حياته ولن يفعل تحت أي ظرف كما أنه لا يسحب يده الّا اذا فعل الآخر ». وأكدت أن «الأمر أكبر بكثير من علاقة حزبين، بل علاقة شراكة بين مكوٌنات البلد، باهتزازها يهتز التفاهم والبلد وصيغة التفاهم فيه والحرص على التفاهم يجب أن يكون اولاً بالحرص على العيش الواحد المتشارَك فيه، ويترجم بأداء مختلف عمّا هو قائم ».
ولا يزال الجمود سيّد الموقف في الملف الرئاسي، بانتظار الحراك المتوقع لرئيس مجلس النواب نبيه بري قبل أن يدعو لجلسة لانتخاب الرئيس الخميس المقبل. في حين تترقب الأوساط الداخلية اللقاء المرتقب في باريس الذي سيجمع وفق معلومات «البناء»«الولايات المتحدة الأميركية وفرنسا والسعودية على مستوى شخصيات دبلوماسية في وزارات الخارجية أو مستشارين وخبراء رئاسيين، ويعقد اللقاء منتصف الشهر الحالي ولم يُحدّد التاريخ وهو لقاء تشاوري ليس أكثر، سيجري تقييماً للأوضاع السياسية والاقتصادية في لبنان وسبل تقديم مساعدات وضرورة انتخاب رئيس للجمهورية وتأليف حكومة إصلاحية وإنقاذية وإقرار القوانين التي يطلبها صندوق النقد الدولي، لكن لن يدخل المشاركون في الأسماء ولو كانت دولهم تفضل مرشحين معينين أو مواصفات ما».
ووفق معلومات «البناء»فإن حراكاً داخلياً بدأ بين عدد من الكتل النيابية ليست بنشعي بعيدة عنه، وهناك وسطاء يتحركون بين مقار قيادية عدة لمحاولة التوصل الى حد أدنى من التفاهم يفتح الباب أمام تفاهم أوسع.
وشددت أوساط ثنائي حركة أمل وحزب الله لـ«البناء»«تمسك الثنائي برئيس المردة سليمان فرنجية وأنه لم يطرح أسماء مرشحين آخرين، وغير مستعدّ لدعم وصول أي مرشح آخر في الوقت الراهن، مع إبقاء باب الحوار مفتوحاً مع الجميع على مرشحين آخرين بشرط أن يحظوا بتفاهم أغلب الكتل النيابية، وهذا متعذر حتى الساعة في ظل الاصطفافات النيابية القائمة»، وكشفت الأوساط أن الثنائي «لن يسير بمرشح النائب باسيل، الوزير السابق جهاد أزعور، فضلاً عن أن الثنائي ليس وحده من يقرر في هذا الاستحقاق واي اسم يجب أن يحظى بالتوافق السياسي العريض وبالغالبية النيابية المطلوبة وبالنصاب القانوني اللازم وأي كلام آخر مضيعة للوقت وتعطيل لانتخاب الرئيس واستنزاف إضافي للبلد».
في غضون ذلك تملأ الأطراف السياسية الوقت الضائع والفراغ الرئاسي بالسجالات والاتهامات، لا سيما على جبهة السراي الحكومي – ميرنا الشالوحي التي شهدت اشتباكاً كهربائياً على خلفية مرسوم سلفة الكهرباء، ما انعكس عتمة في مختلف المناطق اللبنانية بعد خروج معمل دير الزهراني عن الخدمة.
وأبرزت عضو تكتل لبنان القوي النائبة ندى البستاني عبر تويتر وثيقة تظهر أن الرئيس ميقاتي أعطى موافقة استثنائية لفتح اعتماد بواخر الفيول. وقالت: «عن دستورية الموافقة الاستثنائية، كيف بـ٢٣ كانون الأول ما كان في لزوم لمجلس وزراء وما كان في مشكلة بفتح الاعتمادات واليوم فجأة صار في لزوم وصار في مشكلة؟؟!!».
فردّ المكتب الاعلامي لميقاتي بالقول إن البستاني «تغافلت عن مسألتين أساسيتين وردتا بوضوح في متن قرار الموافقة : الأولى: الاشارة الواضحة الى وجوب صدور مرسوم بالسلفة المشار اليها (صفحة ٣ من القرار) وليس كما حاولت عبثاً إغفال هذه الواقعة عن الرأي العام وأن تبدلا ما قد حصل . الثانية: وجوب التقيد المطلق بتنفيذ بنود الخطة الموضوعة من قبل مؤسسة كهرباء لبنان، اي الايضاح رسمياً من قبل المؤسسة كيفية إعادة هذه السلفة للخزينة، حتى لا تلحق بكل السلف السابقة ».
وأضاف: «إما في الشق الدستوري، فننصح مَنْ يوجّه السيدة البستاني بوجوب لفت نظرها الى التوقف عن التدخل في عمل السلطة التنفيذية والمشاركة في نقاشات تخص السلطة التنفيذية نيابة عن الوزير المختص، الحاضر الغائب، متناسية دورها النيابي. أما في ما يتعلق بالإشكالية المالية والقانونية المتعلقة ببواخر الفيول، فنحيل الرأي العام على ما ورد اليوم على لسان رئيس هيئة الشراء العام الأستاذ جان العلية».
وكان العلية قد دخل على خط الاشتباك وأكد أنه «مستمر بمطالبته بإخضاع كل الصفقات العموميّة للتدقيق الجنائي. فالتدقيق في مصرف لبنان غير كافٍ . ولفت في مؤتمر صحافي الى أن «صفقات وزارة الطاقة كانت تتم خارج الاسس والمبادئ القانونية على مدى 10 سنوات ووزراء الطاقة يخالفون القوانين ويرمون التهم لتغطية مخالفاتهم». فردت البستاني عبر «تويتر»: «بعد مرّة سبقناك بطلب تدقيق جنائي بوزارة الطاقة ومنشد على إيدك بهيدا الموضوع. اكتر من هيك لازم تشرح للرأي العام انو حسابات وزارة الطاقة موجودة بمصرف لبنان وبوزارة المالية وتطالب معنا بالتدقيق الجنائي هونيك كمان… هيدي نصيحة لمصداقيتك إذا بعدها موجودة»…»وأرفقت التغريدة بمجموعة تغريدات سابقة.
ووضعت أوساط التيار حملة العلية على التيار في إطار دعم ميقاتي بآراء قانونية «غب الطلب»، كما استغربت وضع معمل دير الزهراني خارج الخدمة لتحميل التيار مسؤولية عرقلة إقرار مرسوم سلفة الكهرباء في مجلس الوزراء، وهذا ما يتخذه ميقاتي ذريعة لعقد جلسة حكومية.
وكانت مؤسسة كهرباء لبنان أعلنت في بيان أن «خزين معمل الزهراني من الغاز أويل قد نفد بالكامل، ما سيضع هذا المعمل الحراري الوحيد العامل حالياً، قسراً خارج الخدمة».
ويبدو أن «اشتباك المراسيم»بين السراي وميرنا الشالوحي آيل الى مزيد من التصعيد، إذ تقدّم أمس الوزيران هيكتور حجار وعصام شرف الدين بطعن بمرسومَين يتعلّقان بملفّ الكوستابرافا أمام مجلس شورى الدولة.
وعلمت «البناء»أن وزراء التيار الآخرين سيتوجهون خلال الأيام المقبلة الى تقديم طعون بمراسيم أخرى متعلقة بمرسوم مساعدات اجتماعية وترقيات الضباط وغيرها، وشدّدت مصادر التيار»لـ«البناء»على أن معركة إصدار المراسيم مثل معركة انعقاد مجلس الوزراء لن نتهاون فيها، بل سنواجه أي تعدٍّ على صلاحيات رئيس الجمهورية وموقعه.
وعلمت «البناء»أن موضوع عقد جلسة لمجلس الوزراء كان محل نقاش بين قيادة الحزب وميقاتي وكان موقف الحزب التأكيد على ضرورة الحوار والتفاهم بين ميقاتي وباسيل على عقد أي جلسة حكومية لكي لا يتكرر ما حصل في الجلسة الماضية، كما سينسق وزراء الحزب مع التيار في أي جلسة مقبلة.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى