مقالات وآراء

خطورة التآمر على لبنان وكيفية المساهمة في التصدي

 المحامي عمر زين*

ان الضياع القيادي والشعبي حول المصير الوطني بحاجة لحوار واسع لتحديد القواعد الواجب اعتمادها للوصول إلى الخلاص والإنقاذ، وقد أصبح هذا الأمر واجباً لا يمكن الاحجام عنه، فالفراغ الرسمي في كل المؤسسات قد حصل، والفوضى الإدارية شاملة، وتعطيل دور المجلس النيابي المنتخب حديثاً واقعاً مستمراً، الى ان وصلنا للفوضى القضائية بل الى انحلال السلطة القضائية وهذا كله يشير الى علامات مصير أسود للوطن والمواطن، ولم يبقَ سالماً سوى الاجهزة الامنية التي تمثل الملاذ الأخير.

لقد بشرتنا الاجهزة الاستخباراتية العالمية، بأن القضاء على دولة ما هو في استهداف قضائها، وتفكيك سلطاتها الامنية بعد تحطيم اقتصادها، لتعم الفوضى في الحياة الاقتصادية والصحية والامنية، وهذا منشور في كل الوسائل من تقارير وكتابات وتصاريح لمسؤولين سياسيين وأمنيين بالدول الاجنبية.

لن ادخل بالتحاليل ولو انها ضرورية، لكن أصبح الداء معروفاً في طول البلاد وعرضها، غير أن المطلوب هو الدواء الشافي لداء الفراغ الحاصل، ولداء المشاريع المشبوهة الواردة من ذات المرجعيات الاستخباراتية التي يروج لها بأنها المطلوبة للإنقاذ، لكنها بالواقع هي نتيجة لثمرة الفوضى والفراغ التي أصبنا بها، ومن هذه المشاريع «الفيدرالية»، ويعني ذلك تمزيق اتفاق الطائف والدستور الصادر على اساسه والطعن بالثوابت العشر التي وردت في مقدمته.

أولاً: نطرح بالنسبة للفراغ المعالجات التالية:

 الضغط بكل الوسائل لانتخاب رئيس جمهورية يمثل مشروع وفاق وطني.

 التمسك بالميثاق الوطني والدستور دون اي شيء آخر.

 تنظيم مؤتمر وطني عام يضم كل القوى الحية في المجتمع اللبناني حيث كفى التقوقع الحاصل للمجموعات القائمة والوطنية بامتياز.

 اطلاق برنامج مرحلي على مستوى الوطن يجمع ولا يفرق.

 وضع خطة عمل تنظيمية عنوانها التشبيك الشعبي من الناقورة جنوباً حتى النهر الكبير شمالاً.

 لما كانت البلديات تشكل الإدارة المدنية الرسمية المنتخبة، لا بد من محاولة العمل على التشبيك فيما بينها لولادة برلمان شعبي على مستوى الوطن.

 تكوين لجان محلية في كل المحافظات والاقضية والبلديات لتكوين تنفيذ البرلمان الشعبي المشار اليه من ممثلي المجالس البلدية الذي يتعدى عددها 1300 بلدية، وعند تعذر ذلك تحل هذه اللجان محل البرلمان المشار اليه، مع الأخذ بعين الاعتبار مدى تأثير الطغمة الفاسدة السياسية على المواطنين بشتى انواع الترهيب والترغيب.

 العمل على إنشاء صندوق مالي وطني شعبي لدعم المؤسسات الأمنية (الجيش/الأمن الداخلي) قبل فوات الاوان ووصول الفوضى إلى صفوفها.

 ان ما حصل من فوضى غير مسبوقة في القضاء اللبناني مؤخراً نتج عنه فراغاً مريباً بحيث جرى هدم سلطة ضامنة للعدالة والأمن والاستقرار مما يقتضي معه التحرك سريعاً نحو هذه السلطة لمحاولة رأب الصدع الحاصل، واعادة الرابط التنظيمي القضائي، والتقيد بالأصول القانونية، وعلى مجلس القضاء الاعلى تحمل مسؤولياته والتدخل الفوري والجدي والمسؤول لانهاء هذه الحالة الشاذة.

يلاحظ من الاقتراحات الواردة اعلاه ان نطاقها شمل الـــ 10452 كلم2 / لبنان وليس لمحافظة أو قضاء معين، مع الاشارة بأن اعلان العصيان المدني صالح للنقاش شعبياً لجهة المبدأ والتنفيذ والنتائج المحتملة.

ثانياً: بالنسبة للفيدرالية:

يبدو أن الفيدرالية  المتحدث عنها لدى البعض القصد منها إنهاء الدولة اللبنانية وتشكيل نظام يحاكي التعدد المجتمعي الطوائفي، والبعض الآخر الذي دعا الى المؤتمر التأسيسي الذي من نتائجه ستكون حتماً ما اقترحه دين براون مبعوث الرئيس الاميركي جيرارد فورد عام 1978 للمسألة اللبنانية اي كونتونات بصريح العبارة، ومن نتائج هذا المؤتمر ايضاً (التقسيم) حيث قال ان هناك اتفاق روسي (ايام الاتحاد السوفياتي) اميركي لتقسيم لبنان الى اربع دويلات مسيحية، وشيعية وسنية ودرزية اي الغاء لبنان الرسالةكما ان ما حصل في المؤتمر الدائم للفيدرالية الذي عقد الأسبوع الفائت حيث ورد فيه من اراء وبوضوح ان لبنان الكبير فشل كتجرية، وأن اتفاق الطائف ودستوره اصبحا بحكم المنتهيان ويهدف تحرك هؤلاء جميعاً للتقوقع الطائفي والمذهبي.

هذا وحيث إن ما يهمنا الان هو ما يروج له، في ظاهره وكأنه حالة تنظيمية ادارية داخل الدول لكن في مضمونه تكمن الكراهية والتنابذ والعنصرية والطائفية والمذهبية وكلها تؤدي الى التقسيم الحتمي، وهذا ما ترغبه وتعمل له كل الدوائر الاستخباراتية لتقسيم كل الدول العربية الى دول مذهبية وطائفية وعرقية تحت شعار ما يسمى بحقوق الاقليات، وهذا ما حصل في العراق وما يسعون لتنفيذه في سوريا ولبنان وباقي الدول العربية لتنفيذ خريطة التقسيم.  

فما هو ردنا على ذلك؟؟

يجب الوقوف بقوة وبكل الوسائل المتاحة ضد هذه الفئة المروجة للفيدرالية والكونفيدرالية.

التمسك بالميثاق الوطني والدستور وتنفيذ كل ما ورد به من نصوص دون أي تأخير.

تشكيل تيار دستوري لحماية الميثاق الوطني والدستور والسهر على التنفيذ.

التأكيد على ان كل سلطة من السلطات هي واحدة ولا يجوز تفريعها، مع تأكيدنا على استقلال كل منها.

نحن ذاهبون الى انتخابات بلدية في ايار القادم من هذه السنة او في السنة القادمة، فعلينا واجب وطني بالتوجه لكل البلدات والعمل مع عائلاتها وقواها المحلية لتقديم احسن ما عندهم من اصحاب الاختصاصات بشتى الميادين الحياتية لتفوز بمجالس بلدية لها القدرة على الانماء والحفاظ على البيئة والصحة وتطوير كل الاجهزة البلدية لخدمة المواطن، وعلينا التحرك سريعاً كي لا تكون نتائج الانتخابات البلدية كنتائج الانتخابات البرلمانية، والعمل مع المجلس النسائي اللبناني لتعديل قانون البلديات لتضم المجالس البلدية نسبة لا تقل عن 50% من المواطنات كي تكون الادارة المحلية ممثلة فعلياً لبلداتها، وهذا ما يجب ان نشدد على توفيره ليس في البلديات فحسب بل على كل مستويات السلطات في تحركاتنا المقبلة من مؤتمرات ولقاءات وحلقات وندوات لضمان النجاح الشامل.

اننا مع الأسف الشديد نعيش حالة مشابهة لعشية عام 1975 فعلينا واجب التصدي بكل الوسائل المتاحة بوجه ما يحصل لنبقى على أرض الوطن، والانطلاقة لا تكون الا بتأكيد المواطنة، وكتاب التاريخ الواحد، والمدرسة الرسمية وتعزيزها، ووضع قيود على المدارس الخاصة لخدمة دولة المواطنة والقانون.

*الأمين العام السابق لاتحاد المحامين العرب

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى