نقاط على الحروف

السيد نصرالله: فائض قوتكم مقابل فائض قوتنا أبعد من الترسيم

 

ناصر قنديل

ــ منذ كلام نائبة وزير الخارجية الأميركية باربرا ليف عن لبنان قبل شهرين، وإشاراتها الواضحة إلى ربط الحل في لبنان بمعادلة، يجب أن تسوء الأمور أكثر حتى ينزل الناس إلى الشارع، ثم القول، البناء من تحت الرماد أفضل، وقيادة حزب الله تدقق في الخط البياني لسعر الصرف لرؤية تسارع ذهاب الأوضاع الى الأسوأ، وتراقب الشارع والجهات التي تتحرّك فيه، وحسابات أخذ البلد الى الفوضى، على قاعدة البناء من تحت الرماد. وتأتي كلمة الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله تتويجاً لهذا الرصد والترقب والمتابعة، لتقول إن الأميركي ينفذ ما وعدت به باربرا ليف، فلم يحدث من قبل أن قفز سعر الدولار بزيادة 100% خلال ثلاثة شهور كما فعل بين شهري تشرين الثاني 2022 وشباط 2023، بالانتقال من سعر الـ 40 الف ليرة الى سعر الـ 80 ألف ليرة، ومشهد الشغب اليومي يعود إلى شوارع بيروت، والانسداد السياسي الطائفي يخيّم على الاستحقاق الرئاسي والمؤسسات النيابية والحكومية، ما يعني بالنسبة لحزب الله وجود خطة تريد الضغط ثم الضغط أكثر وأكثر حتى يتم فرض خيارات رئاسية وسياسية تلبي دفتر الشروط الأميركي.
ــ ينطلق الأمين العام لحزب الله من حصيلة مفاوضات ترسيم الحدود البحرية التي قالت إن الأميركي الذي كان يبتزّ لبنان بأزمات مركبة كي يفرض عليه مشروعاً إسرائيلياً لترسيم الحدود البحرية، اعترف بحصيلة المواجهة بأمرين، الأول أن قراءة حزب الله لموازين القوى التي لوّح السيد نصرالله بتحويلها حرباً على “إسرائيل” ما لم يتم التراجع عن المفهوم الإسرائيلي للترسيم، هي قراءة صحيحة ودقيقة. والثاني أن الأميركي والإسرائيلي بفعل هذه القراءة الصحيحة لحزب الله مستعدان للتراجع ودفع الفدية اللازمة لتجنب الحرب، لكن السيد نصرالله ينطلق من وجود خلفية وراء هذه القراءة عنوانها، الانتقال الأميركي من المسرح الذي يملك فيه حزب الله فائض القوة، وهو مسرح الحرب العسكرية مع “اسرائيل”، الى مسرح المواجهة المالية حيث فائض القوة أميركي، وتسييله فوضى متنقلة لبنانياً يملك الأميركي من رصيد ثورة 17 تشرين ما يكفي لإدارتها، للانتصار على حزب الله في صناعة المعادلة السياسية اللبنانية، تعويضاً للفشل الذي انتهت إليه الانتخابات التي أراد لها الأميركي إنتاج أغلبية واضحة متماسكة في مواجهة حزب الله وحلفائه.
ــ الحرب حلقات متسلسلة ومتصلة من وجهة نظر حزب الله، والمواجهة تدور حول موقع لبنان الاستراتيجي في المنطقة بين حزب الله وأميركا، والباقي تفاصيل. والمناورة الأميركية المتمثلة بتفادي المواجهة حيث يملك حزب الله فائض قوة محسوماً، والذهاب إلى المسرح الذي يمكن صرف فائض القوة الأميركي فيه واستدراج حزب الله الى المواجهة فيه، هو حلقة من حلقات هذه الحرب، وحزب الله الذي هضم إنجاز الترسيم وفهم دروسه ومعادلاته، يدرك أن التلاعب بنتائج حقوق لبنان من النفط والغاز مفتوح طالما أن المواجهة مستمرة، كما يدرك ان الحلقة الراهنة من المواجهة تدور عبر الاستحقاق الرئاسي حول الثوابت الاستراتيجية وليس حول التفاصيل الداخلية اللبنانية، ولذلك ما قاله السيد نصرالله هو استرداد فائض القوة والجهوزية المستمرة للمقاومة الى ساحة التفاوض غير المباشر الذي يدور بين الطرفين المتقابلين، حزب الله وأميركا، ليقول ارفعوا أيديكم عن اللعبة الداخلية لنستعيد لبننة الاستحقاق الرئاسي. وهذا يعني الامتناع الأميركي عن صرف فائض القوة المالي والأمني الذي يراد له أن ينتهي بالفوضى وتحويل لبنان الى رماد يسهل البناء من تحته وفقاً لمعادلة باربرا ليف، مقابل مواصلة حزب الله الامتناع عن صرف فائض القوة العسكري الجاهز للصرف في حرب بوجه “إسرائيل”. فثمن هذا الامتناع عن الحرب أكبر من معادلة الترسيم، ويطال رفع اليد الأميركية وفتح الطريق للبننة الاستحقاق وعدم اللعب بنار الفوضى والأرض المحروقة، لأن الحريق سيكون كبيراً وشاملاً وعابراً للحدود.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى