أولى

رسائل المقاومة إلى العالم…

‭}‬ شوقي عواضة
عمدت الولايات المتحدة الأميركيّة إلى فرض المزيد من العقوبات والحصارات الاقتصاديّة على بعض الدّول التي ترفض الهيمنة الأميركيّة عليها أو التّدخّل في شؤونها وتقاوم مشروعها في المنطقة. وبذلك أنهت دور الأمم المتحدة بل وتخطّتها بدرجاتٍ قياسيّةٍ في اتخاذ الإجراءات التي تتلاءم مع مصالحها.
فمنذ العام 1993 بدأت وزارة الخزانة الأميركيّة بفرض عقوباتٍ اقتصاديّةٍ طالت 35 دولة حتى بات دور وزارة الخزانة الأميركيّة أكثر أهميّة من وزارة الحرب، ووضعت استراتيجيّة جديدة بنت على أساسها منهجيّة عدوانها الاقتصادي وفقاً لما يلي:
1 ـ استهداف كلّ الدّول والجهات والأفراد التي تعارض سياسات الولايات المتحدة الأميركيّة وعزلهم ووضعهم ضمن قائمة الإرهاب و(أعداء أميركا الرّئيسيين).
2 ـ تحديد تلك الدّول والجهات والعمل على محاصرتها اقتصادياً ووضعها على قوائم الإرهاب بدءاً من كوريا الشّمالية وإيران وسورية والعراق والقاعدة ووصولاً إلى حركات المقاومة في فلسطين ولبنان والعراق وفي مقدّمتها حزب الله وتجميد أصولها الماليّة وفرض حظر في التّعامل معها.
3 ـ وضع استراتيجيّاتٍ اقتصاديّةٍ جديدة للسّيطرة على الموارد الماليّة في تلك الدّول والتّحكّم فيها وفي مقدّمتها المصرف المركزي والمصارف الخاصّة وفرض عقوبات على بعض المؤسّسات والشّركات والأفراد بتهمة الإرهاب.
4 ـ تجنيد أكبر عددٍ ممكن من وسائل الإعلام وإعلاميين واستخدامهم كأبواقٍ للحرب الجديدة يعملون على تشويه الحقائق وتزويرها لتسهيل مهمّة الحصار.
5 ـ إدارة عمليّات الحصار من داخل الدّول عبر السّفارات الأميركيّة بالتّعاون مع بعض الأفرقاء والجهات السّياسيّة في الدّاخل ونشر الفوضى.
بذلك بدأت الولايات المتحدة الأميركيّة حربها الاقتصاديّة بالتّعاون مع بعض أنظمة الخليج كالسّعودية والإمارات (العربية المتحدة) والهدف من كلّ تلك الحرب إضعاف حركات المقاومة وإسقاطها وحماية الكيان الصّهيوني المؤقّت ومحاولة فرض عمليّة (السّلام) على المنطقة بأسرها وتحويل هذا الكيان اللّقيط إلى «كيان طبيعي» يتعايش مع محيطه.
لغاية الآن ورغم كلّ العقوبات والضّغوطات التي تمارسها الولايات المتحدة الأميركيّة لم تستطع تحقيق أيّ إنجاز على مستوى الأهداف الرّئيسة للعدوان رغم قساوة العقوبات التي طالت سورية من خلال قانون قيصر ولبنان من خلال فرض المزيد من العقوبات ورفع سعر الدّولار وحمايتها للفاسدين في الداخل الذين يستكملون الحصار الأميركي بفسادهم وجشعهم… رغم كلّ ذلك عجزت الولايات المتحدة وحلفاؤها من منع طفلٍ فلسطيني قام بطعن ضابط في جيش الاحتلال «الإسرائيلي» وهي أعجز من أن تؤمّن للكيان سلامها المفقود لكن لم يمنعها ذلك من التّصعيد أكثر إلى أن بلغ السّيل الزّبى.
فالولايات المتحدة الأميركيّة التي تمارس قرصنتها على تلك الدّول لم تضع في استراتيجيّات حروبها العسكريّة والاقتصاديّة أبسط القواعد التي تقول إنّ الضّغط يولّد الانفجار أو كن على حذر من الحليم إذا غضب.
لربما لم تتعظ إدارة بايدن من التّجربة التّاريخيّة للأميركيين في لبنان عام 1982 حين أعيد جنود نخبتهم من المارينز أشلاء في صناديق وأكياس من النايلون. لم يتعظ الأميركي من الحروب التي خاضتها المقاومة في لبنان وفلسطين عندما كان يتحوّل دوره من لصٍّ وقاطع طريق إلى وسيطٍ لإيقاف الصّواريخ عن تلّ أبيب قلب الكيان ونقطة ضعف الأميركي.
لم يضع الأميركي في حساباته أنّ حصار غزّة لم يفلح في منعها من إطلاق الصّواريخ على المستوطنات، وفشل فشلاً ذريعاً في جنين التي أرعبت بمقاومتها نخبة جنود الاحتلال الصّهيوني على اعتابها وأذلّتهم. وهي نفس المقاومة التي خرج سيّدها ككلّ مرّة واضحاً وصريحاً ليقول للأميركيين إنّهم إذا أرادوا زرع الفوضى في لبنان فـ «أنتم ستخسرون كلّ شيء» ونحن مستعدّون لزرع الفوضى في كلّ المنطقة وأعني مع ربيبتكم «إسرائيل»…
وإنّ على الأميركيين أن يعلموا أنّه إذا دفعوا لبنان إلى الفوضى وتألّم الشّعب اللّبناني فهذا يعني أنّنا لن نجلس ونتفرّج على الفوضى وسنمدّ يدنا إلى من يؤلمكم حتّى لو أدّى ذلك إلى خيار الحرب مع حبيبتكم «إسرائيل»…
وإذا علمنا أنّ هناك تسويفاً في موضوع استخراج النّفط والغاز من حقولنا فنحن لن نقبل أن يستخرج العدو الغاز من كاريش، ونحذّر من التّسويف…
رسائل سيد المقاومة سرعان ما تلقفتها وسائل الإعلام «الإسرائيلية» باهتمام، حيث نقلت قناة «كان» العبرية في أول تعليق لرئيس حكومة العدو الأسبق نفتالي بينيت «انّ إسرائيل تمرّ بإحدى أخطر المراحل». أما الباحثة في معهد الدراسات الأمنية «الإسرائيلية» أوريت بيرلوف فقد وصفت خطاب السيد نصر الله بالمثير والمقلق حيث ربط للمرة الأولى بين الانهيار الاقتصادي في لبنان بالحرب مع «إسرائيل».
أما محلل الشؤون العسكرية أمير بوخبوط فقد أشار الى أنّ نصرالله أجّج في خطابه التحريض في الضفة والقدس الشرقية وهو يقوم بالتحريض على تنفيذ هجمات ويقوم بتمجيد منفذي العمليات.
كلّ ذلك يعني انّ العدو يدرك يقيناً انه أمام وضع تصاعدي على مستوى الداخل والخارج وانّ عملية رفع سقف العقوبات لن تجدي نفعاً ولن تأتي اُكُلها على المستويين الداخلي حيث تزداد وتيرة العمليات النوعية العسكرية للمقاومين الفلسطينيين في عمق الكيان الصهيوني كمّاً ونوعاً وعلى المستوى الخارجي في ظلّ ما ذكره موقع بخدري هخرديم العبري من انّ إيران ترسم خرائط أماكن التجمعات اليهودية خارج إسرائيل»، في حال وقوع هجوم إسرائيلي. والهدف هو مهاجمة الجاليات اليهودية في العالم إذا تمّت مهاجمة المواقع النووية الإيرانية.
وفي ظلّ خطاب الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله حيث يدرك العدو بأنّ سيد المقاومة إذا وعد صدق وما عليهم سوى انتظار المفاجآت في الداخل ومن الخارج…

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى