أخيرة

دبوس

 

حلب وجنين إلى حين

كلما فاقم هذا العدو المريض من غلوائه ومن تطرّفه ومن إهداره لكلّ الأحكام والمواثيق التي تحكم العلائق الإنسانية، وتبقي على حدّ معيّن من المقدرة على المحافظة على التميّز الإنساني طوباوياً، كلما استبشرت خيراً، وتألق الأمل في ذاتي بأنّ النهاية باتت وشيكة، اضرب أيها الوحش مطار حلب لتمنع المدَد الإنساني لمنكوبي الزلزال، اقصف أيها المختلّ البيوت الآمنة بالصواريخ في مخيم جنين، مارس ما تشاء من العربدة والمروق من دون روادع او موانع، فالإنسان في داخلك قتل منذ أمدٍ بعيد، ولربما قبل ان تتورّط في الصلب حتى الموت لسيد القتال بالكلمة، والتسامح، والغفران…
في مقدمة إحدى التوثيقيات عن الممارسات العنصرية الهمجية لإنسان هذا الكيان الصهيوني اللقيط، تقبض إحدى الفتيات «الإسرائيليات» من العرق الأشكينازي الميكروفون، وتخاطب جمهوراً من المأفونين الفاقدين لأيّ قدر من الانتماء الى الإنسانية كما نعرفها، وتخاطبهم قائلة، انظروا اليهم، تتكلم عن الأقليات السمراء القادمة من أفريقيا لكسب لقمة العيش، انظروا إليهم، بأشكالهم وروائحهم الكريهة، كيف يتربّصون بنا خارج بيوتنا، انني أرى في عيونهم وفي نظراتهم إليّ، الكراهية والحقد والرغبة بقتلنا، أراها جلية واضحة، يتهموننا بأننا نريد أن نقتلهم او نتخلص منهم، أنا فخورة بهذا الاتهام، اذا كان قتلهم سينقذ حياتي، أنا فعلاً أفخر بذلك، إذا أدّى لإنقاذ حياتي.
أعطِ ما تتفوّه به هذه الفتاة «الإسرائيلية» الى أيّ دكتور نفسي في العالم، سيقول لك بلا تردّد، إنّ هذه الفتاة تعاني من بارانويا حادة مزمنة تستدعي نقلها الى مشفىً للأمراض النفسية.
محاولات إيلاج هذا الخليط المريض ضمن كيانات إنسانية أخرى هي محاولات لا يمكن أن يُكتب لها النجاح، وهي تفتقر الى إدراك السياقات الفطرية والطبيعية، تكوين نفسي مركب بالغ التعقيد والنشوز، ويفتقر كيميائياً الى المقدرة على التواؤم والتناغم مع تكاوين البشر الأخرى، لا يمكن بكلّ المعايير ان يُكتب له البقاء، هو يحمل في صميم تكوينه بذور فنائه ونهايته الحتمية.
سميح التايه

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى