«القومي» يفتتح دورة الاستشهادية سناء محيدلي للإعداد الإعلاميّ بحفل حاشد في قاعة الشهيد خالد علوان ببيروت
حردان: نسعى لإعلام يرفع البطاقة الحمراء بوجه نظام طائفي يستعصي على التغيير
ومفروض على اللبنانيين بإرادة خارجية واستطاع تقسيمهم رعايا طوائف ومذاهب
قنديل: الوظيفة المحورية للأفعال الاستشهادية هي خوض معركة العقول والقلوب في جبهة الأمة وجبهة أعدائها وهذه أكبر المهام التي ينهض بها الإعلام وأعظمها
وكيلة عميد الإعلام رمزا صادق: عازمون على مواصلة الصراع بكلّ الأشكال والأساليب والأدوات ومنها الإعلام الهادف سلاحاً فاعلاً في معارك التحرير
حردان: وحدة الحزب عندنا هي أولاً وثانياً وعاشراً… والمجلس الأعلى مدّد سنة
للمجلس القومي الذي هو للكلّ… ونحن نثق بإرادة القوميين الاجتماعيين
} متمسكون بعناصر قوة لبنان وملتزمون حمل المسألة الفلسطينية
ولن نحيد عن خياراتنا وقناعاتنا وثوابتنا
} نحن مع سورية لأنّ سورية هي الحاضنة والداعمة للمقاومة
وهي التي منعت تقسيم لبنان وساهمت في صناعة سلمه الأهلي
وإعادة بناء مؤسسات الدولة
} على الحكومة اللبنانية أن تبادر إلى زيارة دمشق والعمل على إعادة العلاقات الى طبيعتها المميّزة… وندعو إلى إخراج ملف النازحين من ميدان المزايدات والتحريض والاستثمار ووضعه في سياقه الطبيعي ومعالجته بالتنسيق والتعاون بين الحكومتين
أطلق الحزب السوري القومي الاجتماعي خلال حفل اقتتاح حاشد في قاعة الشهيد خالد علوان، في بيروت، دورة الاستشهادية سناء محيدلي للإعداد الإعلاميّ، التي تنظمها عمدة الإعلام في الحزب وصحيفة «البناء»، بعنوان: «الإعلام سلاح الحق والمعرفة» ـ «المعرفة قوة».
حضر حفل الافتتاح رئيس الحزب الأمين أسعد حردان، رئيس المجلس الأعلى الأمين سمير رفعت، نائب رئيس الحزب الأمين وائل الحسنية، وعدد من المسؤولين المركزيين ومسؤولي المناطق.
كما حضر رئيس تحرير «البناء» النائب السابق ناصر قنديل وعدد من المحاضرين في الدورة يتقدّمهم مسؤول العلاقات الإعلامية في حزب الله الحاج محمد عفيف، غسان جواد، يونس عودة، فاطمة طفيلي، ثريا عاصي، وفاء بهاني، زياد ناصر الدين ورمزي عبد الخالق.
بداية النشيد الوطني اللبناني، ونشيد الحزب السوري القومي الاجتماعي.
ثم كلمة عمدة الإعلام في الحزب، ألقتها وكيلة عميد الإعلام رمزا صادق، رحبت فيها بالحضور، مسؤولين ومحاضرين ومشاركين، وقالت:
في نيسان سناء، حريٌ بنا أن نكرّمها مع كل الشهداء والاستشهاديين، وقد ارتأينا أن يكون التكريم هذا العام هادفاً واستثنائياً، فكان القرار بأن نطلق هذه الدورة الإعلامية باسم سناء وتحت شعار “الإعلام سلاح الحق والمعرفة” ـ “المعرفة قوة”.
وبإسم عمدة الإعلام في الحزب السوري القومي الاجتماعي، أتوجّه بالشكر إلى حضرة رئيس الحزب الأمين أسعد حردان لأنه صاحب القرار بإقامة هذه الدورة مواكباً كل تفاصيلها ودقائق التحضير لها.
نعم، شكراً حضرة الرئيس الجزيل الاحترام، وأنت المقاوم المؤتمن على دماء الشهداء وتضحياتهم وتخليد ذكراهم.
والشكر لرئيس تحرير صحيفة البناء القومية، الأستاذ ناصر قنديل على جهده ومساهمته في وضع برنامج الدورة. والشكر موصول إلى السادة المحاضرين في هذه الدورة.
أضافت صادق: في نيسان سناء ومالك كما في كلّ الشهور والسنوات، يستمر الحزب السوري القومي الاجتماعي في أداء دوره الأساس في كل ميادين الصراع، وأحدها ميدان الإعلام.
فنحن تعلّمنا في مدرسة الشهيد القدوة ـ باعث النهضة السورية القومية الاجتماعية أنطون سعاده ـ أننا نخوض حرباً واحدة في جميع الاتجاهات، ما كانت، ولا هي كائنة، ولن تكون في أيّ يوم من الأيام إلا حرب عزّ لأمتنا وشعبنا.
نحن الذين ما برحنا ساحات الجهاد منذ تأسيس الحزب، سنبقى فيها حتى إنجاز النصر الذي بات أقرب إلينا من حبل الوريد.
وختمت: في سبيل تعزيز مكامن القوة لتحقيق انتصارات أمتنا العظيمة، تنطلق اليوم دورة الاستشهادية سناء محيدلي، لنؤكد من خلالها أننا عازمون على مواصلة طريق الصراع وبكلّ الأشكال والأساليب والأدوات، وإننا نرى في الإعلام الهادف حامل القضية، سلاحاً فاعلاً في معاركنا، يضاف إلى أسلحتنا الأخرى. فنحن أصحاب قضية، ونناضل بشرف من أجل انتصارها. ولذلك فإنّ هذه الدورة، تهدف إلى إعداد كوادر إعلامية تؤدي رسالة الإعلام على قواعد مهنية وأخلاقية نصرة للحق والحرية.
قنديل
وألقى كلمة جريدة البناء رئيس تحريرها النائب السابق ناصر قنديل، ومما جاء فيها:
تطرح دورة إعداد الكادر الإعلامي التي ينظمها الحزب السوري القومي الاجتماعي تحت اسم الشهيدة سناء محيدلي مجموعة من القضايا التي تستحق الإشارة والتأكيد:
أولاً: إنّ نهوض الأمم والتصدي للتحديات العظام التي تمثل قضايا النهوض، من مواجهة الاحتلال والعدوان إلى تعزيز الوحدة والخروج من مشاريع التقسيم والتفتيت، وصولاً لبناء الدولة الراعية والناظمة للنهوض، هو عمل نبيل ينهض به الأبناء والبنات البررة في كل أمة، من موقع آلامهم أو أحلامهم، أو كليهما، لكنهم سرعان ما ينتبهون إلى أن النشاط الفردي يعني الوقوف عند حدود رد الفعل الموسمي المتفرق زماناً ومكاناً وموضوعاً، والعجز بالتالي عن امتلاك خطة تحقق التراكم في الأفعال حتى تصنع لحظة إنجاز يصبّ فيها مجموع الأفعال بصورة منسقة يمكن لها بلوغ لحظة الفعل الإيجابي القادر على تحقيق التغيير المنشود، سواء بإزالة احتلال، أو توحيد أمة، أو بناء دولة. وتقول تجارب البشرية إن هذا الفعل هو عمل مقدّس ينذر ابناء وبنات الأمة أنفسهم لإنجازه، وأن الأحزاب المنظمة وفقاً للعقائد التي تتيح لها تشكيل بنية عقلية ونفسية وعاطفية صلبة، هي أعظم أشكال هذا التنظيم وأكثر أنواعه تأثيراً وضماناً لبلوغ الأهداف، وأن الأحزاب التي تنطلق من عقائد تشبه تاريخ الأمة وتستوحيه في قوالب نظرية حية وغير معلبة، هي أكثر الأحزاب قدرة على النمو، وأن الأحزاب التي ينهض بها قادة عباقرة استثنائيّون يرسمون مسارها ويشكلون بسيرتهم الأقرب الى سلوكية الأنبياء والقديسين، بعبقريتهم وتضحياتهم وتواضعهم ومهاراتهم، هي أكثر الأحزاب قدرة على البقاء وتجاوز العقبات والتعقيدات الكثيرة التي سوف تعترض المسيرة، في هذا الاشتباك الملحمي للأمة مع أعدائها، الذين يتفوقون بالمقدرات والسلطة. وعلى حزب النهوض بالأمة ان يعوّض التفوق بعظيم الروح والتنظيم، ولعل هذا ما منح موقعاً متميزاً وقدرة فائقة على تجاوز المحن الداخلية والمؤامرات الخارجية للحزب السوري القومي الاجتماعي الذي صاغ نظامه وأسس لتنظيمه عبقريّ عظيم من بلادنا هو الزعيم انطون سعاده، الذي أنهى حياته بشجاعة وقفة عز استثنائية بملمحيتها التي لا تزال منارة للأجيال، وترك خلفه ميراثاً هائلاً من النظريات والأفكار يقدم لنا كل يوم دليلاً على أنها صالحة لأيامنا كأنها كتبت اليوم، حيث كل يوم يقول بأولوية الصراع مع الكيان الغاصب لفلسطين، وبأن المقاومة المسلحة هي الطريق، وبأن وحدة كيانات الأمة شرط ملازم لتحرّرها، وبأن وحدة النسيج الاجتماعي لمكوّناتها عنصر الحصانة اللازم لمواجهة مشاريع التفتيت، وبأن الأخلاق قيمة مضافة في السياسة وحدَها تعصم مسيرة الأحزاب من السقوط.
ثانيا: أن الأفعال الاستشهادية في تاريخ الأمم ونضالها نحو الحرية والوحدة والتحرر، هي أعظم المنارات التي ترافق سيرة ومسيرة النهوض، وهي بخلاف الظاهر، لا تستمد قيمتها من حجم تأثيرها المادي على موازين القوى اللحظي مع العدو، بل من حجم الإلهام الذي تمثله في مسيرة النهوض والمقاومة، وما تشعله من روح الحماس والمعنويات والثقة في نفوس العشرات والمئات من شباب وصبايا الأمة، وتستمر تفعل ذلك على مدى الأجيال، وبدرجة موازية تستمدّ أهميتها من حجم الأثر التدميري لنفسية مجتمع كيان الاحتلال، بما تظهر من درجة تمسك مجتمعنا بحقوقه وحريته وتحرره، وصولاً للاستشهاد، وتظهر درجة الحزم والتنظيم في خيار المقاومة، بما يدبّ اليأس والإحباط في نفوس القادة والجنود في جبهة العدو، ويفتح باباً وحيداً أمام العدو وهو الانسحاب. وهذا يعني أن الوظيفة المحورية للأفعال الاستشهادية هي خوض معركة العقول والقلوب في جبهة الأمة وجبهة أعدائها، وهذه أكبر المهام التي ينهض بها الإعلام وأعظمها، وعندما تحمل دورة الكادر الإعلامي اسم الشهيدة سناء محيدلي، فهي تقول للمشاركين إنهم مدعوون لمقاربة مهمتهم بالروح التي يعيشها الاستشهاديون في إخلاصهم وتنسكهم وتفانيهم وصولاً إلى ذوبانهم كأفراد في تلك اللحظة.
ثالثاً: إن الفعل العظيم للثورات وحركات التحرير الكبرى، تأسس على فعل إعلامي تنويري شكل القاعدة الصلبة لها، بل إن تاريخ البشرية القديم والحديث، يقول إن الاعلام بما هو خوض معارك الرأي والجدال والإقناع وصولاً لكسب العقول والقلوب في جبهة الأمة، واصابتها بالتشوش والاحباط في جبهة اعدائها، وسلاح هذا الفعل هو الكلمة، هو القاعدة التأسيسية لكل فعل تاريخي عظيم، هذا ما قاله السيد المسيح كقائد لثورة المعذبين والمظلومين بقوله، في البدء كان الكلمة، وهذا ما مضى به مع تلامذته يدرّبهم ويعلمهم ليكونوا كوادر إعلامية تحمل رسالته، ويجوبون بها أصقاع الأرض مبشّرين برسالته، يكسبون لها المؤيدين ويفككون من حولها جبهات العداوة. وهذا فعله الإسلام كدعوة ورسالة تحررية تاريخية عظيمة فكان سلاحه الأول هو القرآن، فحشد فيه أولاً جاذبية لا تضاهى في إعجاز البلاغة، والحكايات وحجج الإسناد والأفكار الفلسفية لتثبيت قواعد الرسالة التي بشر بها النبي محمد، وكان كل من السيد المسيح والنبي محمد داعية وخطيباً ومحاوراً ومتحدثاً، وكانت التراتيل وأجراس الكنائس أدوات إعلام تلك الأيام ومثلها كان الآذان وكانت الأحاديث، وكان بلال الحبشي الأجمل صوتاً مؤذن الرسول علامة الاهتمام بالموهبة والمهارة والإتقان في المعركة الإعلامية، كما كان مع الإمام علي نهج البلاغة والخطب الحيّة حتى يومنا هذا، ومن قبل ومن بعد ارتبط تاريخ كل نهضة وتحرّر باسم خطيب لامع وفيلسوف عبقريّ، من الإغريق وخطب سقراط وأفلاطون، الى ثورة الإمام الخميني والفارق في ادوات النشر، وبينهما تشرشل الذي قيل إنه حول اللغة الإنكليزية الى جيش مقاتل، وديغول الذي احتار الناقدون في توصيفه أديباً ام خطيباً ام قائداً سياسياً.. هكذا هو تاريخ الملاحم البشرية العظيمة من مدوّنات جلود الحيوانات وورق البردى الى ثورة الكاسيت، وصولاً لما تقدمه التقنيات الحديثة مع ثورة الاتصالات والمعلوماتية، لا ثورة دون جرس ولا رسالة دون مؤذن، ولا نهوض لأمة دون كتاب، والإعلاميّون هم استشهاديو المهمة اليومية التي يسقطون فيها شهداء كل يوم لينهضوا عن صلييهم في اليوم التالي نحو استشهاد جديد.
رابعاً: لقد وقع التباس نموذجيّ ناجم عن السجال الذي خاضته قوى المقاومة الحية ضد دعوات التخاذل والاستسلام، تحت عنوان الموقف من المقاومة المسلحة، فبدا كأن التمسك بالمقاومة المسلحة خياراً وحيداً للحرية والتحرر والتحرير، نوعاً من التمجيد اللاواعي للعمل المسلح والتهوين اللاواعي بمكانة كل ما له صلة بدور الكلمة، وتكوّنت طبقة سميكة في اللاوعي لدى بعض المناضلين والمقاومين، تصنف العمل السياسي والثقافي والإعلامي بصفته تخصصاً ثانوياً يتولاه كسالى الثورات والمقاومات، أرستقراطيتها وبيروقراطيتها، بما هو عمل تقنيّ بحت، في ساحة فعل مساند، بينما يتولى المناضلون الحقيقيون العمل العسكري وبطولاته ويقدمون جسيم تضحياته. وهنا كان لا بد من أن يبذل قادة الثورات والمقاومات جهداً استثنائياً لإعلاء شأن البعد الثقافي والإعلامي والسياسي، بما هو التكوين التأسيسي الذي ينهض عليه الإيمان وينبثق منه بالتالي الفعل الميدانيّ العسكريّ بصفته أحد أنواع ترجمة الوعي. وهنا ولد مصطلح المثقف المشتبك، أي المنخرط في حركة الصراع المسلح والسياسي، لكن المؤسس على الوعي والثقافة وفعل العقل، وهكذا كان أنطون سعاده نموذجاً ومثالاً للمثقف المشتبك، وكان كلام القائد الشهيد الحاج عماد مغنية عن الروح التي تقاتل وتفصيله لكيفية قتال الروح بالاستثمار على بعد ثقافيّ فكريّ سياسيّ وإعلاميّ، وكان كلام الكثيرين من القادة الذين أدركوا أن العمل العسكري الذي لا ينبثق من مشروع صاغه العقل وترجمته الكلمات وتوّجه الوعي، هو مجرد فعل براني لا يغير وجهة حركة الصراع. كما أن الكلام الثوري الذي لا يترجم أفعالاً نضالية في طليعتها المقاومة المسلحة هو لغو فارغ. ونحن لسنا هنا لنقوم بعمل تقنيّ تخصصيّ صرف، بل لنحترف مهمة إعادة تشكيل العقول والقلوب في مختبر استيلاد المثقف المشتبك الذي يرفد ساحة الاشتباك التاريخي للأمة بمقاومين ومناضلين يعرفون جيداً ماذا يفعلون ويتقنون جيداً ما يفعلون.
خامساً: يعيش العالم منذ سقوط جدار برلين وانهيار وتفكك الاتحاد السوفياتي، تحت ضغط متزايد لثورة التكنولوجيا الحديثة، وما أدخلته من تغييرات بنيوية على نظريات الحرب الحديثة، ما جعل الإعلام ساحة اشتباك تتسع رقعته وتزداد أهميته، لينتقل من كونه مشاركاً في الخطوط الخلفية في الحروب إلى شريك كامل وصولاً إلى تحوّله الميدان الأهم والأشد خطورة في العقدين الأخيرين، حيث يقع الإعلام سواء عبر الوسائل التقليدية أو الوسائل الحديثة المتمثلة بالدور الخارق لوسائل التواصل الاجتماعي، في موقع البديل لحاملات الطائرات والجيوش المدرعة، كما تقول الثورات الملونة، وما سمي بالجيل الخامس من الحروب أو بالحرب الناعمة. فالحرب هنا هي إسقاط الداخل من الداخل عبر تغيير المفاهيم وسلم القيم والمعايير الأخلاقية والتلاعب بالهويات والعبث بالأديان، وإنشاء طوائف جديدة وعقائد دينية مزورة، وصولاً الى إنشاء جيش عالمي غاضب مليء بالكفاءات الفنية والثقافية، يشكله المثليون الذين ينتمي جزء كبير منهم إلى الطبقات الوسطى والارستقراطية، وهو جيش يكبر يوماً بعد يوم ليشكل الرصيد الاحتياطي للمشروع الأميركي، والى جانبه جيش شديد التجهيز والقدرة على الحركة، خصوصاً على وسائل التواصل الاجتماعي، تشكله آلاف جمعيات المجتمع المدني المموّلة بسخاء من الحكومات والشركات ورجال الأعمال، على مساحة العالم الغربي، للقيام بمهام تعجز عنها جيوش الغرب نفسه، جيش عدّته المعلوماتية متكاملة، ممتدة في عشرات الاختصاصات التي تشكل عنوان كل جمعية من هذه الجمعيات، من البيئة إلى العنف ضد المرأة، والمياه والكهرباء ومكافحة الفساد، واللاجئين، وصولاً الى حقوق الإنسان والتدريب على الديمقراطية، وفي خلفية كل هذه الحرب علوم وبرمجيات للتحليل والفك والتركيب لما يُسمّى بالداتا الشخصية المجمعة لمئات ملايين البشر عبر وسائل التواصل، بصورة لم يعد ممكناً معها النظر للاستعداد الإعلامي لقوى المقاومة والحرية والتحرير والتحرر بصفته مجرد عمل تعبويّ للحرب التي تشهدها ميادين القتال، بعدما صار هو وجه من وجوه الحرب قائم بذاته، يتحول أحياناً كثيرة الى وجهها الرئيسي، ولا يمكن الفوز بهذه الحرب بعدة تقتصر على الإيمان، إذا افتقدت المهارات والكفاءات والخبرات.
سادساً: يعيش لبنان منذ عقود في مرحلة عنوانها إعلامياً فقدان الاستقلال المالي لوسائل الإعلام، مع تراجع العائدات الإعلانية لكل مؤسسات الإعلام اللبناني بما فيها التي اعتادت تكوين إمبراطوريات مالية من عائد الإعلان، وصار التمويل السياسي مشروطاً بما هو أبعد وأخطر من نموذج السبعينيّات، حيث كان تمويل الدول العربية والأجنبية يسدد في الغالب بمشاركة هذه الدول تمجيد قادتها في مناسباتها الوطنية وإصدار أعداد خاصة بهذه المناسبات، بينما صار اليوم التمويل ضمن برنامج يعني وضع اليد على المؤسسة الإعلامية ورسم سياساتها، والتحكم بضيوف برامجها، فشهدنا طفرة الشتائم بدلاً من النقاش السياسي، والتحريض الطائفي وبثّ سموم العنصرية، ونشر الأخبار الكاذبة، وتعميم السطحيّة والتفاهة، والترويج لسلم قيمي قائم على الترويج للشذوذ، الثقافي والديني والأخلاقي، وكما ضعفت الدولة أمام الطوائف ضعفت أكثر أمام وسائل الإعلام المحصّنة بالطائفية من جهة، والاحتماء وراء القدرة على تحويل المساءلة القانونية إلى معركة حريات من جهة موازية، ما حتم الحاجة الى امتلاك قدرة إعلامية مستقلة تبني عليها قوى المقاومة والنهضة خطتها، وتتمكن عبرها من الإسهام في تصحيح المشهد الإعلامي المشوّه، وتمنح لمعركة الإعلام شعاراً هو الحاجة إلى عودة الروح، بعدما فقد الإعلام روحه، فحل القصّ واللصق مكان الكتابة والإبداع، وحلّت سرقة الحقوق الفكرية مكان النشاط المهني المحترم والمحترف، وصارت النميمة سياسة وإعلاماً، وصار الدسّ والفبركة أدوات مهنية، وصار قبول الرشوة من قبل الإعلاميين شطارة، وضاقت الصدور بالحوارات والمناظرات القائمة على الحجة والمنطق ليحل مكانها الصراخ والسباب وتبادل الضرب بالكراسي، وبات اقتحام ميدان الإعلام من جيش من الاعلاميين المؤسسين على الأخلاق والثقافة والمهارة والإتقان، شرطاً لعودة الروح.
وأضاف رئيس تحرير جريدة البناء: لقد كان سعاده خطيباً مفوّهاً ومتحدثاً لبقاً ومجادلاً من الطراز الأول، لكنه كان كاتباً فذاً وفيلسوفاً مجدداً متميزاً، وهو شهيد الحزب وعقيدته الذي لم يرفّ له جفن أمام رصاص الجلاد، فلا تقبلوا طموحاً أقل من ملاقاة ما قدّمه من مثال، فإن نجحتم بنيل بعض ما كان عنده بتواضع السعي الدؤوب والطموح العظيم، قدّمتم الفرصة لإحداث التغيير النوعي في أحوال بلدكم وأمتكم. وكما نطلب منكم أن لا تقبلوا أقل من ذلك، فلن نقبل منكم أقل من روح الاستشهادية سناء في الشعور بالمسؤولية والتفاني والذوبان في المهمة التي نذرتم أنفسكم للقيام بها، وبمقدار ما أمام مهمتكم من تحديات أمامها من فرص، فأنتم تعيشون زمن الفوضى الفكرية والفلسفية وانعدام اليقين، والضياع الثقافي وما ينتجه تدفق المعلومات الكثيف من تشوّش وسطحية وسيادة لثقافة السخافة والتفاهة، والبدع المشوهة أخلاقياً، والنزعات الفردية المريضة، والكسل والهروب من كل فعل مثابر ونشاط يحتاج الى الإتقان، لكنكم تعيشون زمن انهيار قبضة مشروع الهيمنة الأحادية التي حكمت العالم لعقود طويلة، وها هو فجر التوازنات الجديدة يطل على العالم، وقد كانت أمتنا ومقاومتها وصمود كياناتها الحية، السباقة في صناعة المناخ الذي ولدت منه هذه التحولات، فولا المقاومة وعبقرية وإخلاص ونورانية قائدها سماحة السيد حسن نصرالله أطال الله بعمره، ولولا صمود سورية ورؤيوية وثبات وشجاعة وفروسية قائدها الرئيس الدكتور بشار الأسد حماه الله، ولولا ما قالته كل من المقاومة وسورية بالوقائع الحية من أن إلحاق الهزيمة بالمشروع الأميركي أمر ممكن، لما كتبت الصفحات التأسيسية لتاريخ هذا الصعود الذي نرى طلائعه دولياً مع أدوار قيادية حاسمة لدول عظمى مثل روسيا والصين، تتقدّمهما إيران التي تحملت وحيدة أعباء التصدي لمرحلة التفرّد الأميركي ببسط السيطرة على العالم لعقد كامل، بقيادة استثنائية تعاقب عليها الإمام الخميني العظيم والإمام الخامنئي حفظه الله، ومثل ما يجري على مساحة العالم يجري في لبنان، فمن جهة مزيد من الفجور الطائفي ومزيد من وقاحة الفساد، ومزيد من مؤشرات الانهيار، ومن جهة ثانية يتأكد كل يوم أن لا نهوض لبلدنا دون خريطة طريق يتقدمها الانتقال ولو بالتدريج بعيداً عن النظام الطائفي الذي استنفد قدرته على تقديم الأجوبة على اسئلة الأزمات التي جلبها للبلد، كما يتأكد ان لا خريطة طريق للنهوض لا يكون في قلبها تماسك وتكامل لبناني سوري بعيداً عن خطاب الانعزال والعنصرية، كما يتأكد أن لا أمل بنهوض لا يتكامل مع معادلات الردع التي أنتجتها المقاومة في مواجهة خطر الاحتلال والعدوان، وأن لا استقرار لأي من بلدان المنطقة بمعزل عن دوره في حركة المواجهة التي تخوضها الأمة وينهض بها شعبنا في فلسطين، وتلك حقائق قام عليها حزبكم كما أسسه سعاده، فأنتم الأولى والأجدر بحمل لوائها بشجاعة لا تتراجع ووضوح لا يصيبه تشويش وعزم لا يلين.
وأكد قنديل: أنتم تنضمون الى دورة إعداد تتجنّد خلالها في خدمتكم قبضة من خيرة الخبرات التي أنتجتها تجارب ثقافة المقاومة والمواجهة؛ رجال ونساء شكلوا علامات فارقة في مجال المواجهة الأهم والأخطر في السباق على العقول والقلوب. واسمحوا لي بتوجيه الشكر لهم وقد تطوّعوا لتقديم زاد خبراتهم وتجاربهم بين أيديكم فانهلوا منهم ما يتاح لكم بلا تردد، اتبعوهم بالأسئلة، كونوا أصدقاء لهم تواصلون فرص الحصول على المزيد بعد نهاية الدورة، لا تدعوهم يفلتوا من ملاحقتكم لنيل المزيد حتى الثمالة.
واسمحوا لي أن أحييهم فرداً فرداً، معالي وزير الثقافة المثقف المبدئيّ محمد وسام مرتضى، محاضراً عن البعد الثقافي والعقائدي في الكادر الإعلامي، والمسؤول الإعلامي في حزب الله الإعلامي المقاوم الحاج محمد عفيف محاضراً عن المقاومة الإعلامية والمقاومة العسكرية وتفاوت الإمكانات مع العدو، والأديب والإعلامي اللامع رفيق نصرالله حول قواعد التعامل مع الكاميرا والمشهديّة التصويريّة والصوتيّة، وعن الإعلام الإلكتروني كعلم وفن وصناعة الإعلامي المتعدد المواهب وصاحب الحضور الأستاذ غسان جواد تعاونه الإعلامية الخبيرة وفاء بهاني، وعن اللغة وقواعد لا بد من مراعاتها في الإعلام الإعلامي المثقف والمخضرم الأستاذ المحترم توفيق شومان، والزميل المناضل والإعلامي يونس عودة المتعدد الخبرات في الحوار التلفزيوني والإعلام الالكتروني، والأستاذين القديرين ثريا عاصي ورمزي عبد الخالق بخبرتهما المتخصصة في صناعة النص حول صناعة النص الإعلامي، وعن الإعلام الحربي من موقع الخبرة والتجربة صاحب اوسمة الإصابات المتعددة الإعلامي الجدير حسين مرتضى، وعن مخارج الحروف وقواعد النطق والتنفس في الخطابة والحوار الأستاذة المتخصّصة فاطمة طفيلي، وعن تنظيم الإعلام الإلكتروني بين الإدارة والتنظيم والتفاعل الإعلامي الصاعد بتجربة ناجحة
وراسخة الأستاذ الشاب علي أحمد، ويقدّم المقاوم الإعلامي شوقي عواضة قراءة من موقع الخبرة والتجربة في تجارب إعلامية ونموذج محور المقاومة، وعن مضمون الخطاب الإعلامي في الخطاب الاقتصاديّ الخبير المثابر الذي فرض حضوره بجدارة الأستاذ زياد ناصر الدين، وأتشرّف بأن أكون معهم في خدمتكم، تحت عناوين محاضرات ومشاركات خلال الدورة، حول عناوين تتصل بأصول وقواعد الخطابة والحوار التلفزيونيّ وأتيكيت الحضور التلفزيوني ومضمون الخطاب السياسيّ ومهارات الكادر الإعلاميّ.
وختم: كل التمنيات لكم بالتوفيق والنجاح، وكل الشكر للأساتذة المحاضرين والمحاضرات والتحية للحزب السوري القومي الاجتماعي ومؤسسه وزعيمه وشهدائه وخصوصاً الشهيدة سناء محيدلي التي منحت اسمها لهذه الدورة، ورئيسه ومناضليه، على أمل بزوغ قريب لفجر وحدة الحزب، وكل التحية لمقاومتنا وأمتنا وشعبنا المقاوم في فلسطين.
حردان
وألقى رئيس الحزب السوري القومي الاجتماعي الأمين أسعد حردان كلمة جاء فيها:
أن يرتبط اسم الاستشهادية سناء محيدلي بدورة إعلامية تنظمها عمدة الإعلام في الحزب السوري القومي الاجتماعي وصحيفة البناء اليومية، فهذا لأننا نولي أهمية للإعلام دوراً ورسالة، وفي الوقت نفسِه هو تكريمٌ لسناء ولكلّ الشهداء، وترسيخ لثقافة المقاومة، وتأكيدٌ على أنّ المقاومة هي خيار الشعوب الأمثل والأوحد حين يُعتدى عليها وتُحتلّ أراضيها.
الإعلام ليس مرآةً للواقع وحسب، بل هو وسيلة شديدة التأثير والفاعلية في مسار ارتقاء أيّ مجتمع أو تدميره، ولذلك نحرصُ على تذخيره بثقافة المقاومة وثبات الهوية وأصالة الانتماء، لأننا نريد الارتقاء بمجتمعنا وتحصينه بقيَم الحق والحرية وكل معاني السيادة والكرامة وصونه بالعدالة الاجتماعية.
ولأنّ لبنان يشهد واقعاً مزرياً، ومرآته متصدّعة ولا تعكس إلا تشوّهات واقعه، نرى ضرورة إعادة الاعتبار للمعايير الأخلاقية في وظائف الإعلام، والمعيار الأساس في هذا الصدد، إعلام أيقونته سناء وكلّ الشهداء والاستشهاديّين، وثقافته المقاومة التي أسقطت مقولة الضعف، ورسّخت معادلة القوة في مواجهة عدونا الوجودي.
وتابع: حين يُثقل التاريخ بالتزييف ويُغرق بالتزوير ويٌستباح بالتجهيل، وجبت الأفعال لتغيير مجراه، ونحن من الذين يمتلكون القوة والإرادة اللازمة لتغيير وجه التاريخ. والأفعال شرف ندّعيه، عن سبق إرادة مصمّمة وإيمان بقضية عظيمة وحقيقة راسخة، محورها التاريخ الذي كما قال سعاده “لا يسجل الأماني ولا النيات، بل الأفعال والوقائع».
ولأنّ التاريخ بوابة عبور الأمم والشعوب نحو مستقبلها، يصيرُ لزاماً ضبطه بوقائعه الصحيحة، ولنا في التاريخ، أفعالٌ ووقائعُ، رسمت صيرورته وحرّرته من سردية الأماني والنيات والأوهام. وهذا ليس ادّعاءً بل حقيقة ساطعة، والمثل والمثال بمن تنعقد هذه الدورة الإعلامية باسمها.
نعم، إنّ الأممَ الحيّة تنهض بموروثها الحضاري والتاريخي، بإنسانها المدرك لحقيقة انتمائه وهويته وقضيته، وباعتمال العقل، سبيلاً للمعرفة، وهذه معركة أساسية معنيون بمواصلتها، والانتصار فيها، ترسيخاً لقيم الحق والحرية، وتثبيتاً للانتماء والهوية وصوناً لكرامة الإنسان وقضيته.
وقال حردان: إنّ الفكرة الاستعمارية، تسلطاً وهيمنة وتفتيتاً، لا تتحقق إلا بتزييف تاريخ الأمم والشعوب وطمس هويتها الحضارية. وهذا ما استهدفته كلّ الحروب والغزوات على مرّ الزمان.
وإنّ ما تعرّضت له بلادنا من غزوات واحتلالات متتالية، عثمانية ثم فرنسية وانكليزية وصهيونية، اضافة إلى عدوانيتها، تعمّدت تصديع وحدة مجتمعنا، وعززت انقساماته الطائفية والمذهبية، تكريساً لواقع التجزئة الذي فرضته “سايكس ـ بيكو” ولقيام كيان الاغتصاب الصهيوني في فلسطين.
وأبعد من ذلك، فإنّ الدعاية الاستعمارية، أخذت تبحث عن مشروعية مزعومة للعدو الصهيوني بهدف تكريس احتلاله، ووجدت ضالتها في تزييف الحقائق، فكان الادّعاء بوقائع مزعومة عن مكتشفات أثرية، تظهر أثراً للغزاة الصهاينة في أرضنا، غير أنّ هذه المحاولات التي تجنّدت لها بعثات دولية غب الطلب وأنفقت من أجلها أموالاً طائلة، لم تحقق غرضها، فكلّ المكتشفات الأثرية في بلادنا وعبر كلّ المراحل والحقبات، دلّت على حضارات شكلت أساس الحضارة السورية.
وهنا، لا بدّ من السؤال، هل تلاشت الأفكار والمشاريع العدوانية المستهدفة أمتنا، أم أنها تعثرت وتتهيّأ للانقضاض مجدّداً وبطرق مختلفة؟
هو سؤال مطروح على عقولنا، والجواب واضح. إنّ المشروع المعادي الذي يستهدف تفتيت بلادنا، هو ذاته يمنع وحدتها، ويعمق الانقسامات بين أبناء الشعب الواحد.
نعم، إلى اليوم، لا نزال كأمة وشعب في مربّع الاستهداف، فالقوى الحاملة للمشروع العدواني تريد فرض إرادتها بقوة البطش والطغيان، ومن خلال العدو “الإسرائيلي” الذي يعيث احتلالاً في فلسطين والجولان وأجزاء من لبنان، ويواصل جرائمه ومجازره بحق شعبنا.
أمام هذا التحدي المصيري، يجدر بنا أن نتصدّى وأن نواجه وأن نقاوم، بكلّ الأشكال والأساليب، وإننا نرى في الإعلام الهادف عنصر قوة في معركة الدفاع عن حقنا، ووسيلة مجدية لفضح الغطرسة العدوانية، أمام المجتمعات الإنسانية قاطبة، وهذه مسؤولية تقع على عاتق الجيل الشاب الجديد الذي نراهن على فعله ودوره في المجالات كافة، لا سيما في مجال الإعلام الذي نريده سلاحاً حقيقياً لتثبيت حقنا وصون قضيتنا وكرامة شعبنا وأمتنا.
نعم، الإعلام الذي نريده، هو إعلام المعرفة، لأن المعرفة قوة،.. ونريده سلاحاً فاعلاً ضدّ آفات الفساد والطائفية والتقسيم والتفتيت.
سلاحاً يضمن قيام مجتمع موحّد على أساس المواطنة والعدالة الاجتماعية، وهذه مهمة صعبة، لكنها ليست مستحيلة، فالمؤمنون بقضية عظيمة وبرسالة الحق والخير والجمال، جديرون بالمواجهة وقهر المستحيل.
إننا في خضمّ هذه المواجهة، نسعى إلى إعلام هادف غايته الحقيقة والارتقاء، لأننا أصحاب غاية نبيلة، ونعمل لوضع مداميك صلبة لوحدة أمتنا، وفي سبيل تحصين وحدة لبنان وسلمه الأهلي والحفاظ على مؤسسات الدولة فيه محصّنة بقوانين تكفل وحدة المجتمع ومصلحته العامة والانطلاق نحو دولة مدنية ديمقراطية قوية وقادرة وعادلة.
نعم، نسعى إلى إعلام يرفع البطاقة الحمراء بوجه نظام طائفي، يستمدّ استعصاءه على التغيير من عوامل تأسيسه، فهو فُرض على اللبنانيين بإرادة خارجية، واستطاع تقسيم مواطنيه، وتحويلهم إلى رعايا طوائف ومذاهب، وربط مصالحهم الجزئية بمرجعياتهم وأحزابهم الطائفية والمذهبية، تلبية لرغائب الخارج ومطامعه. وهذا يصعّب المهمة أمامنا، لكننا بالأمل والعمل، بالنضال والتضحيات، بالمثابرة والثبات، لن نتخلى عن مسؤولياتنا ودورنا، فنحن نريد لبنان نطاق ضمان للفكر الحر، ومنتمياً بهويته الواضحة الى محيطه القومي وعالمه العربي.
وإذ قال: إنّ فكفكة العقد التي تحول دون قيام دولة المواطنة، تتطلب إرادة مصمّمة وعملاً دؤوباً وأفعالاً تراكمية، وعقولاً مدركة ومعرفة مستدامة ونضالاً مستمراً، ونقطة البداية بالسير في تنفيذ كامل بنود الدستور اللبناني بما فيها الإصلاحات التي نصّ عليها اتفاق الطائف، ومثال على ذلك القسَم الذي يؤدّيه رئيس الجمهورية المنتخب متعهّداً بتطبيق الدستور، ولكن للأسف الشديد لم يُطبَّق الدستور حتى يومنا هذا، كلّ ما شهدناه هو أعراف سُجِلت وباتت واقعاً قائماً مكرّساً للطائفية، وكانت سبباً من أسباب الحرب الأهلية، ووقوداً للاقتتال بين اللبنانيين… لذلك نقول إنّ الإصلاحات التي نصّ عليها اتفاق الطائف ولاحقاً الدستور لم تطبَّق، وأولها إلغاء الطائفية وانتخاب مجلس نيابي من خارج القيد الطائفي، وفق قانون جديد للانتخابات النيابية وغيره من القوانين العصرية التي يتساوى فيها اللبنانيون في الحقوق والواجبات، وتحرّر لبنان من لوثة النظام الطائفي، فلبنان في ظلّ هذا النظام الطائفي لم يشهد استقراراً ثابتاً ولم يعرف اللبنانيون معه الأمان السياسي والاقتصادي والاجتماعي، أكد أنّ أخطر مظاهر انتشار المرض، قيام بعض اللبنانيين، الذين تحت ذريعة الحياد، يريدون بلادهم محمية غربية، ولا يرون في كيان الاحتلال عدواً وجودياً على الرغم من سجله المليء بالجرائم. وهذا البعض يروّج لتقسيم لبنان تحت مسمّى الفدرلة واللامركزية الموسّعة التي يُراد لها الابتعاد عن مبتغاها بتأمين الإنماء المتوازن الذي نص عليه الدستور.
انّ أحد أبرز أسباب الحرب الأهلية في البلد هو أحزمة الفقر والبؤس حول بيروت نتيجة غياب الإنماء المتوازن، وفلسفة اللامركزية الإدراية هي الإنماء المتوازن، ولكن الخشية في ظلّ الواقع الطائفي ان تتحوّل اللامركزية إلى تقسيم حقيقي مبطن، ونحن على طاولة الحوار رفضنا هذا المنطق بشكل مطلق.
لذلك نقول ليس مسموحاً التفريط بوحدة لبنان وكفى تعطيلاً للاستحقاق الرئاسي وكفى تحريض الخارج لتعميق الأزمات الاقتصادية التي تشكل تهديداً للأمن الاجتماعي.
نحن نريد لبنان منتمياً بحكم التاريخ والجغرافيا والمصير الواحد والمصلحة الوطنية إلى محيطه القومي وعالمه العربي، ومتمسكون بعناصر قوته. وملتزمون حمل المسألة الفلسطينية بكلّ ما أوتينا من عزم وقوة، ولن نحيد قيد أنملة عن خياراتنا وقناعاتنا وثوابتنا.
نحن مع سورية، لأنّ سورية هي الحاضنة والداعمة للمقاومة الظافرة بوجه الاحتلال والإرهاب والعدوان.
وسورية هي التي منعت تقسيم لبنان، وساهمت في صناعة سلمه الأهلي وإعادة بناء مؤسسات الدولة. ومنطق الأمور والمصلحة الوطنية، أن تبادر الحكومة اللبنانية، وفي هذا التوقيت بالذات، إلى زيارة دمشق، والعمل على إعادة العلاقات الى طبيعتها المميزة، وبحث كلّ الملفات ووضعها على طريق المعالجة، لا سيما ملف النازحين، وهذه قضية سبق لحزبنا أن بادر إلى طرح حلول لها، واضعاً كل طاقاته في سبيل إنجاحها، غير أن الذين استثمروا في النزوح، منذ بداية الحرب على سورية، شكلوا جيوشاً محلية وأممية للتشجيع على النزوح، وهؤلاء أنفسهم، يستثمرون الآن في رفض النزوح ويجيشون ضده بصورة عدائية مرفوضة جملة وتفصيلاً.
لذلك ندعو إلى إخراج هذا الملف من ميدان المزايدات والتحريض والاستثمار وندعو إلى وضعه في سياقه الطبيعي ومعالجته بالتنسيق والتعاون بين الحكومتين.
وقال رئيس الحزب الأمين أسعد حردان: نجدّد التأكيد على مبادرتنا لقيام مجلس تعاون مشرقي يحقق التساند والتآزر الاقتصادي بما يصبّ في مصلحة شعبنا ورفاهيته، وكسراً للحصار المفروض عليه. وهذه مهمة يجب أن نتجنّد لها، بهدف إسقاط كلّ مفاعيل الحصار وأهدافه.
ونتوجّه بالشكر للمحاضرين والمساهمين في هذه الدورة، وأدعو المشاركين الى المواظبة على متابعتها. فهي ـ وفقاً للبرنامج المعدّ ـ غنية بدروسها ومحاضراتها ومواضيعها، ومهمة جداً لأنها تحمل اسم سناء محيدلي، الصبية التي ترصّع الوجدان القومي وتزيّن باسمها، والمشبعة إيماناً بقضية عظيمة، والتي اختارت الاستشهاد طريقاً لحياة شعبها وأمتها.
لسناء ولكلّ شهدائنا عهد الوفاء، ألّا نحيد عن ثوابتنا، وأن نستمرّ على طريق الحق صراعاً ومقاومة وارتقاء…
وفي الموضوع الداخلي قال رئيس الحزب الأمين أسعد حردان: في ما يتصل بالشأن الحزبي وما يحصل في حزبنا، نقول إنّ القوميين الاجتماعيين هم مصدر السلطات في الحزب السوري القومي الاجتماعي، والإرادة القومية لها كلّ الاحترام والتقدير عند قيادة الحزب. أمس اجتمع المجلس الأعلى واتخذ قراراً بالتمديد سنة للمجلس القومي انسجاماً مع ما طرحه رئيس الحزب ولأجل وحدة الحزب، وكما قلنا سابقاً في الأونيسكو فإنّ وحدة الحزب أولاً وثانياً وعاشراً…، أما الفجور والافتراء فلا يصل بأصحابه الى أيّ مكان.
نحن نثق بإرادة القوميين الاجتماعيين، والمجلس القومي هو لكلّ القوميين ولكلّ مؤسّسات الحزب ومن ينضوي فيها وحتى للذين هم على الحياد.
وختم: قائلاً: نحن الحزب، وللذين ضلّوا الطريق الله يهديهم”.