أولى

سورية هوية القمة العربية

يمكن إدراك أهمية القرار السعودي بتسريع روزنامة استعادة سورية لمقعدها في الجامعة العربية تمهيداً لتوجيه الدعوة لرئيسها للمشاركة في القمة العربية، بطرح سؤال حول ما ترمز إليه القمة وما قد تخرج به إذا انعقدت بغياب سورية؟
بقدر ما أن القرار السعودي باتخاذ موقف ذاهب الى التمايز بوضوح يزداد كل يوم في ملفات المنطقة عن السياسات الأميركية، فإن محاور ترجمة هذا القرار التي تتبلور تباعاً تفتح الباب لاستعادة الزمن الذهبي في العلاقات السورية السعودية سريعاً، إلى حد الاعتقاد بأن حجم التقارب بين السياستين السورية والسعودية سوف يتقدّم على التفاهمات العربية الأخرى لكل من البلدين.
هذا هو الحال في الموقف السعودي من العلاقة مع إيران، التي شكلت عقدة أي تقدّم في العلاقة السورية السعودية. فالموقف السعودي تجاه إيران يحقق قفزات إيجابية تنتقل من ربط النزاع الى فك الاشتباك الى التعاون بسرعة، وهي تتمّ تحت المظلة الصينية، وتحقق إنجازات في الملف اليمني. وفي القضية الفلسطينية تحسم السعودية الخروج من مظلة صفقة القرن ودعوات الانضمام الى مسار التطبيع، بالعودة الحاسمة الى المبادرة العربية للسلام، وتجريم الإبراهيمية كما تقول الفتوى السعودية التي وصفتها بالكفر والارتداد. أما في الموقف من الإرهاب فإن السعودية تمضي بسرعة نحو تكريس فصل الدولة عن الوهابية التي شكلت الوعاء الثقافي للتكفير والإرهاب، وفي العلاقات الدولية تقترب السعودية من معادلة جوهرها الاستقلال بما يترجمه التقارب السعودي مع روسيا والصين بعكس الرغبات الأميركية. وهذه العناوين الأربعة تكفي للتأسيس لمرحلة واعدة في العلاقات السورية السعودية. وهذا معنى الاهتمام السعودي بتسريع روزنامة تتيح تسريع تعافي سورية، ولو من بوابة قضية النازحين وإعادة الإعمار والفك بينها وبين الحل السياسي، والسعي للمساهمة في تمويلها رغم التحذيرات الأميركية.
الصوت السوري في قمة جدة في كل القضايا العربية تحوّل الى حاجة سعودية، بحيث يصبح الموقف السعودي هو الحل الوسط القابل للحياة، بين موقف كل من سورية العائدة، والحكومات العربية التي لا تزال تعيش في الماضي، وتعبر عن مضمون توجّهات تعكس الموقف الأميركية من القضايا والاهتمامات العربية، بعدما كانت السعودية تحمل كلمة السر الأميركية.
النقاشات التي تفتعلها بعض الحكومات العربية حول الملف السوري ليست تعبيراً عن قناعة أصحابها بالقدرة على تعطيل المسار السوري للتعافي، بقدر ما هي محاولات استنزاف للموقف والحضور السوري تفادياً لرسم سقف سوري سعودي مرتفع للقمة في القضايا الأخرى.
في الحصيلة سوف يبقى الخبر هو هل حضر الرئيس السوري أم لم يحضر، ولن ينتبه الكثيرون لمن يحضر أو يغيب من حكام الدول العربية؟

التعليق السياسي

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى