نقاط على الحروف

– لقاء الأسد عون نقطة فاصلة

ناصر قنديل

– الأكيد أن الكلام عن استدعاء أو استنجاد هو كلام الكارهين والمغرضين تعقيباً على لقاء الرئيس السوري بشار الأسد والرئيس السابق العماد ميشال عون، فلا الرئيس الأسد يستدعي ولا الرئيس عون يُستدعى. وفي الخلاف الرئاسي اللبناني لا يصلح القول عن استنجاد بالرئيس الأسد في خلاف مع حزب الله، والزيارة التي قام بها الرئيس عون الى دمشق واستقباله من الرئيس الأسد، تحمل رسائل أكبر من البيان الصادر والتصريحات المرافقة، وهي رسائل طرفي الزيارة وتوقيتها وسياقها، حتى لو لم يرد ذكرها في المعلن عنها، أو لم يرد في ما تم تداوله خلالها، لأنه لو لم يكن المراد قول شيء في السياسة لكانت تمت الزيارة دون إعلان ودون مراسم، كما تتم بعض الزيارات السياسية اللبنانية والاستقبالات الرئاسية السورية.
– الزيارة في لحظة خلط أوراق ترافق المواقع اللبنانية من الاستحقاق الرئاسي، خصوصاً موقف التيار الوطني الحر بمباركة واضحة من الرئيس العماد ميشال عون، لصالح التصويت لمرشح مشترك مع خصوم سورية والمقاومة في لبنان، وبوجه حليف سورية والمقاومة في لبنان المرشح سليمان فرنجية، تمثل نقطة فاصلة، أي قطع ووصل بين لحظتين سياسيتين، ما قبلها وما بعدها، فتقول من بوابة دمشق الرئاسية أن التيار وزعيمه ورئيسه لا يريدون أن يقرأ تموضعه الرئاسي إعلان مغادرة لموقع التيار في تحالفه مع سورية وتأييده للمقاومة، وأنه خلاف تكتيكي تحت سقف الاتفاق الاستراتيجي، على خلفية القول إن الزيارة لم تتم طوال العهد الرئاسي حرصاً على عدم إثارة المزيد من الانقسام اللبناني، وأنها انتظرت التوافق العربي حول موقع سورية لتخفيض سقف هذا الانقسام، والزيارة بالنسبة للتيار لا تمثل تراجعاً عن التموضع الرئاسي بل محاولة امتصاص واحتواء لما أثاره من خيبة أمل وإحباط لدى قوى المقاومة، من جهة، ورسالة تأكيد الثبات على الخيارات الكبرى أمام الخصوم الذين أصبحوا شركاء التقاطع الرئاسي.
– الزيارة في لحظة المتغيرات الإقليمية والدولية، حيث تقف سورية على ضفة المنتصرين الذين أسسوا لهذه المتغيرات، تقول عبرها سورية ورئيسها من خلال الاستقبال الدافئ للرئيس السابق العماد ميشال عون، أن سورية تحفظ للأصدقاء مواقفهم ووقفاتهم. وهذا معنى ما ورد في البيان “”كان للعماد عون دور في صون العلاقة الأخوية بين سورية ولبنان لما فيه خير البلدين”، وتقول سورية للآخرين إنها ليست مستقيلة من مسؤوليتها القومية، وإنها تهتم لما يجري في لبنان، فما يجري في أحد البلدين يؤثر على الآخر، وهذا معنى القول انه «لا يمكن لسورية ولبنان النظر لتحدياتهما بشكل منفصل عن بعضهما»، وسورية تلفت الانتباه إلى خطورة الانقسامات وأهمية الحفاظ على وحدة الصف وتقول بمناسبة الزيارة إن الدعوة للحوار لا تزال هي الرد على الخلافات داخل الصف الواحد. وهذا هو نص البيان يقول إن «قوة لبنان تكمن في استقراره السياسي والاقتصادي، وإن اللبنانيين قادرون على صنع هذا الاستقرار بالحوار والتوافق». وتنبّه سورية من خطورة الوقوع في فخاخ الخصوم والأوهام فتقول بلسان الرئيس الأسد إن «الأهم هو التمسك بالمبادئ وليس الرهان على التغيرات».
– من الطبيعي أن نتوقع بعد الزيارة تطوّرات، على مستوى استقبالات سورية تعكس حضوراً سورياً بات مطلوباً عربياً ودولياً، لخفض مستوى التوتر والانقسام في لبنان، والمساهمة في توفير المناخات الملائمة لانتخاب رئيس للجمهورية، خصوصاً أن نجاح أي رئيس لبناني قادم يرتبط الى حد كبير بقدرته على الحوار مع سورية، كذلك من الطبيعي أن نتوقع بعد الزيارة تطورات على مستوى محاولة فتح قنوات للحوار بين حلفاء الأمس، لتنظيم الخلاف والسعي لتخفيض سقفه، ومنع تحوله الى إسهام في إضعاف الخيارات الكبرى التي تمثلها المقاومة في لبنان.
– هي نقطة فاصلة، دعوة سورية لالتقاط الأنفاس، مع نهاية جملة قبل الانتقال إلى جملة جديدة.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى