أولى

هل يتساءل المعنيون عن سبب التوتر في كفرشوبا؟

بكل أسف يغيب ما يجري في مزارع شبعا وتلال كفرشوبا عن الاهتمام الواجب من وسائل الإعلام اللبنانية، وربما يغيب عن الكثير من المسؤولين اللبنانيين، من وزراء ونواب ورؤساء أحزاب، حقيقة ما يجري، فيذهبون حسب ميولهم السياسية لتفسير ما يجري. ويصدّق الذين يناصبون المقاومة العداء رواية وهمية لا يقولها كيان الاحتلال نفسه، لكنهم يظنونها صحيحة ويرددونها، وقوامها أن المقاومة تقف وراء التصعيد، ويقول بعضهم إن السبب هو مرة صرف النظر عن المشهد الداخلي، ومرة خلق توتر يبرر الذهاب الى جولة مواجهة، وبعض يقول إن السبب أن المقاومة في أزمة وتريد الهروب الى الأمام. ولا يتوقف سيل التحليلات الهمايونية البعيدة عن الواقع، والتي لا يحرّكها إلا الحقد والكيد، ولا يكلف أصحابها أنفسهم البحث عن السبب الفعلي لما يجري، ولو من باب الانسجام الشكلي مع مزاعم السيادة التي يظهرونها عندما يتهجّمون على المقاومة.
ما يجب أن يعرفه اللبنانيون، هو أنه على طول الخط الحدوديّ تمّ تقريباً تحقيق قدر من التطابق بين خط الانسحاب وخط الحدود، باستثناء نقاط الاعتراض اللبنانية الثلاث عشرة المعروفة، وهي تطال نقاطاً في مناطق رأس الناقورة وعلما الشعب، والبستان ويارين ومروحين ورميش ويارون ومارون الراس وبليدا وميس الجبل وعديسة وكفركلا والوزاني، إضافة الى كامل خط تلال كفرشوبا ومزارع شبعا والجزء اللبناني من بلدة الغجر. والتوتر القائم يعود إلى بدء جيش الاحتلال ببناء جدار عازل على الحدود، منذ العام 2018، فكلما أراد تثبيت دعائم الجدار وتجريف الأرض لوضع قواعد الإسمنت، كانت تقع مشكلة ويتصاعد التوتر في نقاط الاختلاف، ما أدّى الى وقف العمل بالجدار في العام نفسه بعدما تصاعد التوتر في عديسة وهدّد باندلاع مواجهة بين جيش الاحتلال والجيش اللبناني، ومعه أبناء القرى الحدوديّة ومن خلفهما المقاومة.
مشكلة جيش الاحتلال أنه إذا أراد تفادي المواجهة فعليه أن يذهب لوضع قواعد الجدار على نقاط تسلّم بالمطالب الحدودية التي يتمسك بها لبنان. وهذا إذا تم في عديسة ومارون وعيتا، فلن يكون ممكناً تفاديه في المناطق التي يقع حولها الخلاف الكبير، وهي مزارع شبعا وتلال كفرشوبا، ولذلك كان الخيار التوقف عام 2018، حتى تمّت العودة مؤقتاً عام 2019 قبل التوقف مجدداً، وصولاً الى العودة الأخيرة عام 2022 مع الحكومة الجديدة لبنيامين نتنياهو والحديث المتجدّد عن فرضية حرب الشمال.
الذين يرغبون بتفادي التوتر من اللبنانيين عليهم أن يتساءلوا عن سبب وجود الجيش اللبناني والأهالي الذين لا ينتمون الى البنية الطائفية التقليدية المحسوبة على المقاومة، ليعرفوا أننا أمام عدوان إسرائيلي موصوف، من المعيب والمخجل ألا يكون اللبنانيّون يداً واحدة وبصوت مرتفع في مواجهته، وبينما ينشغل بعض اللبنانيين بالدفاع عن أحد رموز التطبيع التي منعت من الدخول الى لبنان قانوناً، يواجه اللبنانيون شعباً وجيشاً ومقاومة أطماع جيش الاحتلال وعدوانيته، ويعيش الجنوب وضعاً يتصاعد إلى المزيد من التوتر، بسبب مأزق الكيان، فإن توقف عن الجدار وهو يخشى حرباً مقبلة أحس بالعبور على رقبته، وإن تابع البناء على نقاط لا تثير مواجهة، سلم للبنان شعباً وجيشاً ومقاومة بنصر كبير، أهم مناطق سوف تكون مزارع شبعا وتلال كفرشوبا..

التعليق السياسي

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى