أولى

دلالات المشاركة الشعبية الكثيفة في تشييع شهداء جنين…

‭}‬ حسن حردان
تميّز تشييع 12 شهيداً بينهم ثلاثة مقاومين، والبقية من المدنيين معظمهم من الأطفال، ضحايا العدوان الصهيوني على جنين ومخيمها، بمشاركة شعبية كثيفة لافتة في دلالاتها، ووسط شعور بالعزة والافتخار بصمود المقاومين ونجاحهم في التصدي للعدوان وإحباط أهدافه والحفاظ على بنيتهم المقاومة… مما كشف الوحشية الصهيونية، التي لم تقوَ سوى على تدمير المنازل وتهجير المدنيين وتخريب البنى التحتية المدنية لمخيم جنين،
وكان لافتاً انّ زخم المشاركة الشعبية في تشييع الشهداء قد ترافق مع قيام المقاومين بتنفيذ هجوم على دورية للاحتلال قرب مدينة نابلس.. على انّ ذلك أكد جملة الدلالات الهامة التالية:
الدلالة الأولى، الاحتضان الشعبي الكبير للمقاومة المسلحة، ما يؤشر إلى أنّ التعسّف الصهيوني لم يتمكن من إرهاب الناس، ودفعها للتخلي عن المقاومة، بل على العكس، فقد أدّى إلى مزيد من الالتفاف الشعبي حول المقاومة واحتضانها ودعمها في مواجهة الاحتلال والمستوطنين الصهاينة.. ومقاومة تحظى بمثل هذا التأييد والدعم والاحتضان الشعبي الواسع لا يستطيع العدو القضاء عليها مهما امتلك من قوة وأسلحة فتاكة…
الدلالة الثانية، تبيّن انّ خسائر المقاومة اقتصرت على ثلاثة شهداء ما يؤكد أمرين:
الأمر الاول، امتلاك المقاومين القدرة القتالية، والخبرة في خوض حرب المقاومة الشعبية المسلحة في مواجهة جيش احتلال يعتبر أقوى جيش في المنطقة.. والنجاح في اتباع أساليب المناورة والتكتيك العسكري في شوارع وازقة مخيم جنين.. مما قلل من الخسائر في صفوف المقاومين، ومكنهم من وقف تقدّم القوة الصهيونية في داخل المخيم..
الأمر الثاني، فشل جيش الاحتلال بكلّ قوّته العسكرية المتطورة في توجيه ضربة لبنية المقاومة، او إضعافها.. وهو الهدف الأساسي الذي سعت إلى تحقيقه حكومة العدو من وراء العدوان على جنين ومخيمها..
الدلالة الثالثة، إقدام المقاومة على تنفيذ عملية ضدّ دورية عسكرية صهيونية قرب نابلس يدلل على انّ المقاومة لم تضعف بعد عدوان جنين، بل انّ المقاومة تبرهن على امتلاكها العزيمة والشجاعة والقدرة على مواصلة توجيه الضربات لجيش الاحتلال والمستوطنين ومنعهم من أن ينعموا بالأمن والاستقرار وتنفيذ مخططاتهم في الأرض الفلسطينية المحتلة..
الدلالة الرابعة، نجاح المقاومة في منع العدو من السيطرة على مخيم جنين وإجباره على الانسحاب من الأحياء التي دخل إليها بعد 48 ساعة على عدوانه، يعني تحوّل المخيم إلى منطقة محررة تحت سيطرة المقاومين، وهذا تطور هامّ لأنه تحقق بقوة المقاومة المسلحة، وفي قلب الضفة الغربية وفي منطقة محاذية للأراضي الفلسطينية المحتلة عام 1948.. على انّ هذا التطور سوف يكرّس مخيم جنين قلعة للمقاومة وقاعدة حصينة، ومثالاً سيحفز المقاومين في كلّ مناطق الضفة للسير على ذات الطريق مستفيدين من خبرة المقاومين في جنين وكيف أمكنهم صنع هذا الإنجاز الهام في مخيم مساحته اقلّ من كيلو متر مربع، ويقع جغرافياً في قلب فلسطين المحتلة.. وفي اللحظة التي يتحقق فيها ذلك فإنّ لحظة تحرير الضفة الغربية على غرار غزة وجنوب لبنان سوف تقترب، وعندما يحصل ذلك فإنّ المقاومة ستنتقل إلى المرحلة التالية وهي تحرير الأرض الفلسطينية المحتلة عام 48، ولهذا فإنّ معركة تحرير الضفة بالمقاومة الشعبية المسلحة ستكون معركة شرسة وفاصلة على طريق تحرير كل ارض فلسطين المحتلة..
الدلالة الخامسة، فشل جيش الاحتلال في ردع المقاومة، وإرهاب من يؤيدها، حيث أظهر الفشل في القضاء على المقاومة في جنين، والمشاركة الشعبية الواسعة في تشييع الشهداء، وعملية نابلس، انهيار منظومة الردع الصهيونية في الضفة الغربية، ونجاح المقاومة المدعومة شعبياً في فرض معادلتها الردعية بأن أجبرت قوات الاحتلال على التراجع ومغادرة جنين من دون تحقيق أيّ من أهدافها.. مما يجعل من جنين قاعدة انطلاق للمقاومة لتنفيذ عملياتها ضدّ قوات الاحتلال والمستوطنين…
انطلاقاً مما تقدّم يمكن القول انّ صمود المقاومين في جنين ونجاحهم في التصدي لقوات الاحتلال ومنعهم من تحقيق أهدافهم وإجبارهم على التراجع، وتكريس سيطرة المقاومة على مخيم جنين، سوف يزيد من شعبية المقاومة المسلحة والإيمان بقدرتها على مواجهة جيش الاحتلال، واستطراداً ازدياد قوتها وتطورها، وتحوّلها إلى مثال يُحتذى في بقية المناطق الفلسطينية في الضفة المحتلة، الأمر الذي يجعل من انتصار المقاومة في جنين نقطة تحوّل مفصلية في نضالها ضدّ الاحتلال تسهم في تطور أدائها وتنامي قوتها وشعبيتها بما يمكنها من زيادة قدرتها على استنزاف الاحتلال ورفع كلفته، وصولاً إلى إجبار كيان العدو على الرحيل عن الضفة على غرار ما حصل في قطاع غزة وجنوب لبنان، لعدم قدرته على تحمّل كلفة احتلاله.

 

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى