أولى

يوم ليس كباقي الأيام…

‭}‬ معن بشور

الكثير قيل ويُقال في حرب «الوعد الصادق» التي انتصر فيها لبنان المقاوم على العدوان الصهيوني وداعميه ومشجّعيه الكثر.
والكثير تحدّث عن أسباب تلك الحرب العدوانية، التي استمرّت قرابة شهر من الزمن، كما عن نتائجها.
لكن الجديد الذي يمكن قوله في ضوء المأزق الصهيوني المتفاقم بسبب بطولات المقاومين في فلسطين، كلّ فلسطين، وآخرها ملحمة جنين، وبسبب ارتجاجات الداخل الصهيوني ذاته.
لقد شكلّت هزيمة العدوان الصهيوني في لبنان صيف 2006 نقطة تحوّل استراتيجية كبرى في تاريخ الصراع مع العدو.
صحيح أنّها لم تكن الحرب الأولى التي برز فيها صمود أسطوري، كما كان الحال في الحرب العربية الإسرائيلية الخامسة على الأرض اللبنانية صيف عام 1982، والتي شارك فيها وطنيون لبنانيون ومقاومون فلسطينيون وقوات عربية سورية ومتطوّعون عرب وأحرار من العالم، لكن الدعم الأميركي والصمت الرسمي العربي وتواطؤ بعض المحليين نجح يومها في إخراج منظمة التحرير الفلسطينية والجيش العربي السوري من بيروت ومناطق واسعة من لبنان.
وصحيح أيضاً أنّ جيشي مصر وسورية، ومعهم جيوش الأمة وقدراتها، قد انتصروا في حرب تشرين المجيدة عام 1973، وكاد كيان العدو برمّته أن ينهار لولا الجسر العسكري الأميركي له، لكن «بعض» الإدارة السياسية لتلك الحرب قد أجهضت انتصارنا وأخذتنا الى مكان آخر، ما زلنا ندفع ثمنه حتى الآن.
في حرب الثاني عشر من تموز 2006 التي خاضها مقاومون لبنانيون مدعومون من سورية وإيران ومن أخوتهم الفلسطينيين كان الأمر مختلفاً.
كان هناك صمود وثبات لدى المقاومة وداعميها، وفي مقدّمهم رئيس الجمهورية العماد المقاوم إميل لحود، وهو صمود لم تربكه الضغوط والمناورات والألاعيب المتعددة.
وكان هناك انتصار ميداني محصّن بإرادة سياسية لم تتنازل قط عن مطالبها، ولا سيما إطلاق سراح عميد الأسرى العرب في سجون الاحتلال الشهيد الحاج سمير القنطار، ولم ترضخ لضغوط الخارج والداخل باستبدال قوات الطوارئ الدولية ومهامها بقوات متعددة الجنسيات ذات مهام مختلفة .
لكن ما هو أهمّ من ذلك كله أنّ تلك الحرب افتتحت مرحلة من المواجهة مع العدو لم يعُد قادراً فيها ان يقوم باجتياح عسكري «برّي» لا في لبنان أو فلسطين ولا في غيرهما، بل بات يحسب ألف حساب قبل ان يُقدِم على أيّ خطوة بهذا الاتجاه، خصوصاً مع التنامي المذهل في قدرات المقاومة في لبنان وفلسطين والإقليم، كما ظهر مؤخراً في ملحمة جنين التي يمكن اعتبارها احتفالاً اخوياً فلسطينياً بنصر تموز في لبنان.
إنّ نجاح لبنان المقاوم في إخراج مصطلح «الحرب البرية» من التداول الصهيوني، وبروز نجاحات مماثلة في حروب غزة ومواجهات الضفة الفلسطينية تؤكد هذه الحقيقة، بنقل الصراع مع العدو الى مرحلة جديدة تبشّر بقرب نهاية الكيان المؤقت إذا أحسنّا تحصين الإنجازات الميدانية بمبادرات سياسية واقتصادية واجتماعية وثقافية فاعلة تُسقط رهانات العدو على ثغرات يمكنه التسلل منها للإجهاز على كلّ انتصاراتنا.

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى