مانشيت

الأسد لأمانة المؤتمر القومي العربي برئاسة صبّاحي: لا يمكن الحديث عن انتماء سياسي دون هوية الهدنة الهشّة في عين الحلوة ترفع منسوب التفاؤل بالسيطرة على المخاطر… وسط قلق التساؤلات / تجاذب حكومي نيابي حول تشريع الاقتراض من مصرف لبنان… المبدأ والصيغة وصاحب الطلب /

كتب المحرّر السياسيّ
استقبل الرئيس السوري بشار الأسد الأمانة العامة للمؤتمر القومي العربي في ختام مؤتمره العام في بيروت الذي اتخذ من جنين اسماً لدورته وخصّص قسماً من جلساته لمناقشة الوضع في سورية تحت عنوان دعم سورية بوجه الاحتلال والعدوان والعقوبات، وتحدث الرئيس الأسد للوفد الذي ترأسه الأمين العام للمؤتمر حمدين صباحي، شارحاً للأوضاع في سورية والمنطقة، وركّز الأسد على أهمية خيار المقاومة وثقافة المقاومة من جهة، وأهمية ربط كل انتماء سياسي بالانتماء إلى الهوية، داعياً إلى تفعيل العمل القومي بكل الأشكال الثقافية والإعلامية التي تتيح شرح مفاهيم الانتماء والهوية وتخوض المواجهة الفكرية مع كل المشاريع التي تستهدف غزو العقول والنيل من الانتماء ومنظومة القيم التي تشكل الوعاء الجامع للشعوب وتكفل استقرار بيئتها ومجتمعاتها. بدوره أكد صباحي باسم المؤتمر وقوف كل الشرفاء والأحرار العرب وفي العالم إلى جانب سورية في مواجهة الاحتلال الأجنبي وكفاحها المشروع لانتزاع استقلالها الكامل غير المنقوص وصيانة وحدتها، وتحدّيها للعدوان الصهيوني المستمر وتمسكها بخيار المقاومة وصمودها بوجه الحصار والعقوبات الظالمة، معتبراً أن نصر سورية يشكل ركيزة يجب البناء عليها للنهوض القومي الجديد.
في مخيم عين الحلوة نجحت مساعي تثبيت وقف النار رغم الخروق المستمرة، وبدت الهدنة القائمة رغم هشاشتها مصدراً للتفاؤل بإمكانية السيطرة على الموقف ومنع حدوث الانهيار مجدداً، رغم ان انتهاكات وقف النار أبقت القلق المشروع قائماً، خصوصاً في ضوء ما كشفته ضراوة النيران التي استخدمت خلال الاشتباكات عن مشروع أبعد مدى من مجرد انتكاسة للعلاقات بين مجموعتين أو فصيلين، وبقيت مصادر فلسطينية تتحدث عن وجود مشروع يملك مقوّمات التحرك يستهدف التهجير والتدمير وصولاً لطرح وجود السلاح الفلسطيني، ومقايضته بمنح اللاجئين الفلسطينيين حق التملك العقاري والعمل، بتفاهمات تتشارك عليها جهات دولية وجهات لبنانية، بعضها في مواقع رسمية تتابع الملف الفلسطيني.
في الشأن المالي تواصل الاستقرار الهادئ في سعر الصرف عند عتبة الـ 89 ألف ليرة للدولار، ومنح السوق للحاكم الجديد وسيم منصوري ثقته، فلم يلتفت لكل الشائعات التي أرادت افتعال الذعر المالي، وقالت مصادر مصرفية إن الثقة التي كان يشتريها سلامة بالخزعبلات والتنفيعات، انتزعها منصوري بالجدية والاحترام والالتزام بالقانون والمعرفة بطبيعة المسؤوليات التي يتصدّى لها، لكن فجأة ظهر ما يعكر صفو المناخات مع تراجع رئيس الحكومة عن التزامه التقدم بمشروع قانون باسم الحكومة يتضمن إجازة الاقتراض من مصرف لبنان والتعهد بإعادة القرض، ليتحدّث عن طلب تقديم النواب لاقتراح قانون، ما أثار حفيظة رئيس مجلس النواب نبيه بري وعدد من الكتل النيابية، بينما تعترض كتل أخرى على مبدأ الإقراض، وتفترض كتل نيابية ان موضوع القرض ومصدره يرتبطان بالاحتياطي الإلزامي للمصارف لدى مصرف لبنان بصفتها بعض بقايا الودائع، بينما المطروح قرض من احتياطي مصرف لبنان من العملات الأجنبية.
وفيما تمكنت الوساطات السياسية من فرض اتفاق وقف إطلاق النار في مخيم عين الحلوة في ظل التزام أطراف المواجهة بالاتفاق بنسبة كبيرة أمس، رغم بعض الخروق، تتجه الأنظار الى كيفية تعامل الحكومة مع استحقاق عقد الاستقراض بعدما تراجع رئيس الحكومة نجيب ميقاتي عن وعده لنواب الحاكم بأن يطرح مشروع قانون طلب الحكومة الاستقراض من مصرف لبنان على مجلس الوزراء لإقراره ورميه الكرة الى ملعب مجلس النواب الأمر الذي أثار استغراب واستياء رئيس مجلس النواب نبيه بري الذي أكد بأن الحكومة هي من يجب أن تتصدّى لهذا الأمر لا مجلس النواب.
ولفتت مصادر مالية مطلعة لـ»البناء» الى أن تراجع ميقاتي عن بتّ مشروع قانون الاستقراض في مجلس الوزراء وطلبه من مجلس النواب تقديم اقتراح قانون سيضع حاكم مصرف لبنان وسيم منصوري ونواب الحاكم الثلاثة في مأزق كبير، فهم من جهة لا يستطيعون التراجع عن شرط إقرار قانون الاستقراض لكي يستمروا بالسياسة النقدية السابقة لأنها مخالفة للقانون، ومن جهة ثانية لا يستطيعون وقف العمل بالسياسة النقدية السابقة لا سيما وقف تمويل الدولة وصيرفة، لأن ذلك دونه محاذير خطيرة وينفلت سعر صرف الدولار إلى معدلات غير مسبوقة بلا سقف وحدود وتنفجر قنبلة الشارع في وجه الحاكم ونواب الحاكم. لذلك على الحكومة أن تتخذ إجراءات سريعة واحتوائية للانفجار المقبل، من خلال إقرار مشروع قانون الاستقراض وإحالته الى المجلس النيابي لإقراره، أو البحث عن مصادر تمويل بديلة لتأمين المدفوعات الأساسية والملحّة كرواتب موظفي القطاع العام والأدوية. ومن هذه المصادر الأملاك البحرية والنهرية والمرافق العامة ومحاربة الفساد والتهرّب الضريبي وفرض ضرائب تصاعدية على المداخيل المرتفعة وعلى الأرباح ورؤوس الأموال وعلى الاستثمارات الخارجية لا تحميل مشروع الموازنة ضرائب ورسوم تطال الفئة الشعبية الفقيرة وذوي المداخيل المتدنية.
ويبدو أن ميقاتي وفق مصادر سياسية لـ»البناء» لا يريد تمرير عقد الاستقراض عبر مجلس الوزراء لسببين: الأول لكي لا يتحمل مسؤولية تشريع مد اليد على الاحتياط الإلزامي في مصرف لبنان والذي هو ما تبقى من أموال المودعين ويريد لمجلس النواب أن يتحمل هذا العبء الثقيل لكونه يضم مختلف المكونات النيابية والسياسية غير موجودة في الحكومة، علماً أن بعض مكوناتها تقاطع جلسات الحكومة بظل الفراغ الرئاسي وخاصة جلسة لتشريع تمويل الدولة من أموال المودعين مثل التيار الوطني الحر الذي ربط موافقته على حضور الجلسة وتمرير القانون بإقرار الحكومة والمجلس النيابي للقوانين الإصلاحية لا سيما إعادة التوازن المالي والكابيتال كونترول وإعادة هيكلة المصارف، أما السبب الثاني فإن ميقاتي لا يريد استفزاز المكونات المسيحية بعقد جلسة وإقرار القانون بلا مشاركة التيار الوطني الحر وربما تيار المردة لكون حزبي القوات والكتائب خارج الحكومة، ولذلك استنجد ميقاتي بالبطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي وزاره أمس عارضاً عقد جلسة لمجلس الوزراء في الديمان طمعاً بالحصول على تغطية مسيحية للجلسات وإقرار القوانين، قبل أن يتراجع ويستبدل عقد جلسة للحكومة في الديمان بلقاء تشاوري.
وطمأن ميقاتي الراعي خلال زيارة قام بها إلى الديمان بـ»ألا طموح لدى أيّ من الوزراء بأن يأخذ صلاحيات أحد».
وأضاف: «تحدّثت مع الراعي وكان هناك اقتراح أن ندعو لجلسة لمجلس الوزراء يوم الثلاثاء المقبل عند الـ11 صباحاً في الديمان». وتابع: «نحن نعمل بوطنية كي نبقي هذه الدولة قائمة وننادي لانتخاب رئيس في أسرع وقت ممكن من أجل إعادة انتظام المؤسسات». وقال: «مع نهاية هذا الشهر لا نستطيع تأمين لا الدواء ولا الرواتب وعلينا أن نعمل كيد واحدة لإنقاذ هذا البلد». ولفت ميقاتي إلى أنه اتصل بنائب حاكم مصرف لبنان وسيم منصوري صباحاً، قائلًا: «نحن نعمل بهدف أن تُقرّ الخطة الإصلاحيّة وعلينا أن نسعى معاً لإنقاذ هذا البلد وتحقيق الاستقرار فيه».
ولاحقاً أوضح مكتب ميقاتي بأن «لا دعوة لعقد جلسة لمجلس الوزراء في الديمان الثلاثاء المقبل، بل لقاء تشاوري في المواضيع الوطنية، وميقاتي في تصريحه بعد اجتماعه مع غبطة البطريرك الماروني قال: خلال البحث مع غبطته كان هناك اقتراح بأن يعقد لقاء للوزراء في الديمان نهار الثلاثاء المقبل الساعة الحادية عشرة صباحاً للبحث في المخاطر التي تتهدّد جميع اللبنانيين وبلورة كيفية مواجهتها وحفظ مجتمعنا من مخاطرها، فاقتضى التوضيح».
بدوره، كشف عضو كتلة «التنمية والتحرير» النائب علي حسن خليل أن «رئيس مجلس النواب نبيه بري سيدعو الى جلسة تشريعية لإقرار الصندوق السيادي، وخشيتنا مشروعة من عدم قدرة الحكومة على سداد القرض، ونحن لن نقدم اقتراح قانون الاقتراض بل سيتعاطى بري مع أي اقتراح إذا تلقاه، ولنا ملاحظات على مشروع الحكومة».
واعتبر خليل في حديث تلفزيوني، بأنه «على رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي الالتزام بتعهده وارسال مشروع قانون الاقتراض إلى البرلمان بحاجات الحكومة وآليات السداد. فالموضوع طرح أمام منصوري في جلسة الاثنين والجميع أبدى استعداده للتجاوب ولن نفتح خلافاً بين الحكومة والبرلمان». وشدد على ان «خيار الاستقالة او عدمها منوط بنواب الحاكم وندعمهم بأي إجراء تحت سقف القانون ورفض الكتل الاقتراض يناقض مواقفها الضمنية، اذ لا يمكن الطلب الى نواب الحاكم احترام القانون من دون اتخاذ الخطوات الدستورية».
الى ذلك عاد الهدوء الى مخيم عين الحلوة بعد اشتباكات مسلحة ضارية على مدى 4 أيام أسفرت عن مقتل وجرح العشرات وخلفت دماراً هائلاً في المخيم ومحيطه، لكن لا زال الجمر تحت الرماد وما وقف إطلاق النار إلا هدنة مؤقتة ستنفجر في أي وقت، لأن المعركة لم تفتح لكي تغلق قبل تحقيق أهدافها الأمنية والسياسية، وفق ما تقول مصادر مطلعة على الوضع الأمني في الجنوب لـ»البناء»، كاشفة أن التقييم الأولي لمواجهات الأيام الأربعة ومسار المعركة والأطراف المشاركة فيها وطريقة القتال وحجم الأسلحة والمسلحين والأضرار، يؤشر الى أن جهات خارجية غربية أصدرت أمر عمليات لإشعال المعركة بتمويل جهات عربية وفق مشروع خطط له يجري تنفيذه على مراحل معينة.
وحذّرت المصادر من قرار خارجي بتفجير المخيمات الفلسطينية في لبنان كمقدمة لشطب حق العودة قبل أي تسوية مقبلة يخطّط لها الأميركيون ويعرضونها على الاسرائيليين والفلسطينيين والعرب مثل حل الدولتين، مبدية خشيتها من نقل شرارة الاشتباك الى مخيمات أخرى في لبنان تشكل بؤراً أمنية متفجرة وتحوي عناصر من التنظيمات المتطرفة والإرهابية. وهذا ما قد يحرك المتطرفين في مخيمات النزوح السوري أيضاً». كما تحذر المصادر من خطر استدراج الجيش اللبناني الى مستنقع عين الحلوة بحرب استنزاف قد تطول سنوات وليس أشهر كما معركة نهر البارد.
وقبل منتصف ليل أمس، أفادت مصادر ميدانية لـ «البناء» عن تجدّد الاشتباك في عين الحلوة واشتداد حدة إطلاق النار والقذائف.
وتوقف المطارنة الموارنة اثر اجتماعهم الشهري برئاسة الراعي «بقلق أمام ما تشهده مدينة صيدا ومخيم الفلسطينيين في عين الحلوة من اشتباكات وتبادل لإطلاق النار بين فصائل فلسطينية، أدت إلى سقوط قتلى وجرحى وإلى إقفال المدينة وترويع أهاليها. ودعوا الحكومة والمؤسسات العسكرية والأمنية إلى اتخاذ إجراءات عاجلة وحاسمة، تضع حداً نهائياً لتفلت السلاح في المخيم، متمنين العودة إلى الأمن الشرعي وحده».
واللافت إعلان المطارنة الموارنة «دعم مطلب أهالي ضحايا انفجار مرفأ بيروت بلجنة دولية لتقصي الحقائق».
على صعيد آخر، أعلن وزير الاشغال العامة والنقل في حكومة تصريف الأعمال علي حميه، في بيان، أن «اللقاءات والاجتماعات طيلة الفترة الماضية مع الجانب السوري توّجت بتسلمنا كتاباً رسمياً من الحكومة السورية يعنى بتخفيض رسوم الترانزيت للشاحنات اللبنانية بمقدار 50 % على المنتجات الزراعية ذات المنشأ اللبناني مع بعض المطالب التقنية السورية والتي ستتم معالجتها بدءاً من الأسبوع المقبل».
إلى ذلك، وبعد يومين على نهاية ولاية حاكم مصرف لبنان السابق رياض سلامة، أنهى قاضي التحقيق الأول في بيروت شربل أبو سمرا، استجواب سلامة، وتركه رهن التحقيق.
كما أرجأ استجواب رجا سلامة وماريان الحويك إلى يوم الخميس في 10 آب الحالي بسبب اضطرار رئيسة هيئة القضايا في وزارة العدل القاضية هيلانة اسكندر الى المغادرة بشكل طارئ.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى