هل ينتبه البعض في لبنان والأردن؟
ليس خافياً أن المشهد في سورية يمرّ بمرحلة جديدة، عنوانها عودة الأميركيين إلى اللعب بالنار، وهم يتمسّكون بالسيطرة على حقول النفط والغاز، ويضغطون على الجرح السوري بالملح حتى بلغ الألم درجة لا تُطاق، ويريدون إدارة الغضب الناتج عن أزمة هم مَن صنعها، ويملكون مفاتيح حلها بمجرد إعادة حقول النفط والغاز الى الدولة السورية فتشتغل معامل الكهرباء وتدور عجلة مصافي النفط وتمتلئ الأسواق بالمشتقات النفطية بأسعار مناسبة، ويقف نزيف العملات الصعبة لشراء القليل من الموارد النفطية، فيتحسّن سعر صرف العملة، وترتفع قيمتها الشرائيّة وتتحسّن معها أوضاع الناس.
ما يجري في السويداء نموذج لما يفعله الأميركي من تحريك للسكين في جرح هو المتسبّب به، ومحاولة توجيه صراخ الوجع بوجه الدولة السورية، وصولاً إلى تفجير الشارع. وفيما تنشط قيادات عاقلة وحكيمة لفتح الحوار من جانب الدولة أو من جانب مرجعيات في المنطقة، ثمّة مَن يصفّق في لبنان والأردن للمشهد ويتحدّث عن رهانات بحجم عودة مشهد الحرب.
طبعاً يعرف السوريون أنه إذا أرادوا الذهاب الى حرب، فإن الوجهة المفيدة للحرب هي القوات الأميركية التي تنهب النفط والغاز، وإن أرادوا تنظيم تظاهرات فيدرك الذين لم تجذبهم اللوثة الطائفية أن شعاراتها يجب أن تكون للمطالبة باستعادة الثروات المنهوبة من الاحتلال الأميركي، لكن البعض الذي لا يعرف، أو الذي يسهل جذبه بلغة العصبية والغرائزية الطائفية، يتحوّل إلى وقود مشروع أميركي يريد أن يرى النار تشتعل بين السوريين ويتفرّج عليها، ويديرها، وله بين الذين يتحرّكون في الشوارع مفاتيح كانت بالأمس تروّج للعلاقة مع كيان الاحتلال، كما تروّج جماعة قسد للعلاقة بالأميركيين، وتروّج جماعة الإخوان للعلاقة بالاحتلال التركي، بما يصيب في الصميم ما بناه وصنعه أجدادهم الذين واجهوا المحتل الفرنسي بلغة واحدة شعارها سورية المستقلة والموحّدة والسيّدة.
السؤال لمن يتوهّم في لبنان والأردن، بعد الذي حملته الحرب على سورية، من ويلات للبلدين، أن البلدين سوف يكونان بمنأى عن مشهد اشتعال حرب جديدة في سورية، ألا تعلمون أن أول ما سوف ينتج عن اشتعال أي منطقة في سورية، خصوصاً السويداء، هو نزوح مئات الآلاف الى الأردن ولبنان؟ ألم تتعظوا بعد من تاريخ متاجرتكم بمعاناة السوريين، وما تسببتم به من معاناة للبنانيين والأردنيين؟
الحكومة اللبنانية والحكومة الأردنية معنيتان بالقول إن خطاب العبث بالوضع في سورية بات مساساً بمفهوم المصالح العليا لكل من لبنان والأردن.
التعليق السياسي