أولى

عودٌ على بدء… الحرب في سورية وعليها

‭}‬ سعادة مصطفى أرشيد*
الحرب في سورية وعليها عادت من جديد الى بداياتها فجذوة الحرب التي كانت في طريقها للانطفاء، عادت لتشتعل من جديد مؤذنة بمرحلة جديدة، وقد تكون طويلة وتمتاز بالعنف والقذارة؛ فالقوى المعادية الدولية والإقليمية قد عادت لممارسة دورها القديم ودفع أموالها وتشغيل إعلامها للتكالب على سورية واسترداد ادوارها، ومنها نلاحظ دور قطر التي كانت السعودية والإمارات قد صادرت دورها وسلبتها استثمارها في الحرب سابقاً، كما جاء على لسان وزير خارجيتها السابق حمد بن جاسم. هكذا فالأعداء في حالة هجوم دولياً وإقليمياً ومعهم بعض في الداخل، بعض من يقبل العمل في خدمتهم ضد وطنه وضد الدولة لا فقط ضد النظام والحكومة.
في أعداء الخارج نلاحظ الهجوم الأميركي بشكله الجديد في تصريحات رئيس هيئة الأركان المشتركة الأميركية الجنرال مارك ميلي، الذي أعلن في مقابلة له مع فضائية عربية أن مصالح بلاده تتطلب استمرار الوجود العسكري الأميركي في سورية، وأن هذا الوجود سيكون لفترة قد تطول لعشرات السنين ومع ذلك نراه يدفع بألف وخمسمئة عسكري أميركي يتم نقلهم من السعودية الى سورية، مصحوبين بمعداتهم القتالية الثقيلة ومنظومات الحرب الإلكترونية دون أن يغفل عن نشر بعض السكر الأخلاقي على وجودهم بإضافة مكافحة الإرهاب ومكافحة المخدرات الى مهامهم القتالية التي استدعت كل تلك الآليات الثقيلة وتكنولوجيا الحرب الإلكترونية.
الأتراك من جانبهم استكملوا انقلابهم على صديقهم الروسيّ الذي جعل منهم أهم تاجر قمح في العالم وكان الروسي الناخب ذو الصوت الذهبي في إعادة انتخاب أردوغان، وذلك بمصالحتهم مع السعودية والإمارات، ليشمل انقلابهم أيضاً على حلفائهم من الاخوان المسلمين، ثم في عودتهم الى السياسة التوسعيّة في الأرض السوراقية، وكان ذلك بإعلانهم أن انسحابهم من الشمال السوري مسألة غير متصورة، وهم يريدون إعادة (طرد) اللاجئين السوريين المقيمين في تركيا بترحيلهم إلى مناطق سورية يحتلونها ويسرقون نفطها وثرواتها ليبقى هؤلاء تحت سيطرتهم الفعلية. فيما تقوم الدولة السورية بتقديم خدماتها لهم، هذا الدرس تعلّمه الأتراك واستنسخوه من الإسرائيليين بممارساتهم الاحتلالية ذات النجوم الخمسة، كما حصل في الضفة الغربية، احتلال غير مكلف لا بل يعود عليهم بالربح الوفير.
الإسرائيلي بدوره جاهز وحاضر دائماً، حكومته وأجهزته الأمنية والمواقع الإخبارية المقربة منها لا تتوقف عن الحديث عن الحرب المقبلة وأهوالها ومدى الاستعداد لها وإعادة البلاد المقاومة والمضادة لهم الى عصور قديمة. وهو الأمر الذي جاء الرد عليه سريعاً في خطاب الأمين العام لحزب الله في اليوم التالي، وذلك بإعلان توازن رعب، فيما ذكرت القناة الثالثة عشرة في التلفزيون الاسرائيلي أن (الكابنت) مجلس الوزراء المصغر سوف يجتمع ليناقش كيفية التعامل مع الحرب المقبلة والتي قد تشمل سورية ولبنان وغزة وتترافق مع تحرّك الشعب الفلسطيني في الضفة الغربية والداخل المحتل، مع اشارات لاحتمال تدخل إيراني مباشر فـ»إسرائيل» وإعلامها ينشران بشكل يومي تصريحات رسمية تتهم إيران بأنها وراء المقاومة بالضفة الغربية، وأنها صادرت أو اكتشفت عمليات تهريب أسلحة ومتفجرات عبر الحدود مصدرها إيران، وحسب القناة الثالثة عشرة فإن الصواريخ بعيدة المدى ستكون من أهم أسلحة وأدوات الحرب المنتظرة.
تحتار الحكومة الإسرائيلية في اختيار مسائل الدفع نحو حافة الهاوية فهل هي في الخيم المنصوبة في شمال فلسطين وجنوب لبنان أم بالأسلحة والمتفجرات الإيرانية أم بالتهديد بالقيام بعمليات اغتيال لقادة مقاومين في لبنان.
في الداخل السوري يقوم قادة الأكراد بوظيفتهم التاريخية بوضع أنفسهم وأنصارهم مادة احتراق في خدمة الأعداء وضد الدولة والوطن، يشغلهم الأميركي في شرق الفرات والإسرائيلي في اربيل والنتيجة واحدة، يسرقون ثروات بلادهم القومية من نفط وغيره ويستخدمون أثمانها في ضرب الدولة وتنفيذ أجندات أجنبية وأفكار لتحقيق احلام عصافير لا يمكن لها ان تتحقق، وقد التقى هؤلاء مؤخراً مع بعض نظرائهم من اهل السويداء والجبل لاستنساخ التجربة الكردية في الجنوب، ودون الحاجة الى معلومات أو ذكاء استثنائي فمن يتحرك في الجبل ضد الدولة وان استعمل شيئاً من الخطاب الخدمات، إلا أن المسألة تتعدى ذلك للظن بان خلايا معادية نائمة قد تمّ إيقاظها، ويبقى رهاننا على وعي أهل الجبل الأشم بقومييه الاجتماعيين ونخبه المثقفة وقياداته الروحية الرصينة.
الحرب في سورية وعليها تعود إلى مربعها الأول لأسبابها القديمة، ولكن تضاف اليها مستجدات، دولياً فلطالما كان هدف وحدة سورية والعراق أمراً يزعج حتى من كان يجدر بهم المساعدة في تحقيقه، كما أصبح الهدف اليوم بإنشاء كيان يحول دون وحدة سورية والعراق، وهو هدف معلن لا للغرب فقط وإنما لكثير من العرب ايضاً، وأن قطع الطريق بين طهران والمقاومة أمر يستدعي ذلك، ولكن المستجدات الدولية هي في تفاهة وفشل أوكرانيا وعجزها بكل ما حصلت عليه من سلاح ومال وما توافر من دعم سياسي في تحقيق أي انتصار، وانما داومت على الركض بين هزيمة وأخرى امام الدولة الروسية، يريد الأميركي والغربي الضغط على موسكو عبر تصعيد الحرب في سورية وعليها.
قدر سورية أن تقاتل وقدرها أن تنتصر ولو طال الزمان.
*سياسي فلسطيني مقيم في الكفير ـ جنين ـ فلسطين المحتلة.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى