أخيرة

دبوس

الأبواب المشرّعة

من أهمّ العوامل التي تخلق مجتمعاً غير قابل للاختراق من الخارج، هو البناء الشخصي والنفسي والفكري والأخلاقي والديني للإنسان، فكلما بذلت الطاقات وكرّست الهمم واستحدثت الوسائل في البيوت وفي المدارس وفي المؤسسات التعليمية والجامعات ووسائل التنوير والإشعاع للاجتهاد وللعمل الصادق في صياغة بناء أخلاقي متماسك للإنسان، تحكمه مجموعة من الأطر القيمية، كلما خلقنا مجتمعاً أكثر حصانة ومنعةً إزاء أطماع الخارج…
في المقابل، حينما يبدي الداخل ضعفاً ووهناً ونقصاً في المناعة ضدّ الأنواء المتدفقة فإنه يصبح بالحتمية هدفاً لتدخلات الخارج، وبالعكس، فحينما يصبح الداخل محصَناً، عصيّاً على الأطماع الخارجية، لا يمكن اقتحامه، يبتعد الطامعين ويؤثرون السلامة.
ما هي الموانع القانونية والقضائية والجنائية والدستورية التي تمنع مرتشٍ، يُقال له NGO، من أن يقبض المال من قوىً خارجية، ثم يقوم بتنفيذ أجندة المموّل الخارجي في بلاده، بغضّ النظر عن الضرر الذي قد تلحقه مثل هذه الممارسة بالوطن، وبالبلاد، وبأمنها القومي؟
أين هي الضوابط القانونية والتشريعية التي تحظر شراء أصوات الناخبين في مجتمعات تئنّ تحت وطأة الفقر المدقع، والفاقة الماحقة؟ أين هي القوانين التي تحظر على أيّ شخص مرتهن لقوىً خارجية من خلال تشابك مصالحه الشخصية مع الخارج أيّاً كان، من أن يتبوّأ موقعاً عامّاً، فيصبح البلد برمته مرتهناً للخارج؟ أين هو النظام، وما هي الآلية، وأين هي القوانين والموانع التشريعية والتنفيذية والقضائية التي تستطيع ان تمنع شخصين مثل البرهان ودقلو من ان يقفزا ذات فجأة وفي بهيم الليل الى سدّة الحكم، ثم يذهبا بعد ذلك بالبلاد الى عواقب قد تحمل في طياتها نهاية الوطن أرضاً وشعباً وتراثاً وثروات وتاريخ وجغرافيا؟
ما الفائدة من ديموقراطية مدّعاة، ووسائل الإعلام والترويج السلعي ممسوكة بالمال من قبل قوىً مرتبطةً بالأوليغارشية العالمية، فتصوّر للناس ما تشاء، وتجعل من القديس لصّاً، ومن اللصّ قديساً، ويصبح المجرم القاتل المدان بجرائم لا حصر لها، بطلاً وحكيماً لا يشقّ له غبار، ويصبح من يضع روحه على كفه للدفاع بدمه عن حياض الوطن ضدّ المعتدي المحتلّ، يصبح مارقاً خارجاً عن السلطة وعن القانون، وسلاحه متفلّتاً؟ أوطاننا مشرّعة الأبواب على مصراعيها للخارج، يعبث بها وبنا كيف يشاء، كان يفعل بنا ذلك بالقوة الصلبة، وبكمية النيران، وأصبح يفعل بنا ذلك بالقوة الناعمة وبكمية الدولار.
سميح التايه

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى