أولى

زيارة الأسد إلى الصين والصمت الأميركي

– باستثناء عدد محدود من أعضاء مجلسي النواب والشيوخ، لا تعليقات رسمية أميركية على زيارة الرئيس السوري بشار الأسد إلى الصين، وانعقاد القمة الصينية السورية، وما تضمنته من إعلان الرئيس الصيني الانخراط في شراكة استراتيجية مع سورية. وللتذكير فقط فإن البيت الأبيض والخارجية الأميركية ومجلس الأمن القومي الأميركي ووزارة الدفاع الأميركية أصدروا في يوم واحد بيانات تنديد بـ الانفتاح العربي على سورية، عندما قرّر وزراء الخارجية العرب إعادة المقعد السوري للدولة السورية وما تلاها من توجيه الدعوة للرئيس الأسد للمشاركة في أعمال قمة جدة. فهل السبب أن مجرد الانفتاح العربي يشكل مصدر قلق لواشنطن، بينما شراكة استراتيجية للصين مع سورية، لا تعني شيئاً لأميركا؟
– الأكيد أن الاهتمام بسورية أولوية أميركية، فواشنطن التي سحبت قواتها من أفغانستان، مصرّة على إبقائها في سورية، حيث سورية هي البلد الوحيد في العالم الذي تتمركز فيه قوات أميركية خارج قواعد متفق عليها مع الدولة الشرعية. وسورية التي تفرض عليها وعلى مَن يتعامل معها اقتصادياً وتجارياً عقوبات شديدة القسوة، استدعت من واشنطن إغراء تركيا بالكثير لإعادة النظر بموقفها في الاتجاه نحو المصالحة مع الدولة السورية، بينما مارست واشنطن ضغوطاً شديدة على دول الخليج للامتناع عن ترجمة الانفتاح السياسي بخطوات اقتصادية. وواشنطن نفسها تسامحت مع عدم التزام السعودية ودول الخليج وتركيا ومصر بالعقوبات على روسيا، رغم حجم أهمية هذه العقوبات في رسم مستقبل الحرب في أوكرانيا وفقاً للنظرة الأميركية.
– بالمقابل عندما نتحدّث عن أهمية سورية، فلا حاجة للتعريف بالصين وقدرتها المالية والاقتصادية، وامتلاكها خطة الحزام والطريق، التي تمثل مشروع الصين الاستراتيجي على الساحة الدولية. واختيار سورية كقاعدة للشراكة الاستراتيجية تهديد مباشر لمنظومة العقوبات عبر اعتماد التبادل التجاري بالعملات الوطنية، وهي رسالة لتسريع التشبيك السوري العراقي، باعتباره حلقة في الحزام والطريق، ورسالة لتسريع المصالحة السورية التركية، باعتبار أن نجاح الخط التجاري العابر للبلدين مشروط بتنقية الأجواء السياسية بينهما، وضمان الأمن عبر مناطقهما الحدودية، ورسالة لدول الخليج وشركاتها للسير وراء الشركات الصينية نحو سورية، وكل هذا يعني إحباط ما سعت وتسعى إليه واشنطن.
– الصمت الأميركي ليس استخفافاً بما جرى، بل هو قمة الارتباك وعدم استيعاب حجم الصفعة.

التعليق السياسي

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى