أولى

زيارة الرئيس الأسد إلى الصين هي الممر لولادة النظام العالمي الجديد

‭}‬ معن بشور
في أواخر شهر تشرين الأول/ أكتوبر 2011، أيّ بعد أشهر قليلة من بدء الحرب الكونية على سورية، حاول التحالف الأميركي – الأطلسي أن ينتزع قراراً من مجلس الأمن يهدّد باتخاذ “إجراءات” محدودة الأهداف ضدّ سورية، لولا فيتو مزدوج أعلنه مندوبو الاتحاد الروسي وجمهورية الصين الشعبية.
يومها وفي لقاء عقدناه في دمشق مع الرئيس السوري الدكتور بشار الأسد أجراه وفد من المنتدى العربي الدولي لمناهضة التدخل الخارجي ودعم الحوار والإصلاح في سورية الذي كان قد انعقد قبل أيام في بيروت بدعوة من المركز العربي الدولي للتواصل والتضامن قال الرئيس الأسد: “لقد سمعنا مثلكم في وسائل الإعلام عن الفيتو الروسي الصيني دون أن تعلمنا حكومتا موسكو وبكين عن نيتهما باتخاذ ذلك الموقف.”
واستطرد الرئيس الأسد قائلا: “يبدو أنّ الأصدقاء في موسكو وبكين قد أدركوا طبيعة الحرب على سورية وأهدافها التي لا تنحصر بتدمير بلدنا فقط، بل تسعى الى الهيمنة الكاملة على غرب آسيا وصولاً إلى تهديد الأمن القومي لكلّ من الاتحاد الروسي وجمهورية الصين الشعبية.”
لم تكن موسكو يومها قد اتخذت قرارها مع طهران وحزب الله بالمشاركة عسكرياً في ردع هذه المؤامرة الكونية على سورية والمنطقة بأسرها، وكان واضحاً انّ شعوراً متنامياً لدى كلّ القوى المناهضة للهيمنة الاستعمارية بأنّ مستقبل العالم كله مرهون بنتائج الحرب على سورية، وأنه كما كانت الحرب على العراق وأفغانستان هي بداية هيمنة النظام العالمي الآحادي القطبية بقيادة واشنطن على العالم، فإنه على ضوء نتائج الحرب على سورية يتقرّر مستقبل هذا النظام، فإما أن يجري تكريسه لعقود أو أن يتراجع أمام قيام نظام عالمي متعدّد الأقطاب.
وما الاستقبال الحار والمميّز للرئيس السوري في الصين هذه الأيام، إلا إعلانٌ عن تنامي هذا النظام الجديد المتحرر من هيمنة القطب الأميركي الأحادي، وهو إعلان يأتي في إطار جملة تطورات تؤكد هذا الاتجاه لا سيّما على صعيد تنامي التجمعات الدولية الخارجة عن هيمنة واشنطن وحلفائها من بريكس الى شنغهاي وصولاً الى قمة هافانا لمجموعة 77+ الصين، التي انعقدت قبل أيام في كوبا لفكّ الحصار التاريخي على هذه القاعدة المتقدّمة في مقاومة الامبريالية العالمية والواقعة على بعد كيلومترات قليلة عن مركز هذه الامبريالية العالمية أيّ الولايات المتحدة الأميركية.
وبهذا المعنى، فإنّ الاستقبال الحار المميّز للرئيس الأسد من إحدى أكبر وأغنى دول العالم لا ينحصر في ما يمكن ان تقدّمه الصين من دعم لإعمار شامل لسورية وإزالة آثار العدوان الكوني عليها فحسب، بل إنه مؤشر بأنّ العالم بدأ يدخل نظاماً عالمياً جديداً لا حصار فيه ولا عقوبات، ولا سيّما انّ واشنطن وحلفاءها لم يعودوا يملكون من أسلحة يستخدمونها بوجه الشعوب المتمرّدة سوى سلاح الفتنة الداخلية والحصار الخارجي مستفيدين طبعاً من ثغرات وخلل في العلاقات الداخلية في هذه الدول…
فهل تسعى الشعوب التي تواجه الفتنة والحصار الى تشكيل جبهة عالمية لمقاومة الفتن والحصار تشمل كلّ الدول المعنية والداعمة لها؟

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى