مقالات وآراء

الخشية من الهجوم البري والتفاوض لإطلاق الأسرى… بداية تراجع نتنياهو؟

‭}‬ حسن حردان
يبدو من الواضح انّ كيان الاحتلال الصهيوني يمعن في مواصلة تصعيد عدوانه على قطاع غزة عبر القصف الجوي والبري والبحري، ويرتكب المزيد من المجازر، دخل في مأزق في سعيه الى تحقيق أهدافه العالية السقف، نتيجة بقاء جيشه على تخوم غزة في حالة انتظار وسط ارتباك وتردّد قيادته لخشيتها من البدء بالهجوم البري للقطاع، في حين يستمرّ العدو في تشديد الحصار على القطاع، ضارباً بعرض الحائط كلّ المطالبات الدولية لوقف النار وفتح ممرّ دائم لدخول المساعدات إلى غزة من دون قيود، وهو ما ظهر من خلال عدم السماح بدخول الوقود، وفرض تقنين على عدد الشاحنات المحمّلة بالأدوية والمعدات الطبية التي أذن بدخولها من خلال معبر رفح.
ولكن السؤال الذي يطرح هو، متى يصل كيان الاحتلال إلى طريق مسدود في رهانه على محاولة تحقيق الأهداف المذكورة آنفاً، ويسارع الى طلب المساعدة الأميركية لإيجاد مخرج له للتراجع عن مواصلة عدوانه؟
بناء على ما شهدناه في حرب تموز على لبنان عام 2006، وكيف بدأ العدو عدوانه، والأهداف التي سعى إلى تحقيقها بدعم وقرار أميركي غربي مماثل لما يحصل الآن، يمكن القول انّ حكومة نتنياهو لن تتراجع بسهولة وتقبل بوقف العدوان من دون تحقيق أهدافها، إلا في حال أصبحت أمام ما يلي:
أولاً، فشل جيش العدو في تحقيق نصر في الميدان، وتكبّده خسائر جسيمة غير مسبوقة بالعتاد والأرواح، نتيجة المقاومة الضارية التي سيواجهها عند محاولته الدخول الى بعض مناطق غزة، على غرار ما واجهه في حرب تموز من مقاومة شرسة دمّرت دباباته وحوّلتها إلى مقابر لجنوده، فيما فشلت وحدات النخبة الصهيونية في السيطرة واحتلال بنت جبيل والخيام وعيتا، وعلما الشعب إلخ… وغرق جيش الاحتلال في حرب استنزاف ذات كلفة عالية.. في حين فشل طيران العدو في إضعاف قدرة المقاومة على مواصلة إطلاق الصواريخ التي تمكّنت من إلحاق خسائر كبيرة بكيان الاحتلال.
ثانياً، عدم قدرة جيش الاحتلال على مواصلة المعركة نتيجة الخسائر الكبيرة والفشل في مواجهة المقاومة، وانهيار معنويات ضباطه وجنوده، وتحرك الرأي العام الصهيوني لعدم استعداده تحمّل كلفة حرب استنزاف طويلة ومكلفة جداً، لا سيما إذا ما توسّعت المواجهة مع المقاومة في جنوب لبنان، ودخلت قوى المقاومة في المنطقة على خط المعركة، وبدأت الضغوط على نتنياهو، من قبل قيادة الجيش للتوقف عن الاستمرار في الحرب خوفاً من تداعياتها الخطيرة عليه وتحوّلها إلى كارثة تلحق به وبالكيان تتجاوز ما تعرّض له أثر هجوم المقاومة في جنوب فلسطين المحتلة..
ثالثاً، عندما تجد حكومة الحرب الصهيونية برئاسة نتنياهو بأنها لم تعد تستطيع تجاهل ضغوط الجيش، والرأي العام الصهيوني، ووصولها إلى طريق مسدود في مواجهة المقاومة الفلسطينية، واستطراداً اضطرار نتنياهو للجوء إلى إدارة بايدن طلباً للمساعدة على إيجاد مخرج سياسي لوقف الحرب في غزة، كما حصل في حرب تموز، فكان القرار الدولي 1701 المخرج لحكومة إيهود أولمرت لوقف العدوان والتراجع..
رابعاً، عدم قدرة جيش الاحتلال على تحمّل البقاء مستنفراً على تخوم غزة، في ظلّ استمرار حالة التردّد في الإقدام على تنفيذ الهجوم البري في غزة، فإنّ ذلك مع الوقت يظهر جيش العدو بصورة العاجز والخائف، ويؤدّي الى إضعاف زخمه وحماسته ومعنويات جنوده، وهو ما دفع قادة جيش الاحتلال الى التحذير من خطر البقاء في هذه الحالة من الانتظار، إلى جانب أنّ ذلك يكشف خشية قيادة جيش العدو من مواجهة رجال المقاومة في الميدان، والذين استعدّوا جيداً لتلقينه دروساً قاسية في القتال المباشر، حيث الغلبة لمن يملك عدالة القضية وروح التضحية والاستعداد للاستشهاد، والجاهزية والقدرة على خوض حرب المدن.. وهي صفات لا يملكها الجندي الصهيوني المحتلّ الذي يعتمد في حروبه على تفوّقه بالطيران، الذي سيشلّ دوره، في حالة القتال المباشر.. وقد أظهر سرعة تصدّي كتائب القسام بالأمس لقوة إسرائيلية مدرّعة قرب السياج شرق خانيوس، واعتراف جيش الاحتلال بمقتل جندي وجرح ثلاثة جنود، مدى جهوزية المقاومة لأيّ هجوم اسرائيلي من الأمتار الأولى.. ما يؤشر إلى أنّ جيش العدو الذي أراد جسّ النبض، سيواجه قتالاً ضارياً منذ اللحظات الأولى للهجوم البري، وانّ عليه التحضّر للخسائر الكبيرة التي ستلحق به.. ولهذا هناك من يرى أنّ حديث قادة الجيش الإسرائيلي ونتنياهو للجنود عن حرب طويلة وصعوبات ستواجههم، انما يعكس المأزق الذي يواجه حكومة نتنياهو والمراوحة التي دخل فيها العدوان على غزة، وحالة التردّد والتريث في شنّ الهجوم البري، في وقت ذكرت وكالة بلومبرغ الأميركية نقلاً عن مسؤولين مطلعين بأنّ «إسرائيل أبلغت واشنطن مواقفتها على دعم الجهود الدبلوماسية لإطلاق الأسرى، وتأخير الهجوم البري»، للمرة الخامسة.. مما قد يكون مؤشراً على بدء مسار إسرائيلي تراجعي نتيجة المأزق النابع من خشية الإقدام على الهجوم البري من ناحية، وازدياد ضغط عائلات الأسرى وواشنطن لإعطاء موضوع السعي لإطلاق الأسرى الأولوية من ناحية ثانية.. بعد أن كان نتنياهو يضع هدف تدمير غزة والقضاء على المقاومة في المرتبة الأولى.. لا سيما أنّ موضوع التفاوض لإطلاق أسرى جنود الاحتلال، والذين بينهم من يحمل جنسية مزدوجة، قد يأخذ وقتاً طويلاً، لأنّ المقاومة أرادت بالأصل من وراء أسر العدد الكبير من جنود العدو، إجراء صفقة لتبادل الأسرى تؤدي إلى تحرير كلّ الأسرى الفلسطينيين والعرب من سجون الاحتلال.. الأمر الذي سيشكل انتصاراً جديداً للمقاومة يتوّج انتصارها العسكري في 7 تشرين الأول الحالي…

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى