مقالات وآراء

الحرب الروسية الأوكرانية والغايات الأميركية…؟

‭}‬ د. حسن مرهج*
في غمرة ما يحدث من تطورات على صعيد الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، وفي ظلّ مناخ سياسي وعسكري غاية في التعقيد، لكن ثمة صراعاً من نوع آخر، يكاد يكون مرتبطاً بشكل مباشر، بجملة الأحداث والتطورات في الشرق الأوسط، إذ أن المُحرك الأساس لكلّ ما يحدث ينطلق من غايات أميركية، كما أنّ التدخل الأميركي المباشر في أزمات المنطقة، لا يبدأ من حدود البحث عن حلول، بل على العكس، فإنّ التدخلات الأميركية هي المبعث الحقيقي للتوترات، وهنا لا يمكن التعمّق في أحداث غزة الحالية، فالواقع ومآلاته لا تزال ضبابية، ولا يمكن تقديم مقاربة واضحة في هذا التوقيت، نظراً لتشابك مفاهيم وعناوين الصراع، ولا بدّ ان تنطلق البداية من جهد عربي وإقليمي ودولي، لإيجاد حلول مستدامة للقضية الفلسطينية.
مفاهيم الصراع الأميركي مع روسيا، لا تحدّدها جغرافية بعينها، لكن استمرار الحرب الروسية الأوكرانية له بُعد أميركي يتجلى يوماً بعد يوم، لا سيما تداعيات استمرار الحرب الروسية الأوكرانية لها تأثيرات كبيرة على البلدين والمنطقة بشكل عام، إذ تزداد حدة الصراع وتتفاقم المشكلات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية في عموم دول العالم، والأهمّ أنه من الناحية السياسية، تزداد التوترات بين روسيا والدول الغربية، خاصة في ظلّ فشل محاولات التسوية السياسية واستمرار الاشتباكات، مما يؤدّي إلى تدهور العلاقات الدبلوماسية وتفاقم الانقسامات السياسية داخل البلدين.
لكن في المقابل، فإنه من الواضح أنّ للولايات المتحدة بعض الأهداف من استمرار الحرب الروسية الأوكرانية، وتشمل:
1 ـ تعزيز النفوذ الأميركي في المنطقة: الولايات المتحدة ترى في استمرار الصراع فرصة لتعزيز تواجدها ونفوذها في المنطقة، سواء عبر تقديم المساعدة العسكرية لأوكرانيا أو من خلال تعزيز التحالفات الإقليمية.
2 ـ ضغط روسيا وتقييدها: يمكن للولايات المتحدة استخدام الحرب الروسية الأوكرانية لممارسة ضغط على روسيا وتقييدها في مجالات أخرى، مثل العقوبات الاقتصادية أو التدخل في الشؤون الداخلية الروسية.
3 ـ حماية حلفاء الولايات المتحدة: قد تهدف الولايات المتحدة إلى استمرار الصراع لحماية حلفائها في المنطقة، مثل دول الناتو ودول شرق أوروبا، وتعزيز الأمن والاستقرار في المنطقة.
4 ـ تقويض نفوذ روسيا: يمكن للاستمرار في الحرب أن يساهم في تقويض نفوذ روسيا وتقييدها في المنطقة، وبالتالي تعزيز مصالح الولايات المتحدة وحلفائها.
وبصرف النظر عن جملة الأهداف الأميركية السابقة، إلا أنّ الولايات المتحدة تعمل في سياق استمرار الحرب الروسية الاوكرانية، وقد يكون ذلك بغية استخدام عوامل الضغط على روسيا في الشرق الأوسط، وتحديداً في الملف السوري، فضلاً عن أنّ الحرب الدائرة حالياً في فلسطين، ومحاولة روسيا إيقافها عبر قرار أممي لكنه اصطدم بالفيتو الروسي، كلّ ذلك يؤكد بأنّ الصراع الروسي الأميركي يتمدّد، وهذا التمدّد سيكون له تأثيرات كبيرة، على عناوين الصراع الإقليمي والدولي.
*خبير الشؤون السورية والشرق أوسطية ومدير شبكة فينيقيا للأبحاث والدراسات الإستراتيجية.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى