مقالات وآراء

الغرب قلق جداً من توسيع الحرب!

عمر عبد القادر غندور*

يخرج الرئيس الأميركي جو بايدن ليقول للصحافيين “أنا الذي أصدرت أمراً بضرب قاعدة خاضعة لجماعة طهران!”
وهو في الحقيقة يخاطب الأميركيين على مشارف الانتخابات الرئاسية المقبلة متفرعناً ومتباهياً بقيادة الولايات المتحدة لقتل الفلسطينيين في الضفة الغربية وغزة وإبادتهم عن آخرهم، ولا رهان على الاخوة في الدين والعروبة والجغرافيا، ومثلما كانت داعش تتوق الى الخلافة الإسلامية وهي من الرحم الاميركي الصهيوني كـ “إسرائيل “التي تخرج من ذات الرحم لذبح الفلسطينيين وخاصة الأولاد التي ترى فيهم مقاتلين لها عندما يقوى عودهم…
وبعد ثلاثة أسابيع على المذبحة تقف “إسرائيل” رغم فائض المساعدات الأميركية والغربية، وبعد ان أعدمت نحو 7 آلاف طفل وامرأة عاجزة عن إنجاز نصر عسكري واحد! وعن مثل حالهم اليوم كما وصف بن غوريون منذ عقود “إسرائيل” بالقلب العليل في جسد رافض.
وتحاول الولايات المتحدة ان تحقق نصراً واحداً لـ “إسرائيل”، ولا يبدو ذلك متاحا حتى الساعة، وهي الولايات المتحدة لا ترغب في اتساع جبهات الحرب على غزة، ولو تنبّهت الى ردع الصهاينة اعتباراً من 8 تشرين الماضي لأرغمتهم على التوقف، ولتتحاشى هذا الغضب الذي يعمّ العالم رفضاً للمجازر العرقية وجرائم الحرب التي تغفل عنها المحكمة الجنائية لصالح الولايات المتحدة والغرب المتوحش .
ومع ذلك انّ الولايات المتحدة تمدّ إسرائيل بكميات ضخمة من غاز الأعصاب لنشره في أنفاق غزة (وهو ممنوع دولياً) الى جانب معدات وأجهزة تنصّت معقدة وحديثة جداً، وما عساها ان تفعل أكثر من تأهّب قواعدها في الخليج والبحر الأحمر والمتوسط وحاملات طائراتها وغواصاتها في مياه فلسطين، وهي الغارقة وأوروبا في أوحال الحرب في أوكرانيا، ومواجهة أمة قد تهبّ في ايّ لحظة مردّدة ما يقوله القرآن الكريم “الَّذِينَ اسْتَجَابُوا لِلَّهِ وَالرَّسُولِ مِن بَعْدِ مَا أَصَابَهُمُ الْقَرْحُ ۚ لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا مِنْهُمْ وَاتَّقَوْا أَجْرٌ عَظِيمٌ (172) ال عمران”، “يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ ٱصۡبِرُواْ وَصَابِرُواْ وَرَابِطُواْ وَٱتَّقُواْ ٱللَّهَ لَعَلَّكُمۡ تُفۡلِحُونَ ﴿٢٠٠﴾ ال عمران ”
وبالأمس اختتمت القمة الأوروبية أعمالها في بروكسل بالدعوة الى هدنة إنسانية وعقد مؤتمر للسلام خلال أشهر يبحث حلّ الدولتين، واعتبرت انّ نتنياهو يخوض حرب حياة او موت مع الفلسطينيين بعد ان أقفل جميع المسالك الديبلوماسية ولا يأبه بمصالح الحلفاء الغربيين الذين يكتوون بالحرب الأوكرانية التي تنهش في اقتصادياتهم، ويدفعون أضعافاً مضاعفة من أثمان الغاز الى جانب خشيتهم من استمرار الحرب على الفلسطينيين ويخشون من تطورات أكثر إيلاماً كـ إقفال الممرات المائية الموصلة الى أوروبا من جبل طارق (المغرب) وقناة السويس (مصر) وتيران (السعودية) وباب المندب (اليمن) وهرمز (إيران) والبوسفور ومضيق الدردنيل (تركيا)! وماذا لو ضُربت إمدادات الغاز من “إسرائيل” وغيرها على أبواب الشتاء؟؟ في وقت بلغ فيه عدد ضحايا المجزرة الصهيونية 7814 شهيداً.
بعد قرابة شهر على مجازر الصهاينة في دماء النساء والأطفال يستمر الفعل وردّ الفعل على جميع المستويات، ولا يبدو في الأفق ما يشير الى نهاية لهذه المجازر التي ترعاها الولايات المتحدة وأذنابها من الأوروبيين، وهو ما يثير قلق المستوطنين ومستقبل بقائهم في فلسطين والولايات المتحدة من عدم وجود تصوّر لإنهاء هذه الحرب الدموية، وهو ما يؤخر العملية البرية التي طالما هدّد بها نتنياهو الذي يتأرجح بين نصر عسكري مستحيل (وهو ما تراه الولايات المتحدة) وبين السجن الذي ينتظره، ونقلت صحيفة “نيويورك تايمز” يوم الأحد عن مسؤولين اميركيين تأكيدهم انّ إسرائيل أوقفت خطط غزو واسع لغزة واستبدلتها بتوغلات برية محدودة تماشياً مع اقتراح وزير الدفاع الأميركي لويد أاوستن، بينما واصل نتنياهو جعجعته وقال: “نحن في البداية سندمّر حماس فوق الأرض وتحتها”.
وتقول صحيفة “فاينانشل تايمز” البريطانية: لا يوجد توافق بين القيادات السياسية الاسرائيلية بشأن خطة واضحة لغزو بري في غزة، وانّ الأميركيين أصابهم استياء شديد عندما أدركوا انه لا توجد خطة صالحة للحرب. وقالت صحيفة “جيروزاليم بوست” انّ أحد أهمّ عوامل القلق المتزايد انّ هناك من ينتظر اللحظة التي تكون فيها معظم القوات البرية الجاهزة للزحف على غزة: ليضرب ضربته… وهناك عامل آخر انّ جيش “إسرائيل” لم يخض حرباً كهذه منذ عقود وانّ الاندفاع الى التدخل دون استعداد لمجرد إشباع التعطش للانتقام يمكن ان يكون خطأ كبيراً…
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
*رئيس اللقاء الإسلامي الوحدوي

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى