أولى

غزة مقبرة الغزاة

ينظر بطريقة مختلفة لحرب غزة، ويفهمونها أكثر من سواهم، كل الذين خاضوا معارك الدفاع عن بيروت، خصوصاً الذين بقوا بعد انسحاب قوات منظمة التحرير الفلسطينية منها، يعرفون أن مئة يوم تفصل بين معركة خلدة على أبواب بيروت في 11 حزيران 1982 وانسحاب جيش الاحتلال من العاصمة في 27 أيلول 1982، لم يتمكّن خلالها جيش الاحتلال من دخول العاصمة اللبنانية بيروت فاتحاً، فتسلل بعد انسحاب مقاتلي منظمة التحرير الفلسطينية تحت غطاء انتشار القوات المتعدّدة الجنسيات، واضطر إلى الانسحاب تحت وابل رصاص المقاومين اللبنانيين، ويتلقى بعد شهر من خروجه تقريباً، أكبر صفعة عسكرية تلقاها حتى عملية طوفان الأقصى، عندما فقد 110 من ضباطه وجنوده بتفجير مقرّ الحاكم العسكري الإسرائيلي في صور في 11 تشرين الثاني 1982.
الجيش الذي كان في ذروة انتصاراته وعنجهيته عجز عن دخول بيروت بالقوة العسكرية، وعندما دخلها عجز عن البقاء فيها، وبيروت ذات المساحة الأقل من مئة كيلومتر مربع، أذاقته مراراتها حتى رحل مكسوراً مهزوماً، وأمامه لم تكن مقاومة منظمة ومجهزة وذات بنية وخبرات وأسلحة تشبه بعض ما لدى المقاومة في غزة. بينما هذا الجيش بعد نكسة 7 تشرين في أسوأ أيامه، فهل من سبب للشك في أن هذا الجيش سوف يتكسّر وتتكسّر رماحه في مواجهات غزة، مع المقاومة التي نظّمت وهيّأت وخططت ونفذت عملية مبهرة تمثل حرباً كاملة، في طوفان الأقصى؟
تدفق المعلومات عن تقدّم هنا أو هناك لجيش الاحتلال قد يشغل بال الذين لا يعرفون المعادلات، لكن الذين يعرفون، يقولون إن الدسم لم يصدر بعد من المعلومات الآتية من ميادين القتال. واليقين المطلق أنه عندما ينجلي الغبار فإن أشلاء جنود الاحتلال، وشظايا آلياته، سوف تملأ المكان، وعسى تصدق المعلومات التي تقول ان وحدات أميركية خاصة تشارك في العمليات إلى جانب جيش الاحتلال، فسوف يشاركونه غرم الحرب، كما حدث في لبنان، ومَن يريد التحقق لا يحتاج إلا الى بعض الصبر والانتظار.

التعليق السياسي

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى