مقالات وآراء

قناة «الميادين» وشعب الجبارين

‭}‬ حمزة البشتاوي
منذ اليوم الأول لعملية طوفان الأقصى، وإعلان الحكومة «الإسرائيلية» الحرب على غزة، برز دور الإعلام كلاعب رئيسي في توجيه الرأي العام، أو التعبير عنه.
وقد عبّرت قناة «الميادين»، منذ انطلاقتها عن التزامها بالمعايير المهنية والموضوعية، دون التفريط بانحيازها لعدالة القضية الفلسطينية، بتعاطف لم يكن يوماً على حساب إخلاصها للمهنة وعلاقتها بالمشاهدين.
وإذا كان التعاطف مسموحاً للإعلام الغربي مع الإسرائيليين، فإنّ ذلك ليس ممنوعاً على قناة «الميادين»، التي تسلط الضوء دائماً على صرخات الضحايا وقضيتهم العادلة دون تزييف أو تضليل، بل استناداً إلى الواقع كما هو، وحقيقة ما يحدث على الأرض بمسؤولية والتزام أخلاقي وإنساني.
وهي لا تستخدم الحياد باعتباره وسيلة للهروب من اتخاذ موقف أخلاقي، بل انطلاقاً من عدم قبولها للحياد ما بين الحق والباطل أو بين الضحية والجلاد، أو بين الخير والشر، ولا بين المقاوم والمحتلّ وحرب الإبادة التي تشن على قطاع غزة.
وبسبب مصداقيتها العالية وانحيازها الأخلاقي للسردية الفلسطينية، بضمير مهني وشجاعة وتميّز بجرأة الطرح وصحة التوصيف والمفردات التي تعتمدها القناة، ومنها وصف الفلسطينيين بالشهداء، ووصف المستوطنين وجنود جيش الاحتلال بالقتلى، وهذا ما تخلت عنه الكثير من الفضائيات.
وبما أنّ قناة الميادين تحظى بنسبة مشاهدة كبيرة، وتقدّم صورة متكاملة لدرجة استفزت المستوى السياسي والأمني «الإسرائيلي»، وجعلته يعلن الحرب عليها، كما صرح وزير الدفاع يوآف غالانت قائلاً: لن نسمح بالدعاية الخطرة التي تبثها قناة الميادين، وليعلن بعد ذلك المجلس الوزاري السياسي والأمني «الإسرائيلي» إقفال مكاتب قناة «الميادين» ووقف بثها في الداخل الفلسطيني،، حيث نسبة المشاهدة عالية جداً، وكذلك في القدس والضفة الغربية، باعتبار القناة وفق بيان مشترك لوزير الدفاع يوآف غالانت ووزير الإتصالات شلومو كرعي (قناة تضرّ بأمن إسرائيل).
وسبق هذا القرار حملة ضدّ «الميادين» ومراسليها في فلسطين، وتوّجت الحملة بقرار لمجلس الوزراء السياسي الأمني وإصدار تعليمات باتخاذ إجراءات دائمة ضدّ شبكة «الميادين» الإعلامية.
وعن الأسباب المتعددة المرتبطة بهذا القرار «الإسرائيلي» يمكن ذكر ما يلي:
1 ـ عمل القناة على تأطير الصراع مع الاحتلال باعتباره قضية يجب عدم تجاهلها في أيّ وقت من الأوقات والوقوف مع الإنسان وحقوقه في الحرية وتقرير المصير ومقاومة العدوان.
2 ـ رفضها الخلط بين مفهوم المقاومة والإرهاب الذي يمارسه الإحتلال ضدّ الفلسطينيين في أرضهم.
3 ـ تسليط الضوء على المعاناة والقصص الإنسانية عن صمود الفلسطينيين بمواجهة الإحتلال وعدوانه الهمجي ضدّ المدنيين.
4 ـ نسبة المشاهدة العالية للقناة داخل فلسطين ولدى الجاليات العربية في في أوروبا وأميركا والعالم.
5 ـ بث التقارير الإخبارية والتوثيقية حول المجازر المرتكبة بحق الفلسطينيين.
6 ـ تركيز التغطية في بداية الحرب على الإخفاق الإستخباري والأمني الإسرائيلي وإستضافة محللين يتحدثون عن بيت العنكبوت.
7 ـ إعطاء مساحة في التغطية المباشرة والبرامج حول أسباب العملية والحرب وكفاح الشعب الفلسطيني دفاعاً عن القدس والأسرى وتطلعاته لنيل الحرية والإستقلال.
8 ـ المصداقية والوضوح في المفردات والمصطلحات.
9 ـ عدم الأخذ بما تروّجه بعض وسائل الإعلام الغربية من تزييف للحقائق وترويج للأكاذيب.
10 ـ رفض الحيادية الشكلية في تناول الأحداث والحرب ووضع الجرائم «الإسرائيلية» والفظائع الإنسانية في مقدمة التغطية.
11 ـ عدم قدرة الأميركيين على التأثير عليها وخفض ما يسمّونه التخفيف من حدة الخطاب.
12 ـ إيصال الأخبار للرأي العام بمهنية ونزاهة أوْجدت ثقة كبيرة ما بينها وبين المشاهدين…
ويمكن القول بأنّ السبب الأبرز إضافة لما ذكر هو دور قناة «الميادين» وموقعها وصفحاتها على السوشيال ميديا في تغيير المزاج العالمي لمصلحة القضية الفلسطينية والفلسطينيين، ولا يتوقع تأثر سياسة «الميادين» بهذه القرارات الإسرائيلية خاصة أنّ رئيس مجلس إدارتها الإعلامي غسان بن جدو قد أكد بأنّ «الميادين» ستبقى تحتضن وتدافع عن فلسطين القضية والشعب والمقدسات المسيحية والإسلامية، وستبقى مع الإنسان في كلّ مكان وخاصة مع غزة وشعب الجبارين.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى