بايدن يردّ على بايدن… لماذا؟

في 19 تشرين الثاني أي قبل عشرة أيام، كتب الرئيس الأميركي جو بايدن مقالاً في صحيفة واشنطن بوست، قال فيه إنه يرفض بشدّة أي دعوة لوقف إطلاق النار في غزة، بينما كانت وزارة خارجيته تقول إن أي وقف لإطلاق النار هو إعلان انتصار لحركة حماس التي تهدف الحرب إلى اجتثاثها.
كانت الحرب على غزة في ذروة اندفاعها، وقبل أربعة أيام سبقت إعلان الهدنة بين قوى المقاومة وجيش الاحتلال. وقد شهدت الأيام التي تلت تصريح بايدن وموقف الخارجية الأميركية أوسع هجمات شنتها المقاومة على مواقع الاحتلال في شمال غزة، وشهدت خلالها الشوارع الأميركية أضخم مظاهرات مساندة لفلسطين وغزة مندّدة برفض بايدن وإدارته لوقف إطلاق النار.
أمس، نقلت وكالة رويترز عن الرئيس الأميركي جو بايدن قوله «إن استمرار الحرب في غزة هو بالضبط ما تريده الفصائل الفلسطينية». وبحسب ما ذكرته شبكة «رويترز»، قال بايدن «إن الحرب تعطي الفصائل الفلسطينية ما تسعى إليه». وقال بايدن «إن الاستمرار في السير على طريق العنف والقتل والحرب يعطي الفصائل الفلسطينية ما تسعى إليه، وأكد أنه لا يمكننا أن نسمح بذلك».
لم يقذف الله نور الإيمان في صدر بايدن فاستفاق لقبول وقف الحرب، فهو يقدّمها مجدداً من موقع العداء لفلسطين ومقاومتها، لكنه انقلب على نفسه وصار يرى أن المقاومة تستفيد من الحرب وتسعى إليها بعدما كان يرى أن المقاومة تستفيد من وقف الحرب وتسعى إليها، فما الذي تغيّر؟
الذي تغيّر أن الحرب التي كان واثقاً من الفوز بها قد تمّت خسارتها، وأن الردع الذي كان واثقاً من فاعليته ظهر في حال تآكل، وأن المقاومة التي توهّم أنها سوف تنهار أمام الحرب وأن حلفاءها سوف يتراجعون أمام التهديد، قد تسبّبوا له بالإحباط. فصمدت المقاومة في غزة وقاتلت بجدارة ومهارة واستحقّت نصرها، وأن حلفاءها لم يخذلوها وردّوا على تهديدات الردع بالردع المضاد فربحوا حرب الردع، من جبهة لبنان التي تصاعدت على إيقاع تصاعد التهديد الأميركي، الى استهداف القواعد الأميركية في سورية والعراق، الذي سجل أعلى رقم عمليات خلال شهر، وصولاً الى اليمن والبحر الأحمر ومضيق باب المندب، حيث بانت القوة الأميركية عاجزة عن ضمان ما تعهّدت بضمانه، من أمن الملاحة المتاحة لكيان الاحتلال وسائر حلفائها، إلى أمن الطاقة.
حلم بايدن بربح الحرب فقال إن المقاومة تسعى لوقفها، ولما خسر الحرب قال إن المقاومة تسعى لاستمرارها.

التعليق السياسي