أولى

«إسرائيل» تتخلى عن طموحاتها المعلنة أول الحرب

‭}‬ سعادة مصطفى أرشيد
فور اندلاع حرب تشرين الثانية، أعلنت واشنطن ومَن معها من حلفاء في الغرب الأطلسي انحيازهم المطلق لدولة الاحتلال ودعمها إنْ في السياسة أو السلاح لـ «الدفاع» عن نفسها هدماً وحرقاً وتدميراً لغزة وتهجيراً لأهلها. وقد أدّى هذا «الدفاع المشروع عن النفس» إلى قتل ما يزيد عن 20,000 مواطن مدني من بينهم 8000 طفل حتى الآن والأعداد في تصاعد.
تمثل الدعم بتصريحات الرئيس بايدن وزيارته لتل أبيب وتطوّعه لتقديم شهادات زور لصالح الاحتلال، ثم منحه «إسرائيل» غطاء وفترة سماح لارتكاب ما تشاء من جرائم بشعة طيلة ستة أسابيع وأرسل أساطيله الى مياه شرق المتوسط ثم في تصريحات وزير خارجيته التي جاءت من خارج السياق السياسي والدبلوماسي، وزياراته المتكرّرة لتل أبيب وعواصم المنطقة، معلناً أنه يحضر بصفته يهودياً أولاً ثم وزيراً لخارجية الولايات المتحدة ثانياً؛ الأمر الذي جعله جزءاً من الأزمة لا صاحب رؤية لحلها، وأدى لاحقاً إلى سحب الملف منه لصالح وليام بيرنز مدير وكالة المخابرات الأميركية (سي اي أي) وذلك لفشله ثم لاعتبار الملف يحمل الطابع الأمني أكثر مما يحمل الطابع السياسي.
كان ذلك قبل أن يستدرك لأسباب انتخابية أنه لم يكن يعلم بحجم الخسائر التي طالت البشر والشجر والحجر في غزة، مفترضاً أننا سنصدّق مَن يملك كلّ تلك الأجهزة الاستخبارية والمنابر الإعلامية الإخبارية أنه لا يعرف ماذا جرى الأمر الذي تجب قراءته بأسف أنّ بايدن وغيره من الساسة الغربيين درجوا على استغبائنا وقد قرّر تكفيراً عن خطئه أن يرسل بعض الملابس المستعملة والأغذية عبر الطائرات في مقابل ما أرسله الى «إسرائيل» من أسلحة وأدوات قتل.
لكن «إسرائيل» كانت عاجزة أمام المقاومة عن تحقيق ما أعلنت عنه من أهداف، وهي في ثورة غضبها الأولى ثم عن تحقيق ما تواضعت وأعلنته من أهداف فلم تستطع السيطرة على الأرض ولم تستطع سحق المقاومة لا بل بقيَ جنودها متحصّنين في مركباتهم ودباباتهم وتعرّضوا لضربات المقاومة ولم تستطع تحرير مخطوفيها إلا بالتفاوض الذي اتسم بالندية من حيث الشكل، وبيد المقاومة العليا من حيث المضمون.
عقدت الهدنة بين المقاومة و»إسرائيل» بوساطة قطرية خالصة وإنْ حصلت مصر على مشاركة لا تتجاوز حق الذكر وإبداء الشكر لها بعد قطر، وهذه الهدنة مرشحة لأن تتجدّد أيضاً بوساطة قطرية وبمباحثات تجريها المقاومة عبر الحكومة القطرية مع مدير المخابرات الأميركية ومدير الموساد الموجودين في الدوحة. ويبدو من حجم المشاركة مقدار جدية المحادثات وأنّ بإمكانها تحقيق تقدّم في تحقيق الهدنة لا بل ربما وفتح نافذة لإمكانية إنهاء الحرب دون الدخول في جولات جديدة.
يطرح الإسرائيلي وجهة نظر تبدو مشتركة مع الأميركان وتمثل تراجعاً عن المواقف السابقة لضمان شيء من ماء الوجه، وذلك بأن يبقى في مناطق شمال القطاع واعتماد الشمال كورقة مساومة لاسترداد الأسرى، فيما ترى المقاومة أنها تملك المفتاح الذهبي وهو الأسرى العسكريون من قوات النخبة وربما بعض العسكريين من ذوي الرتب الرفيعة، حيث ترى إمكانية مبادلتهم بالأسرى الفلسطينيين وضمان الإفراج عن الأسير القيادي مروان البرغوثي في أقلّ تقدير. بالطبع هذه لم تكن مطالب حماس الوحيدة. فالمسألة أساساً هي رفع الحصار وفتح المعابر والاعتراف بشرعية إدارتها لغزة.
في سياق آخر صرّح يوفال ديسكن أنّ «إسرائيل» لن تستطيع القضاء على المقاومة، ولذلك فإنها ستكون مضطرة للبقاء قي شمال القطاع لفترة طويلة، وللتذكير فإنّ ديسكن هذا كان في طليعة من تحدّثوا عن سحق المقاومة والقضاء عليها قضاء مبرماً.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى