الوطن

تشييع الشهيد المقداد في شمسطار بحضور حاشد ولبنان يتقدّم بشكوى لمجلس الأمن مواقف مندِّدة بالعدوان «الإسرائيليّ» على الجيش: الحسابُ الحقيقيّ والردع الفعّال لا يكون إلاّ بالميدان

شيع الجيشُ وأهالي بلدة شمسطار الرقيب الشهيد عبد الكريم المقداد الذي ارتقى شهيداً إثر تعرُّض موقع الجيش في منطقة النبي عويضة – العديسة في الجنوب، لقصف «إسرائيليّ» معادٍ، أول من أمس، في موكب مَهيب وحاشد، بمشاركة العميد عبد الناصر الحلبي ممثّلاً لكلٍّ من وزير الدفاع الوطنيّ في حكومة تصريف الأعمال موريس سليم وقائد الجيش العماد جوزاف عون، المقدم علي مظلوم ممثّلاً المدير العام للأمن العام بالإنابة اللواء إلياس البيسري وحشدٍ من الفاعليّات.
وألقى الحلبي كلمة، قال فيها «بطلٌ آخر من أبطال الجيش يرتقي على طريق الشرف والتضحية والوفاء، هو الرقيب الشهيد عبد الكريم المقداد الذي نُودّعه، بعدما جاد بروحه في الجنوب الصامد، أثناء أداء واجبه المقدَّس، دفاعاً عن لبنان ضدّ العدوّ «الإسرائيليّ»، لافتاً إلى أنّ «هذا العدوّ نفّذ منذ إنشائه أعماله العدائيّة ضدّ وطننا، ويواصل اليوم استهدافه للمناطق الحدوديّة الجنوبيّة، فواجبنا الدفاع عن وطننا مهما غلت التضحيات، يتزامنُ ذلك مع الحرب الإجراميّة التي يشنّها العدوّ الإسرائيليّ ضدّ الشعب الفلسطينيّ».
وتوجّه الحلبي إلى ذوي الشهيد وأهالي بلدته، مؤكّداً «أنّنا نشعر معكم بحجم الخسارة الكبيرة بفقدان شهيدنا البطل وابننا العزيز عبد الكريم، وهو المعروف بين رفاقه بالمناقبيّة والانضباط والشجاعة، وبين أهله وأقاربه بالشهامة والسيرة الحسنة والأخلاق الرفيعة. لكننا ندرك في الوقت نفسه أنّ كلّ من انضوى في صفوف الجيش، وتلا قسم الدفاع عن علم البلاد والذود عن الوطن، قد نذرَ نفسه لهذه المهمّة الجسيمة، وبات متقبّلاً الاستشهاد لتبقى بلاده عزيزة مُصانة».
وتحدّث الشيخ نبيل أمهز باسم قيادة «حزب الله» في منطقة البقاع، مشيراً إلى أنّ «معادلة الجيش والشعب والمقاومة تحمي لبنان وقدّمت هذه الثلاثيّة الشهداء دفاعاً عن لبنان، الجيش كمؤسّسة عسكريّة والمقاومة كعطاء، والشعب كحاضن معطٍ وثابت في مواجهة الإسرائيليّ المعتدي».
وألقت شقيقة الشهيد كلمة وجدانيّة عن مناقبيّته.
وفي موازاة ذلك، أوعز وزير الخارجيّة والمُغتربين في حكومة تصريف الأعمال عبد الله بو حبيب إلى بعثة لبنان لدى الأمم المتحدة تقديم شكوى جديدة إلى مجلس الأمن الدوليّ ردّاً على استهداف الجيش اللبنانيّ وسقوط شهيد وجرحى عسكريين، وردّاً أيضاً على رسائل المندوب «الإسرائيليّ» في الأمم المتحدة إلى مجلس الأمن.
وأكّدت الشكوى أنّ «لبنان يؤمن إيماناً عميقاً بأهميّة الالتزام بالقانون الدوليّ واحترام القرارات الصادرة عن مجلس الأمن، فيما تُمعن إسرائيل بانتهاك سيادة لبنان والاعتداء عليها برّاً وبحراً وجوّاً، ممتنعةً عن تنفيذ القرارات الدوليّة ولا سيّما القرار 425». وذكرت «بالنسبة إلى القرار 1701 الصادر عن مجلس الأمن الدوليّ عام 2006، فإن إسرائيل هي التي لم تلتزم بتنفيذ مضمونه كاملاً. ففي حين أن غاية القرار النهائيّة تتمثّل بوقفٍ دائمٍ لإطلاق النار، والذي تتعمّد إسرائيل تقويضه، إذ إنّها ما انفكّت تخرق بنوده بالاعتداء شبه اليوميّ على سيادة لبنان برّاً وبحراً وجوّاً، وتكرس احتلالها عبر قضمها لأراضٍ لبنانيّة».
وأوضحت الشكوى أنّ «الغارات الإسرائيليّة أدّت إلى سقوط ضحايا وإصابة عددٍ كبيرٍ من المدنيين والصحافيين والمسعفين والأطفال وإلى تهجير ما يزيد عن الثلاثين ألف لبنانيّ من منازلهم، كذلك تسبّب استخدام الجيش الإسرائيليّ لقذائف الفوسفور الأبيض المحرّمة دوليّاً على المناطق المدنيّة بأضرار بيئيّة وماديّة جسيمة، فضلاً عن قيام إسرائيل بتهديد سلامة الطيران المدنيّ عبر استخدامها الأجواء اللبنانيّة بهدف الاعتداء على سيادة دولة مجاورة».
وأشارت الى أن «لبنان يكرر التزامه بالتنفيذ الكامل للقرار 1701، ويُطالب بالتزام إسرائيل الكامل باحترامه، الأمر الذي لم يتوافر لتاريخه، كما يؤكّد حرصه على خفض التصعيد وإعادة الهدوء على طول الخطّ الأزرق، ويُدين استهداف مقرّات وعناصر يونيفيل»، لافتةً إلى أنّ «تهديدات المسؤولين الإسرائيليين المتكرِّرة بشنّ حرب استباقيّة على لبنان وإعادته إلى العصر الحجري، بالإضافةِ الى خرق إسرائيل المستمرّ للقرار 1701 وللسيادة اللبنانيّة وامتناع إسرائيل منذ العام 1948 عن تنفيذ قرارات الأمم المتحدة ذات الصلة، كلّها عوامل تشكل استفزازات تؤجّج الصراع وتقوِّض الجهود المبذولة لتحقيق الأمن والاستقرار».
في غضون ذلك أثار الاعتداء الصهيونيّ الغاشم على مركز الجيش اللبنانيّ في بلدة العديسة موجة عارمة من الاستنكار والإدانة. وقال وزير الثقافة في حكومة تصريف الأعمال القاضي محمد وسام المُرتضى «شهيدٌ وثلاثةُ جرحى من الجيش في العديسة. دمٌ طاهرٌ يُهرَق على أرض الجنوب فدى للبنان، ويُثبت أن العدوان الإسرائيليّ لا يُفرّق في همجيّته بين جيش وشعب ومقاومة». وأكّد في بيان أنّ «التحرُّك الديبلوماسيّ استنكاراً للعدوان لا يُضرّ وقد يراه البعض مفيداً، لكن الحساب الحقيقيّ والردع الفعّال لن يكون إلاّ في الميدان، لأنّ منطق «الرطل بدو رطل ووقيّة» هو الوحيد الذي يُجدي نفعاً مع أعداء الإنسانيّة».
وأضاف «لبنان قويٌّ بشعبه وجيشه ومقاومته… بهذه الثلاثيّة الفولاذيّة التي تعمّدت مجدّداً بدماء الجنديّ الشهيد عبد الكريم المقداد وبدماء رفاقه الثلاثة الجرحى».
واستنكر وزير الشباب والرياضة في حكومة تصريف الأعمال الدكتور جورج كلّاس في بيان، الاعتداء «الإسرائيليّ» على الجيش، معتبراً «أنّ «ارتفاع الرقيب عبد الكريم المقداد شهيداً على تراب الوطن، هو إدانة صارخة للعدو الإسرائيليّ الذي يُمعن إجراماً باستهداف لبنان، قصفاً وقنصاً واغتيالاً وتدميراً وإحراق أرزاق وتهجير أهالٍ».
بدوره، قال النائب الدكتور قاسم هاشم في تصريح «مرّةً جديدة تمتزجُ على أرض الجنوب وفي العديسة الدماء الوطنيّة منذ مواجهة شجرة عديسة حتى اليوم، ما زالت القضيّة واحدة واليوم يسقط شهيداً للجيش اللبنانيّ وجرحى لتؤكِّد الدماء التي امتزجت بدماء اللبنانيين المدنيين والمقاومين، أنّ الإستراتيجيّة الدفاعيّة الوطنيّة تُكتَب كما كلّ مواجهة مع العدوّ الصهيونيّ بالدماء وأنّها لا تحتاج إلى الاجتهادات والتقديرات».
ورأى أنّ «هذا الاستهداف يضع اللبنانيين أمام مسؤوليّاتهم لما يُبيّته هذا العدوّ لوطننا، وهو الساع منذ الأيّام الأولى لحربه إلى توسعة دائرة اعتداءاته لتحقيق اطماعه وغاياته ولنستطيع مواجهة العدوّ ووضع حدّ لنواياه، لا بدّ من الانتباه إلى الوحدة الداخليّة وتحصينها، لنكون قادرين على حماية وطننا في ظلّ ما يجري من تطوّرات في المنطقة قد تفتح النقاش حول الملفّات الكثيرة ولبنان ليس بعيداً عنها».
أمّا النائب الدكتور ميشال موسى، فاعتبر «أنّ الدمَ اللبنانيّ الذي يُراق على أرض الجنوب لا بدّ من أن يُزهر تحريراً وسيادة ومِنعة»، لافتاً إلى «أنّ العدوّ الإسرائيليّ لطالما كان غادراً ووحشيّاً وتاريخه الأسود شاهد على نهجه».
وكتب المدير العام السابق للأمن العام اللواء عبّاس إبراهيم على صفحاته في مواقع التواصل الاجتماعيّ «يأبى الجيش اللبنانيّ إلاّ أن يُقدّم الغالي والنفيس ذوداً عن الوطن وحمايةً لحدوده، وسعياً نحو استكمال التحرير، وصوناً للسيادة اللبنانيّة ودرءاً للمطامع والاعتداءات الإسرائيليّة، ليُثبت يوماً إثر يوم أنّه درع الوطن وحصنه الحصين».
أضاف»‏الشهيد عبد الكريم المقداد شهيد لبنان على طريق الحرية والسيادة والاستقلال، وعلى دروب الحقّ والعزّة والكرامة. تحيّة له وللجيش ولرفاقه الجرحى. أرضيتَ يا وطني؟ خذ حتى ترضى».
ودان نقيب محرِّري الصحافة اللبنانيّة، الأمين المساعد لاتحاد الصحفيين العرب جوزف القصيفي «الاعتداء الإسرائيليّ المتعمّد على موقع للجيش اللبنانيّ في بلدة العديسة الجنوبية الذي ادى إلى استشهاد الرقيب عبد الكريم المقداد وجرح ثلاثة جنود كانوا يؤدّون واجبهم الوطنيّ في حماية الحدود».
أضاف في بيان «إنّها ليست المرّة الأولى التي تعتدي فيها إسرائيل على الجيش اللبنانيّ، وهي باعتدائها (أول من) أمس أثبتت نيّتها العدائيّة الدائمة تجاه لبنان. وإنّ اعتذارها عن هذا العمل العدائيّ كاذب ومن قبيل ذرّ الرماد في العيون، وهي التي تعلم جيداً أنّ الموقع المستهدف يشغله الجيش اللبنانيّ منذ انتشاره في الجنوب».
وتقدّم القصيفي باسمه وباسم مجلس نقابة المحرِّرين بتعازيه من الجيش اللبنانيّ قيادةً، ضبّاطاً، رتباءَ وأفراداً، بالتعزية باستشهاد المقداد متمنّياً الشفاء للجرحى، مثمّناً تضحيات المؤسّسة العسكريّة الضامنة لوحدة الوطن وسيادته واستقراره.
وندّدت «ندوة العمل الوطنيّ» في بيان، بإقدام جيش العدو الصهيونيّ الغادر على إطلاق نيران مدفعيته ضدّ موقع الجيش اللبنانيّ في الجنوب، معتبرةً أنّ «ما حصل هو تعدٍ سافر على سيادة لبنان وعلى جيشه الوطنيّ»، معلنةً «تقديرها تضحيات الجيش ومساندتها ودعمها للمؤسّسة الوحيدة الجامعة للبنانيين».
من جهته، اعتبر رئيس تيّار «صرخة وطن» جهاد ذبيان، أنّ «شهيد الجيش اللبنانيّ والجرحى الذين ارتقوا على أرض الجنوب، يُعمّدون ثلاثيّة الجيش والشعب والمقاومة بالدماء الزكيّة، كيّ يبقى لبنان مصاناً من العدوّ الإسرائيليّ الغاصب للأرض.»

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى