رياضة

رائد أبو النصر نجم مصري ـ لبناني.. صاحب قلب رقيق ولقبه «أبو حديد»

إبراهيم وزنه

«أبو حديد» لقب عرفته الملاعب اللبنانية من خلال لاعب النجمة رائد أبو النصر المشهود له بالمشاكسة وتعطيل فعالية المهاجمين وإخلاصه اللامحدود للفريق الجماهيري، واحترامه الزائد لجمهور نادي الوطن. مَن هو رائد أبو النصر؟ أين بدأ مسيرته الكروية؟ كيف وصل إلى «منارة» الأندية اللبنانية؟ إليكم الحكاية والتفاصيل على لسان اللاعب الخلوق المشهود له بالوفاء مع عدم التفريط بالأصدقاء.
بداية الرحلة من القاهرة
استهلّ رائد أبو النصر اليافي (المولود في مستشفى بيضون في بيروت بتاريخ 29 أيار 1965) من أب لبناني وأم مصرية، مسيرته الكروية في مصر وهو في السابعة من عمره، وتحديداً مع مدرسة النادي الأهلي الذائع الصيت على امتداد الوطن العربي، ولما اشتد عوده وبرزت ملامحه الكروية مع فريق المقاولين الذي نجح بضمّه إلى صفوفه، نشبت بين الناديين معركة عنوانها «من سيكسب رائد في صفوفه»، ما دفع بوالده لاستقدامه إلى لبنان حيث مقر عمله.
وبالعودة إلى سنيّه الأولى، حيث ترعرع في محلّة الصنائع، يخبر رائد: «ترتيبي الرابع في عائلة تضمّ أربعة صبيان وبنتاً، درست في لبنان لسنتين قبل سفري في العام 1970 مع أخوتي إلى مصر مع والدتي رحمها الله (بهية الملاح) التي تحمل إجازة في اللغة الإنكليزية، وكانت بالنسبة لنا المعلمة والقدوة والملهمة والمشرفة والموجّهة. وهناك تلقينا علومنا في مدرسة الزمالك القومية وفي مدرسة الراهبات، وبعد فترة وجيزة عاد شقيقاي عبودة وموفق إلى لبنان للالتحاق بجامعة بيروت العربية، فيما بقيت مع أخي حمادة وأختي رشا في مصر».
عن رحلته مع الساحرة المستديرة يقول: «بعمر تسع سنوات التحقت بناشئي النادي الأهلي، تحت إشراف المفتي إبراهيم، في تلك الفترة كانت والدتي تصطحبني إلى الملعب وتشجّعني بفرح واعتزاز، وبعد مباراة فزنا فيها على ناشئي نادي المقاولين، جاء إلى بيتنا وفد من نادي المقاولين متمنين على والدتي السماح لي بالانضمام إلى ناديهم لقاء تكفّل إدارة نادي المقاولين بمصاريف تحصيلي العلميّ… عندها تفاجأ الأهلاويّون بالموضوع، ونشبت خلافات جانبيّة بين الناديين مما اضطر والدي لاستدعائي إلى لبنان لتمرير الموضوع على خير لاحقاً، وهذه «الحركة» المتفق عليها بين والدي وإدارة المقاولين دفعتُ ثمنها في العام 1986، عندما كنتُ ألعب مع المقاولين وطلبني المدرب مايكل سميث للالتحاق بصفوف منتخب مصر بعد منحي الجواز المصري، فأثار الأهلاويون الموضوع وعملوا على تعقيد الأمور باعتبار أنني لبنانيّ ولا يحق لي ذلك، وهكذا حرمت من اللعب مع المنتخب المصري».
في استذكاره للأسماء التي لها الفضل عليه في بداياته، يضع أبو حديد والدته في المقام الأول، ثم يسري عبد الغني ومحمد عبد السميع ولطفي نسيم (مع المقاولين) ومايكل ايفرت (مدرب نادي المقاولين)، علماً بأنّه وقّع رسميّاً على كشوفات المقاولين في العام 1978، وأحرز مع النادي بطولة الدوري في العام 1982 وكأس مصر في العام 1990. ويحمل بكالوريوس في التربية الرياضية.
الاحتراف 
في اسكتلندا وقطر
عن تجربته الاحترافية في أوروبا مع نادي رينجرز الاسكتلندي، يقول الكابتن رائد: «خلال مشاركتي في العام 1988 مع نادي المقاولين، ومن خلال صديق لأخي هو العراقي صلاح الكوري، المقيم في اسكتلندا، تمّت دعوتي لخوض الاختبار الفني والبدني مع نادي رينجرز الاسكتلندي، ومن أوّل تمرينة لي مع الفريق عُرض عليّ الانضمام إلى النادي العريق، وبالفعل دفعت إدارة الرينجرز لنادي المقاولين 200 ألف جنيه إسترليني لقاء إنضمامي لألعب معهم موسم 1989 (أمضيت هناك ستة أشهر)، وسبقت ذلك، تجربة احترافية قصيرة في دولة قطر الشقيقة في العام 1986، خضتها في ضوء القرار الذي اتخذه الاتحاد المصري الذي قضى بمنع اللاعبين الأجانب من اللعب في الدوري المصري، ما اضطرني للالتحاق بنادي التضامن القطري، وفي أقوى مباريات الموسم حينذاك في الدوحة فاز التضامن على السد ضمن مسابقة كأس الأمير، ومن ثمّ لعبت مع السد أجمل مواسمي، وللتاريخ، لا بدّ من الاشارة إلى أنني لعبت اجمل مراحل حياتي في الملاعب مع أصدقائي وأخوتي في ناديي التضامن والسد وعلى رأسهم محمد خميس الكواري وحمد آل خليف ويوسف دسمان وفهد الكواري وسلطان بخيت الكواري وخالد محمد التميمي… وبعد فترة عدت إلى نادي المقاولين مع صدور قرار شخصي من الرئيس حسني مبارك، كان بمثابة استثناء، وفيه سُمح لي اللعب كمصري باعتبار أن والدتي مصرية… وقد تحقق ذلك بعد زيارة وفد من المقاولين من ضمنهم والديّ إلى مكتب الرئيس مبارك».
مع النجمة
 بناء لرغبة عبّود وموفّق
«قبل الحديث عن انضمامي إلى نادي النجمة الحبيب، تعود بي الذاكرة إلى العام 1989 حيث تمّ استدعائي من اسكتلندا للعب مع المنتخب اللبناني، بتسهيل وأهتمام من الراحل يوسف برجاوي… وبالانتقال إلى موضوع النجمة، ففي العام 1992 اقترح صديق أخي موفق الدكتور عفيف علوان، والأخير هو صديق مقرّب من الدكتور الأنصاري نور الدين الكوش. وبالفعل حضرت إلى لبنان واجتمعت بحضور أخي عبود مع مسؤولي النادي في الطريق الجديدة، وخلال اللقاء شعرت بعدم الاهتمام الجدّي بأمر استقدامي إلى صفوف الفريق صاحب الإنجازات. وهنا أخذ أخي القرار بعدم مواصلة المفاوضات وتمنّى عليّ عدم التوقيع للأنصار، وبحكم صداقة أخي المتينة مع إداري نادي النجمة الأستاذ محمد طبّارة (أبو شفيق) تغيّرت وجهتي إلى نادي النجمة، فرّحب طبّارة بالفكرة بعدما لمس منّي الرغبة والقبول. في تلك الفترة كان يدرّب النجمة الراحل الكبير عصام بهيج الذي وافق على انضمامي بعد خوضي أوّل تمرينة مع الفريق وبناء لما قدّمته في مصر مع المقاولين، ولما ذهبت إلى مقر الاتحاد لأوقّع على كشوفات النجمة، واجهت بعض العراقيل، ما اضطرني للعودة إلى مصر حيث أكملت آخر مواسمي مع المقاولين (1992) قبل ان أعود لألتحق بالنجمة مع الالتزام بقرار الاتحاد لجهة إرسال كتاب الاستغناء المتجدد عبر فاكس الاتحاد المصري، ولعبت مع النجمة من العام 1993 ولغاية العام 2000، وبعد مباراة اعتزالي استلمت دفّة التدريب لناشئي النجمة لموسمين.
مسيرته مع النجمة
«منذ يومي الأول مع فريق النجمة شعرت بأنني منسجم مع المجموعة وقد تسللت بلباقة إلى قلوب الجميع من لاعبين وإداريين، خصوصاً أن الفريق كان يضمّ في حينها حمادة عبد اللطيف وهشام إبراهيم وقبلهما محمد إسماعيل، فكان فادي الناطور ينقلني بالموتوسيكل من التمرين وإليه. وفي بعض الأحيان كان يقوم بالمهمة نفسها الحاج حمود رحمه الله بسيارته. وللتاريخ أذكر أن المدرب عصام بهيج رحمه الله لم يكن مقتنعاً في بادئ الأمر كلاعب أساسيّ، من منطلق أن جسمي «تقيل» وبعد مشاركتي في أوّل مباراة ترسّخت قناعته بدوام تواجدي على أرض الملعب مع تكليفي بمهام عديدة، وخصوصاً في مركز الوسط المدافع، علماً بأنني لعبت في مصر واسكتلندا وقطر في نفس المركز وأتقنته وتأقلمت معه بشكل جيد». ويختم رائد حديثه لافتاً: «ربما أنا والحاج حمود رحمه الله وحيدر حايك وحدنا لم نلعب لغير النجمة في لبنان… ومردّ ذلك للإخلاص الزائد في قلوبنا للفريق بالإضافة إلى احترامنا لجمهور النجمة العريض، مع قناعتي بأن مَن يخرج من أسوار النجمة يبهت بريقه سريعاً».
حادثة في البال
من دفتر ذكرياته وخبرياته، خصوصاً في ما يتعلّق بوالدته، يخبر أبو حديد: «كوني الوحيد في العائلة الذي انغمس بلعبة كرة القدم من رأسه حتى أخمص قدميه، كان أخوتي يواكبونني في المباريات وفي بعض الأحيان والدتي… وفي العام 1999 خلال مباراتنا مع الموردة السوداني تعرّضت لإصابة في جبيني خلال الدورة العربية التي استضافها النجمة، وكانت والدتي رحمها الله تتابع المباراة عبر التلفاز، ولما شاهدت الدم يسيل على وجهي راحت تولول وتبكي، ومساء اتصلت بي للاطمئنان ورغم طمأنتي لها بأن كل شيء على خير ما يُرام إلا انها حضرت لبيروت بعد أسبوع على الحادثة».
الاعتزال في العام 2000
عند بلوغه سن الـ 35 وفي العام الذي رزقه الله بمولوده البكر رامي (2000)، ارتأى الكابتن رائد وضع حدّ لمسيرته على أرض الملعب، علماً بأنه كان في وضع بدني قادر على الاستمرار في اللعب لسنتين أو ثلاث على الأقل، وما يؤكّد ذلك الاتصالات التي أجرتها معه إدارتا الأنصار والحكمة في سياق الانضمام إلى صفوفهما، لكنه أكّد أمام الرأي العام الرياضي «لن ألعب لغير النجمة في لبنان»، يومها أقيمت مباراة الاعتزال الوداعية في مطلع شهر نيسان من العام 2000 على الملعب البلدي بين نادي النجمة ومنتخب نجوم الأندية، وحرص رائد على دعوة صديقه نجم السلة وليد دمياطي ليشارك في المباراة، وفي استذكاره لتلك المباراة يقول: «أود أن أتوجّه بالشكر لرئيس الحكمة الراحل أنطوان الشويري الذي وعدني بنقل مباراة الاعتزال أرضياً وفضائيّاً.. ووفّى بوعده وزيادة مكافأة، كما لفتتني المكرمة التي خصّني بها رئيس نادي الأنصار سليم دياب بحضوره وتشجيعه ودعمه، بالإضافة إلى جمهور نادي النجمة الوفي».
إلى ميادين العمل والكفاح
بعد اعتزاله اللعب، توجّه الكابتن رائد إلى ميادين العمل، بغية تأمين العيش الشريف لعائلته التي بدأت تكبر، عمل في أكثر من مجال، تارة بتأجير السيارات وأخرى بتجارة السيارات المستعملة والمستوردة من الخارج، ليخرج بقناعة «الشراكة مشتقة من شرك يعني فيها فخ، وأنا وقعت ضحيّة بعض الشركاء السيئين ربنا يسامحهم، المهم أكملت حياتي بعدما بعت شقتين أملكهما في مصر مستذكراً قول والدتي رحمها الله (اشتري وانسى… وعندما توقع بـ «زنقة» تبيع وتصرف). ولاحقاً أسست أكاديمية الرائد… ويومها حاربني ناس ما كنتش أتوقع منهم كدة! المهم تجاوزت تلك الفترة الصعبة وانطلقت مجدداً مع قناعة بضرورة اختزال عدد الأصحاب».
رامي على خطى والده
وجد رائد أبو النصر في ابنه البكر رامي موهبة كروية ورغبة جامحة لإكمال مسيرة والده، مع الإشارة إلى أنه كان قد سجّله مع أخيه علي في أكاديمية بلال فليفل في العام 2005 (الشباب العربي) وهنا يبيّن رائد: «بعدما نضجت شخصية رامي الكروية، واستمراره في اللعب مقابل تنحّي شقيقه علي عن اللعب، انضم في بداية عهده مع المباريات الرسمية إلى نادي سبورتنغ ولاحقاً وقّع على كشوفات نادي الحرية مجدل عنجر ثم الأنصار فالحكمة، وعندما كان يتمرّن مع النجمة تعرّض إلى إصابة خلال مباراة ودّية على ملعب النادي في المنارة، علماً بأنه كان يومها بين خيارين، إما التوقيع للنبيذي أو السفر للالتحاق بنادي أنبي المصري في ضوء ما شاهدوه من لمحات فنيّة في الأشرطة المصوّرة التي كنتُ قد أرسلتها إلى الجهاز الفني للنادي المصري… والحمدلله خضع لعملية جراحية واستعاد عافيته بعد جلسات علاجية مطوّلة».

بطاقة شخصية

ـ الاسم الكامل: رائد مصطفى أبو النصر اليافي
ـ تاريخ ومحل الولادة: بيروت في 29 أيار 1965
ـ المستوى العلمي: بكالوريوس تربية رياضية ـ جامعة حلوان
ـ الوضع الاجتماعي: متأهل من ميرنا محمد علي الشعّار وله منها ثلاثة أبناء (رامي وعلي وحمزة)
ـ الفرق التي لعب معها: الأهلي، المقاولون، التضامن القطريّ، السد القطريّ، رينجرز الاسكتلنديّ والنجمة اللبنانيّ.
ـ المركز في أرض الملعب: وسط مدافع.
ـ الهواية بعد كرة القدم: الملاكمة وكرة الطاولة.
ـ إنجازاته مع الفرق التي لعبت معها: مع المقاولين (3 بطولات أفريقياً، بطولة الدوري، كأس مصر) ومع النجمة (كأس لبنان مرتين، بطولة الدوري، كأس النخبة، كأس الإمام موسى الصدر) ومع الرينجرز مركز الوصيف في الدوري) وفي كرة الطاولة (بطل المدارس).
ـ المنتخب العالمي الذي يشجعه: البرازيل من منطلق تعلّقه بزيكو وسقراط.
ـ أفضل لاعب في العالم في مراكز (حارس ـ مدافع ـ وسط ـ مهاجم).
ـ بوفون في الحراسة، روبرتو كارلوس للدفاع، غاتوزو في الوسط، والبرازيلي رونالدو في الهجوم.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى