أولى

نهاية الأمم المتحدة

شكّلت الحرب الإسرائيلية على غزة جريمة موصوفة متمادية ومستمرّة، بصورة موازية لما شكّلته من فضيحة ممتدّة للأمم المتحدة والقانون الدوليّ وكل المنظمات الأمميّة، بحيث فقد الحديث عن الأطر الأمميّة أي معنى.
عندما لا يعود بيد الأمين العام للأمم المتحدة، بعدما استنفد كل الوسائل التي يمنحه إياها الميثاق لوقف المذبحة المفتوحة على الهواء بحق الفلسطينيّين وخصوصاً الأطفال والنساء منهم، ويعترف بالفشل، ولا يبقى بيده إلا البكاء والدعاء؛ فذلك يعني نهاية الأمم المتحدة.
عندما يُقتل موظفو الأمم المتحدة بالمئات وتُقصف مراكزها ولا تستطيع أن تفعل شيئاً، حتى بحجم الادعاء على القاتل المعروف أمام المحكمة الجنائيّة الدوليّة التي قامت الأمم المتحدة بتأسيسها؛ فهذا يعني نهاية الأمم المتحدة.
عندما لا تستطيع منظمة الصحة العالميّة واليونيسيف والأنروا إيصال الغذاء والدواء لمئات آلاف المحتاجين لأبسط مقوّمات الحياة من مهجّرين وجرحى ومرضى، رغم تكدّس هذه المواد على مسافة مئات الأمتار، بانتظار سماح جيش الاحتلال بالسماح لها بالعبور؛ فهذا يعني نهاية الأمم المتحدة.
عندما يُنتهك القانون الدوليّ بعشرات المواد الصريحة الواضحة في تصنيف جرائم الحرب وجرائم الإبادة الجماعيّة وجرائم التمييز العنصري والجرائم بحق الإنسانية وانتهاك حقوق المرأة وانتهاك حقوق الطفل واستهداف المدارس ومراكز الإيواء والمستشفيات، ولا تستطيع الأمم المتحدة فعل شيء؛ فهذا يعني نهاية الأمم المتحدة.
عندما تتلكأ المحكمة الجنائيّة الدوليّة عن التحرّك رغم ضراوة وقسوة ووضوح الجرائم. وهي السريعة جداً في التحرّك في قضايا أقلّ أهمية وخطورة بكثير مما شهدته غزة من جرائم، عندما تأتيها التعليمات الأميركية؛ فهذا يعني نهاية الأمم المتحدة.
بعد نهاية هذه الحرب الإجرامية، لا حاجة لبقاء هذه الأمم المتحدة، ولا لبقاء الدول تحت مظلتها، ما لم يبدأ البحث الجدّي في كيف تكون الأمم المتحدة الجديدة بمستوى من الفاعليّة يليق بالإنسانيّة.

التعليق السياسي

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى