في ذكرى حقوق الإنسان آهات ومواجع وآمال
} سارة السهيل
تزامنت كلمة الأمين العام للأمم المتحدة في الذكرى الخامسة والسبعين لحقوق الإنسان في العاشر من الشهر الجاري، مع مرور خمسة وسبعين عاماً ايضاً على احتلال «إسرائيل» لأرض فلسطين.
هذه السنوات الطوال حُرم فيها الفلسطينيون من الأمن والسلام وحرية التنقل وإقامة دولتهم المستقلة على أراضيهم، بل استُبيحت دماؤهم بالقتل وأنفسهم بالاعتقال، وسُلبت أراضيهم ومنازلهم وسرق عمرهم في الصمود على الأرض.
كلمة أنطونيو غوتيريش عبّرت عن كلّ إنسان على كوكبنا الأرضي ذاق مرارة الظلم والاضطهاد والتهجير وسلب الحقوق الأساسية للحياة، فتفاعلت معه العقول والأفئدة الإنسانية الشريفة، خاصة عندما ذكر وذكّر بالفاتحة الشهيرة للإعلان العالمي لحقوق الإنسان التي تنص على: «يولد جميع الناس أحراراً ومتساوين في الكرامة والحقوق».
هذه الحقوق الأساسية للإنسان لم تجد لها محلاً من الإعراب الا بإرادة القوى العظمى، فهي التي تحدّد الدول التي تحظى بالديمقراطية وتتحقق فيها العدالة والمساواة في الكرامة والحقوق الأساسية، وتحرم دول أخرى منها في منطقتنا العربية من الفوز بهذه الحقوق وشعب فلسطين المحاصَر يُعتبر المثال الصارخ لانتهاك هذه الحقوق.
نعم انّ الإعلان العالمي لحقوق الإنسان قد كرّس قيماً شريفة تحفظ كرامة الإنسان وتصون حقوقه، ولكن البشرية أو بالأحرى قادة المنظومة الدولية المسيطرة على العالم، جعلت هذا الميثاق بمثابة حبر على ورق، حينما انتشرت الحروب في العالم شرقاً وغرباً ولم تسع لوقفها، لسبب بسيط وهو تجارة السلاح العالمية ومكاسبها الخرافية.
وانتشار الفقر في العديد من قارات العالم، بل تعمد إلى إفقار دول كانت غنية أو على الأقلّ تحقق الاكتفاء الذاتي من غذائها ودوائها مثل العراق واليمن وسورية، لسلب خيراتها من نفط وغاز وجعلها خاضعة وتابعة للقوى العظمى وميراثها الاستعماري.
جرى تغييب قيَم السلام العالمي سواء من خلال الكيل بمكيالين كما في الصراع الإسرائيلي الفلسطيني وعدم تطبيق قواعد القانون الدولي لتحقيق العدالة للشعب الفلسطيني الواقع تحت نير الاحتلال، أو بافتعال الفتن الطائفية والعرقية والدينية لتقسيم وتفتيت منطقتنا العربية في العراق ولبنان والسودان واليمن وسورية وغيرها.
نشر الأوبئة في العالم لسنوات طويلة لصالح شركات الأمصال والأدوية وتجارتها الرابحة على حساب صحة المرضى وأموال الدول والشعوب. ومع تعاظم الإجرام العالمي خارطة طريق لإنهاء الحروب.
دول القوى العظمى هي التي تنعم بحقوق الإنسان، لأنّ دولها ليست موطناً لدفن النفايات الخطرة كما يجري في قارة أفريقيا، وتنعم الدول الكبرى بحقوق التعليم الجيد، بينما فتات العلم يُساق إلينا دون ان نستفيد منه إلا إذا حصلناه في المدارس والجامعات العالمية.
حق الحياة نفسها لم يعد مضموناً ليس فقط بسبب الحروب والنزاعات، ولكن بسبب رغبة بعض القوى العالمية في حصد أرواح الناس وتقليص سكان البسيطة الى مليار نسمة فقط والعمل على تحقيق هذا المخطط الشيطاني بأساليب متنوّعة مثل أوبئة كورونا وغيرها، وإحداث خلل متعمّد في المناخ بقطع الأشجار وإحراق الغابات، وإشعال حروب المياه وغيرها.
انّ وصف الأمين العام للأمم المتحدة الإعلان العالمي لحقوق الإنسان بأنه «بمثابة خارطة طريق تهدي الى السبيل لإنهاء الحروب ورأب الانقسامات والعيش في سلام وكرامة للجميع، وصف حق وخريطة حق لتأمين مقومات السلام للبشرية، بينما الواقع انّ البشرية تعاني القهر والحرمان من الحقوق، بل انها تعيش رغم تطورها العلمي والتكنولوجي الفائق في ظلام جاهلية توظف فيه العلم لدمار الإنسان وسحقه بدلاً من أمنه وسلامه وكرامته.