أولى

العدوان على اليمن يعني أنه أوجعهم!

التأييد اليمني لفلسطين يتجلى في تلبية مئات الآلاف لدعوات التظاهر ورفع الأصوات ضد العدوان

‬ د. محمد سيد أحمد

كثيرة هي الأحداث عن غزة، التي تتصدّر أولوية الكتابة على مدار ما يزيد عن المئة يوم الماضية، ففقه الأولويات هو الذي يحكمنا في عملية اختيار موضوع مقالنا الأسبوعي. وبالطبع معركتنا مع العدو الصهيوني تتقدّم الصدارة منذ السابع من أكتوبر الماضي عندما أطلقت المقاومة الفلسطينية البطلة والشجاعة عمليتها العسكرية طوفان الأقصى، التي أذلّت بها قوات جيش الاحتلال، فكان العدوان الوحشي والمجرم على غزة وشعبها، تحت مسمّى القضاء على المقاومة وتهجير سكان غزة لسيناء أو إبادتهم إذا تمسكوا بأرضهم. فخلال هذا الأسبوع حدث العديد من المستجدات على ساحة الحرب مع العدو الصهيوني، وإذا كان ظهور سماحة السيد حسن نصر الله مرتين الأسبوع الماضي قد حسم حيرة الكتابة حول الموضوع الجدير بالانتقاء من بين مواضيع عديدة على ساحة الحرب مع العدو، خاصة أنّ حديث سماحة السيد قد أزال الكثير من الغموض والتعتيم والتضليل الإعلامي الذي يقوم به العدو تجاه جبهة الشمال الفلسطيني المحتلّ، والتي تسطر فيها المقاومة اللبنانية بطولات رائعة ينكرها العدو وحلفاؤه ومناصروه من النخب العربية المتصهينة، خاصة من لا يدركون كيف تفكر المقاومة، وكيف تعمل وفقاً لفكرة وحدة الساحات.
اليوم تتصدّر الساحة اليمنية المشهد وتسحب البساط من كل الموضوعات والقضايا المطروحة على ساحة الحرب مع العدو الصهيوني، فرغم التركيز الإعلامي هذا الأسبوع على المعركة التي تقودها جنوب أفريقيا بشرف في أروقة محكمة العدل الدولية، وهو دور نقدّره ونثمّنه وندعمه، ومؤكد أنه جدير بالكتابة وسوف نكتب عنه يوماً، خاصة أنّ جنوب أفريقيا ليست دولة عربية أو إسلامية لكنها كانت مع غزة والقضية الفلسطينية من منظور التحرر الوطني، لدولة شربت من الكأس نفسها، وعانت لسنوات طويلة من الاحتلال، وشهد شعبها كلّ أشكال وألوان التمييز العنصري، واستطاع بفضل المقاومة أن ينهي حالة الاحتلال، ويخلص الشعب من التمييز العنصري البغيض، ويصنع نموذجاً للمصالحة الوطنية يُحتذى، ويقدم كإحدى التجارب العالمية في سياق إنهاء الصراعات والنزاعات الأهلية، وكذلك لإيماننا بأنّ هذه المعركة نتائجها معنوية ليس أكثر. فالكلمة الآن وفي مواجهة هذا العدو الصهيوني لن تكون إلا للميدان، لذلك فإنّ العدوان الثنائي الأميركي – البريطاني على اليمن، جاء ليتصدّر مشهد المواجهة مع العدو الصهيوني لهذا الأسبوع.
وكانت المقاومة اليمنية قد انخرطت في الحرب كما أسلفنا وفقاً لفكرة وحدة الساحات المقاومة، فعندما انطلقت عملية طوفان الأقصى، وتبعها العدوان الصهيوني على غزة، خرجت التظاهرات الحاشدة الداعمة للشعب الفلسطيني والمنددة بالعدوان الصهيوني في كل شوارع وميادين اليمن، بشكل لافت للنظر لم تشهده أي دولة عربية أو إسلامية أخرى، وكان ردّ الفعل من قبل أنصار الله أنه إنْ لم تتوقف الآلة العسكرية الصهيونية المجرمة في غزة سوف تستهدف صواريخ ومُسيّرات الجيش اليمني ميناء إيلات الفلسطيني المحتلّ وقد كان ذلك، ومع استمرار العدوان صعّد الجيش اليمني تهديداته بتوعّد استهداف السفن التابعة للعدو الصهيوني أو السفن المتجهة إلى موانئ فلسطين المحتلة قرب مضيق باب المندب الاستراتيجي في البحر الأحمر والمحيط الهندي وذلك دعماً لمقاومة الشعب الفلسطيني في قطاع غزة وقد كان، ونتيجة استمرار العدوان الصهيوني على غزة لما يزيد عن ثلاثة أشهر قامت المقاومة اليمنية بمزيد من التصعيد في البحر الأحمر، وهو ما كبّد العدو الصهيوني خسائر هائلة. وبالطبع طالت هذه الخسائر الداعمين الأساسيين للعدو الصهيوني وهما الولايات المتحدة الأميركية وبريطانيا، فسمعنا أولاً تهديدات للمقاومة اليمنية بالتوقف حتى لا يتمّ توجيه ضربات لها، ثم سمعنا ثانياً عن تشكيل تحالف دولي مزعوم بقيادة الولايات المتحدة الأميركية يتجه للبحر الأحمر بحجة حماية البحار، ثم سمعنا ثالثاً أنّ الولايات المتحدة الأميركية تعتبر ما يقوم به أنصار الله عرقلة للتجارة الدولية، وتقويضاً لحقوق وحرية الملاحة، وكذلك استهدافاً للسلم والأمن في المنطقة.
ولم تكتف الولايات المتحدة بذلك بل ذهبت إلى مجلس الأمن الدولي واعتمدت قراراً يدين هجمات أنصار الله اليمنية على السفن في البحر الأحمر ويطالبها بالوقف الفوري لهذه الهجمات، وللأسف الشديد لم يتمّ الاعتراض على القرار الذي صاغته الولايات المتحدة الأميركية واليابان واعتمده المجلس بأغلبية 11 عضواً وامتناع 4 أعضاء عن التصويت، وجاء الموقف الروسي مخيّباً للآمال فرغم أنّ المندوب الروسي في مجلس الأمن فاسيلي نيبينزيا أكد أنّ التصعيد الصهيوني في غزة هو السبب الرئيسيّ للوضع الحالي في البحر الأحمر، واعتبر الوضع في البحر الأحمر مقلقاً، وأنّ الولايات المتحدة الأميركية وحلفاءها يحاولون فرض حلول أحادية، وأشار إلى أنّ هذا القرار الذي تمّ اعتماده بشأن أمن الملاحة في البحر الأحمر مسيّس، ورغم ذلك لم يستخدم حقّ الفيتو كما تفعل دائماً الولايات المتحدة، وهو موقف يؤخذ على روسيا، ويسحب كثيراً من رصيدها الدولي خاصة أنها تطرح نفسها كقطب جديد في العالم.
ولم تكتف الولايات المتحدة الأميركية ومعها بريطانيا بذلك بل قامت فجر يوم الجمعة الماضي وفي أعقاب قرار مجلس الأمن بتوجيه ضربات جوية على اليمن استهدفت بعض مواقع الجيش اليمني، وهو عدوان غاشم على اليمن، ويُعدّ انتهاكاً واضحاً لسيادة اليمن ووحدة أراضيه، وانتهاكاً للقوانين الدولية، ولن يؤدّي ذلك بالطبع إلى تهدئة الأوضاع، بل سيؤدّي حتماً إلى زعزعة الأمن والاستقرار في المنطقة. فالمقاومة اليمنية التي صمدت لمدة تسع سنوات في مواجهة العدوان المدعوم أميركياً وصهيونياً عليها، واستطاعت أن تهزمه وتجرجره إلى الطبيعة الجغرافية الوعرة التي لا يعرف أسرار دروبها غير أبناء الشعب اليمني، لن تتمكن الضربات الجوية والصاروخية الأميركية والبريطانية من النيل من عزيمته، ولن تتراجع المقاومة اليمنية عن دعمها للقضية الفلسطينية، ولشعبنا الفلسطيني الذي يُباد على أرض غزة، فكلّ التصريحات التي صدرت عن المقاومة اليمنية بعد العدوان الأميركي والبريطاني تؤكد استمرار عمليات المقاومة ضدّ المصالح الأميركية والبريطانية في المنطقة…
الحلّ الوحيد لوقف عمليات المقاومة هو الوقف الفوري للعدوان الصهيوني على غزة، وهو ما تستطيع أن تفعله الولايات المتحدة الأميركية وحدها. إذن المقاومة اليمنية قد قالت كلمتها، والكرة الآن في ملعب العدو الأميركي فإذا أرادها حرباً فلتكن حرباً، وإذا أرادها سلماً فليكن سلماً، لكن الواضح من العدوان على اليمن أنّ المقاومة اليمنية البطلة والشجاعة قد أوجعتهم، وهو ما يعني أنّ المقاومة تمتلك قدرات تستطيع من خلالها تثبيت موازين ومعادلات الردع مع العدو الصهيوني وحلفائه، كما أشار سماحة السيد حسن نصر الله، وهو ما يؤكد فكرة وحدة الساحات، اللهم بلغت اللهم فاشهد…

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى