أولى

بين اليمن وفيتنام وأفغانستان

خاضت واشنطن حرباً امتدت لعقدين في كل من فيتنام وأفغانستان، وانتهت الحربان إلى فشل ذريع. واضطرت الى سحب قواتها بطريقة دراماتيكية، بحيث جمعت بين مشهد الانسحاب من سايغون وكابول صورة تاريخية لتعلّق الذين تعاملوا مع الاحتلال الأميركي من المواطنين المحليين بأطراف الطائرات الأميركية المغادرة.
بدأت واشنطن عملاً حربياً ضد اليمن، واليمن مصمّم على المواجهة ومواصلة معاندة الطلبات الأميركية، متمسكاً بموقفه بمنع عبور السفن الاسرائيلية والسفن المتجهة الى موانئ كيان الاحتلال حتى وقف الحرب على غزة، وهو بعد الغارات الأميركية والبريطانية قام بمواصلة المنع، ما يعني تصاعد حال المواجهة تدريجياً حتى بلوغ حال الحرب.
بالمقارنة مع فيتنام الجنوبية، اليمن ثلاثة أضعاف المساحة وضعف عدد السكان، ومع كامل فيتنام اليمن مرة ونصف مساحة فيتنام وثلث عدد سكانها. وبالمقارنة مع أفغانستان، اليمن أقل بـ 10% في المساحة وعدد السكان، وهذا يعني أن عامل المساحة وعدد السكان ليسا سبباً لاستبعاد تكرار نتيجة الفشل في حربي فيتنام وأفغانستان في حرب اليمن. واليمن بمساحة نصف مليون كيلومتر مربع وعدد سكان يزيد عن ثلاثين مليون نسمة، مشروع فيتنام أخرى وأفغانستان جديدة.
بقياس التضاريس الطبيعيّة اليمن أقرب لوعورة أفغانستان، وبقياس التمرّس بالقتال وامتلاك الأسلحة النوعيّة متفوّق على أفغانستان وفيتنام. وبقياس ما يمكن للأميركي فعله، فاليمن لا يزال تحت آثار حرب استخدمت فيها ضده الأسلحة ذاتها التي يأتي بها الأميركي بهدف إخضاعه. وفي اليمن بنية قتالية عقائدية استشهادية، وملايين من الشباب الجاهز للتضحية، وتقنية عالية في أسلحة الجيل الجديد للحروب، الطائرات المسيرة والصواريخ الموجهة، وقد أثبت بعد الغارات الأميركية وحشود المدمرات المجهزة بوسائل الحرب الإلكترونية أن صواريخه تنطلق لتصل إلى أهدافها رغم محاولات التشويش والسيطرة.
العاقل لا يستطيع أن يُغفل حقيقة ان نتيجة التورط الأميركي في اليمن، حرب لن تنتهي الا بأسوأ ما انتهت إليه حربا فيتنام وأفغانستان.

التعليق السياسي

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى