أولى

كذبة الحروب الدينية والمخلص الموعود / أتى أمر الله فلا تستعجلوه

 محمد صادق الحسيني

لا توجد حروب دينية بمعنى أنّ ديناً يحارب ديناً آخر، كما يحاول الشيطان الأميركي الأكبر الإيحاء للعالم، موظفاً إمكاناته الخبيثة ضدّ شعوب العالم الحرة، التي باتت منتفضة عليه اليوم في جهات الكرة الأرضية الأربع.
فمثلاً الحروب الصليبية العديدة والكثيرة، لمدة ألف عام كاملة، لم تكن حروباً للدين المسيحيّ ضدّ الدين الإسلاميّ.
بل كانت حروباً لملوك أوروبا لنهب ثروات الشرق، وقد استخدموا الدين والصليب ورجال الدين لتجميع التأييد والشرعية والجيوش لتوطيد حكمهم الإقطاعي المظلم، وبالتالي قرصنة ثروات الدول المجاورة، بل قرصنة كامل دول إقليم البحر الأبيض المتوسط وحتى أقاصي بلاد فارس.
والفتح العربي أيضاً لم يكن حروب الدين الإسلامي ضدّ المسيحيين والمجوس، بل كانت دفاعاً عن النفس في بدايته في عهد نبي الإسلام ضدّ دولة روما المعتدية، وبعد وفاة النبي تحوّلت إلى غزوات نهب وأخذ الخراج بحجة نشر الإسلام، والإسلام كان منه براء.
وبعد الحروب الصليبية كان الغزو التتريّ المغوليّ، وهو أيضاً لم يكن من أجل أيّ دين، إلا النهب، وإشباع رغبات القتل والحرق والاغتصاب والإجرام.
وفي العصور القديمة هناك الغزوات اليونانية (اسكندر المقدوني) والرومانية (القياصرة) لأراضي مصر (الحضارة المصرية) ولبنان (الحضارة الفينيقية) والشام والعراق والفرس (الحضارة الساسانية) وتونس (حضارة قرطاجنة)، وكلها كانت للنهب والسرقة وتدمير الحضارات الشرقية، قام بها برابرة أوروبا وقراصنتها.
وبعد الغزو التتري جاءت الغزوات الأوروبية من جنوا والبندقية وبيزا، ثم الإسبان والبرتغاليون والهولنديون، ثم الفرنسيون (ابتداء من نابليون)، ثم بريطانيا، والآن الولايات المتحدة التي تسمّي نفسها بأميركا، مع أنّ أميركا هي تسمية لقارتين كبيرتين، وليست تسمية لدولة واحدة للمهاجرين من أوروبا.
ولا يخفى أنّ كلّ هذه الحروب الحديثة هي ليست حروباً دينية، بل هي غزوات أوروبية وغربية للنهب والسرقة واحتلال جميع دول وشعوب وحضارات العالم للاستيلاء على مقدراته بالتالي على ثروات العالم.
وأسوأ هذه الحروب هي الحربان العالميتان الأولى والثانية، واللتان تمّ فيهما قتل مئات الملايين من البشر، من أجل استعمار دول وأراضٍ وأنهر وبحار وغابات، وبالتالي نهبها وسرقتها، النهب الذي ما زال مستمراً، خاصة لقارة أفريقيا العظيمة، وجزر الفلبين (سبعة آلاف جزيرة)، واندونيسيا المترامية وفيتنام وما جاورها والصين والهند ونفط العرب وغازهم وإيران.
الدين يعني الإيمان بالله الخالق، وتقبل الشرائع (القوانين) التي جاء بها الأنبياء العظام، والإيمان بيوم الدينونة (الحساب والكتاب) وكلّ من يؤمن حقيقة وليس تظاهراً بالله والأنبياء والحساب لا يقتل البشر، ولا ينهبهم، ولا يدمّر البلاد والعباد، ولا يسرق ثرواتهم ولقمة عيشهم، ولا يستخدم الأمراض والأوبئة والفيروسات وإلقاء القنابل والنابالم بالطائرات والقنابل الذرية والنووية.
إنّها حروب اللصوص والقراصنة الأقوياء على الضعفاء من البشر، بعدها يقومون بتغطية جرائمهم الحربيّة ضدّ الإنسانية بغطاء الدين، باستغلال المتظاهرين بالدين من المتديّنين وأنصاف رجال الدين المتاحرين به من وعاظ الشياطين.
إننا الآن نكاد نصبح على أبواب الحرب العالمية الثالثة بسبب مطامع الغرب الجشع وهو يقف بإصرار خلف حرب الصهيونية الإسرائيلية البربرية الهمجية ضدّ أهلنا في غزة والأخرى في أوكرانيا، من أجل احتواء وتدمير روسيا والصين، وهي ليست حرباً دينية أيضاً بأيّ شكل من الأشكال وانْ كان العدو الغربي الناهب لثروات الشعوب يحاول يائساً بائساً تصويرها كذاك موظفاً كل خرافاته خلفها…
لكنها تظل هي الأخرى لعبة الهيمنة والاحتلال القديمة المتجددة نفسها.
إنها هي هي حروب القرصنة والنهب الاستعمارية التي لن تنتهي أبداً، إلا بخروج المخلص الموعود الموحّد عملياً لكلّ الشرائع والمتجذر في مخزون الذاكرة الشعبية لكلّ الأمم، كلّ بلغتها وثقافتها، والذي سيقضي على الظلم والعدوان ويملأ الأرض قسطاً وعدلاً.
أتى أمر الله فلا تستعجلوه.
بعدنا طببين قولوا الله…

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى