أولى

الأول من آذار 2024 120 عاماً على انطلاق شعاع النور من ضهور الشوير

سماح مهدي*

على الرغم من مضي تسعة وثمانين عاماً على أول احتفال للسوريين القوميين الاجتماعيين بالأول من آذار، ذاك الذي حصل في العام 1935، إلا أن السؤال ذاته يتكرّر كل عام من قبل العارفين، ويُطرح للمرة الأولى من قبل غير العارفين: “لماذا تحتفلون بعيد مولد أنطون سعاده؟”.
وفي الوقت ذاته، لا نَمَلّ – نحن الذين تعاقدنا مع سعاده على أمر خطير يساوي وجودنا – عن الإجابة على ذلك السؤال، حتى لو كان الجواب موجهاً إلى من سمعوه عشرات المرات على امتداد السنوات إن لم نقل العقود السابقة.
فالذي يظنّ أن الاحتفال الذي يمارسُه السوريون القوميون الإجتماعيون بالأول من آذار إنّما جرى إعداده لشخص أنطون سعاده مجرّداً عن المبادئ والتعاليم السورية القومية الاجتماعية، فهو مخطئ في ظنّه. لأن ذلك الاحتفال بسعاده إنما جاء من أجل تعبيره الحضاري الراقي عن سموّ النهضة القومية.
فسعاده نفسه أكد على أن الحزب السوري القومي الاجتماعي لا يعتمد في إيمانه بنجاح قضيته المقدسة، على أساس الأفراد ورضاهم، بل على العقيدة وحدها. فهو الذي زرع فينا أنّ الأشخاص يجيئون ويذهبون ويتبدّلون، ولكن العقيدة هي الأساس الراسخ الثابت على تعاقب الأيام والسنين والأجيال. إذ أنّ العقيدة والنظام السوريين القوميين الاجتماعيين، لا يمكن ولا يجوز أن توضع قيمتهما في محل قيمة الأفراد. كما لا يمكن ولا يجوز أن يكون الأفراد محكّاً لهما. فحين الاختيار بين العقيدة والنظام من جهة وفرد أو أفراد من جهة أخرى، نحن لا نتردّد في التمسك بالعقيدة والنظام وترك الأفراد لمصيرهم.
على أُسس تلك العقيدة وذاك النظام، نشأنا – وفي نشأتنا كل العز – فكراً جديداً وحياة جديدة، وجهتهما ذروة الشرف والمجد، يصارعان فكراً قديماً بالياً وحياة قديمة رثّة وجهتهما حضيض النذالة والذل. لذلك نحن حركة صراع وقتال، حركة صراع بالمبادئ التي نؤمن بها، وقتال بالدماء الزكيّة التي تجري في عروقنا.
وهنا يأتي دور الذين يدّعون أنّ سعاده لم يأتِ بجديد، ليحصلوا منا على الرد. صحيح أن مؤسس الحزب السوري القومي الإجتماعي ليس أول من قال بوحدة الأمة السورية. لكن الصحيح أيضاً أن الذين سبقوه بالدعوة إلى الوحدة لم يتمكنوا من فعل شيء في سبيل إنجازها. على عكس سعاده الذي درس وفحص ووضع قواعد الوحدة القوميّة، وجعل أمام الشعب المثل العليا التي تبرّر طلب الحرية والوحدة، وتحفزه على طلبهما.
من هذه المنطلقات الثابتة، يخوض شعبنا اليوم واحدة من أهم معارك حرب الوجود في مواجهة عدونا التاريخي المغتصب لأرضنا في سورية الجنوبية – فلسطين وفي الجولان وبعض من جنوب لبنان. فقد أثبتت المعركة التي انطلقت مع فجر السابع من تشرين الأول 2023 – مجدداً – مدى تمسك شعبنا بأرضه، وحرصه على الدفاع عنها مهما بلغت التضحيات.
فلا شدّة القصف، ولا غزارة النار، ولا جور الحصار، ولا انقطاع الطعام والماء والدواء، ولا ارتفاع عدد الشهداء والجرحى والأسرى، كلّها ما كانت قادرة على أن تنتزع من مقاوم واحد تراجعاً على تحقيق النصر.
بعد مئة وعشرين عاماً على انطلاق شعاع النور من ضهور الشوير، ها هو لا يزال فاعلاً في الأمة السورية كلّها. وسيبقى فاعلاً ما دامت أصوات أشبال وزهرات هذه البلاد تصدح بالهتاف الأحبّ إلى قلوبنا “لتحيَ سورية”.
*ناموس المجلس الأعلى في الحزب السوري القومي الاجتماعي

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى