أولى

أعراب «تسونامي» صهاينة في غزّة!

‭}‬ شوقي عواضة

يتخذون من الدّيموقراطيّة شعاراً وهم أرباب الدّيكتاتوريّات في العالم، صمتهم جريمةٌ ونطقهم كفرٌ وحيادهم خنوعٌ للأميركيّ والصّهيونيّ، مجرّدون من الإنسانيّة اكتسوا ثوب المذلّة والمهانة في مجالس الأمم العوراء، وطواغيت مستأسدون على شعوبهم، تفيض إنسانيّتهم الاستنسابيّة غرباً وتجحف شرقاً وتحديداً عند أولى القبلتين، يتقنون العربيّة وليسوا بعربٍ مسلمين بالهويّة والإسلام منهم براء، دعموا (ثورة الرّبيع العبريّ) بالمال والعتاد فعاثوا فساداً وتخريباً في البلاد من سورية إلى العراق وليبيا وتونس ومصر ولبنان واليمن والهدف واحد ضرب عناصر القوّة في تلك الدّول وتجويفها من الدّاخل وتقويض مؤسّسات الدّولة والعمل على تسفيه وتسخيف الشّعوب وإشغالها بعيداً عن القضية المركزيّة.
تلك هي مهمات أنظمة التّطبيع التي كانت وليدة الاستعمار البريطانيّ والفرنسيّ فكانت أنظمة وظيفيّة تستكمل ما يعجز عن تحقيقه الاستعمار أو العدوّ الصّهيونيّ. وهذا ما أثبتته الأحداث والمواقف التّاريخيّة في المنطقة والشّواهد على ذلك من مصادرهم الموثوقة كثيرة وهي كالآتي:
1 – وثيقة السّلطان عبد العزيز بن عبد الرحمن بن فيصل آل سعود للمندوب البريطانيّ بيرسي كوكس بموافقته على إعطاء فلسطين (لليهود المساكين).
2 – دورهم في التآمر على الرّئيس جمال عبد النّاصر ومحاربته وتفتيت صفوف الأمّة.
3 – دورهم التّاريخيّ المؤيّد للسّياسات الأميركيّة والبريطانيّة في مواجهة الأمّة للحؤول دون نهضتها وتخليها عن قضية فلسطين.
4 – دعمهم المالي المفتوح والمطلق لثورات ما سُمّي (بالرّبيع العربيّ) مقارنة بدورهم الرجعيّ والتآمريّ تجاه القضية الفلسطينيّة.
بالعودة إلى مواقف نظام آل سعود تاريخيّاً وبغضّ النّظر عن وثيقة عبد العزيز بالتّنازل عن فلسطين لليهود نرى أنّه لغاية اليوم لم تتغيّر سياسات بني سعود بل ازدادت عدوانيته تجاه الأمّة وبالتّحديد تجاه فلسطين وقضيتها، فماذا يعني أن يعلن محمد بن سلمان في أحد تصريحاته عن أنّ نظامه سابقاً حارب عبد الناصر كونه شيوعيّاً! فعبد النّاصر والخميني وفقاً لقوله دمرا المنطقة، إضافةً إلى ما صرّح به وزير الخارجيّة السعودي أمام معهد بروكينغ في الولايات المتحدة الأميركيّة قائلاً: نحن حلفاء أميركا لأكثر من ثمانية عقود حتى الآن نجحنا في الخمسينات والسّتينات بالتّعاون مع أميركا في إسقاط عبد النّاصر وثورات الشّرق الأوسط، واستطعنا في السّبعينات والثّمانينات تحويل مصر إلى المعسكر الغربيّ، وكذلك فعلنا في الصّومال والكثير من دول المنطقة.
تلك هي سياسة النّظام السّعودي الذي كان من أوّل داعمي ما يسمّى (بثورات الرّبيع العربيّ) الذي بلغت كلفته وفقاً لتقرير مجموعة من مراكز الدّراسات والاستشارات بينها مجموعة «جيوبولوستي» التي أفادت بأنّ كلفة ثورات الربيع العربيّ قد تجاوزت الخمس وخمسين مليار دولار. مضيفاً أنّ الدّول التي كانت الأكثر تضرّراً هي مصر وسورية وليبيا. ففي حين قادت السّعودية والإمارات ومعهم البحرين عدواناً كونيّاً على مدى تسع سنوات على اليمن وشعبه يغيب حضورهم عمّا يجري في غزّة باستثناء إعلانهم موقفاً حياديّاً لا بل موقفاً يعطي العدوّ الصّهيونيّ «شرعية» لارتكاب المزيد من المجازر بحقّ الشّعب الفلسطينيّ.
أمّا على المستوى الإنسانيّ فلا بدّ من التّذكير بـ «إنسانيّة» الأنظمة في السّعوديّة والإمارات والبحرين وأنظمة التّطبيع التي فاضت إنسانيّتها أمام مشهد «تسونامي» في الولايات المتحدة الأميركيّة. ففي حين أرسل النّظامان السّعوديّ والإماراتيّ كميّاتٍ كبيرةً من الأكفان لأهالي غزّة لا بدّ من التّذكير بأنّ إجمالي التّبرعات السّعوديّة لإعصار «تسونامي» في الولايات المتحدة الأميركيّة فاق الـ 900 مليون دولار كمساعداتٍ إنسانيّةٍ، في حين أنّ حكومة الإمارات تبرّعت بمبلغ مئة مليون دولار لضحايا الفيضانات في الهند التي رفضتها حكومتها.
أمّا في أزمة جائحة كورونا فقد تسابق أعراب التّطبيع لنيل الرّضا الأميركيّ الصّهيونيّ من خلال ما قدّمته ثلاث دول هي الإمارات والسّعوديّة والبحرين من مساعداتٍ للكيان الصّهيونيّ لتخطّي أزمة الجائحة وفقاً لما نشرته صحيفة «جيروزاليم بوست» العبريّة التي وصفت فيها لاهاف هاركوف أنّ خطوة هذه الدّول في المساعدة في مكافحة فيروس «كوفيد-19″، تأتي بعد سنواتٍ من توثيق العلاقات الاسرائيليّة مع هذه الدّول الخليجيّة. وفي تصريح نسبته الصّحيفة للسّفيرة الإماراتيّة لدى الأمم المتحدة لانا زكي نسيبة قولها: “إنّ حكومة بلادها مستعدّة للعمل مع إسرائيل بشأن لقاح كورونا. لقد سمعت القادة في الخليج يقولون مراراً وتكراراً إنّه يمكننا بمواردنا وثرواتنا والابتكارات الاسرائيليّة إيجاد لقاح وعلاج”.
أمّا اليوم يقف أولئك الطّواغيت موقف المتفرّج المشجّع الذي يصفّق للعدوّ الصّهيونيّ في ارتكاب المجازر بحقّ الشّعب الفلسطينيّ الأعزل لا بل يزداد تصفيقاً له كلّما ازداد إجراماً وتنكيلاً بالفلسطينيّين. أولئك الجبابرة الذين لم يقرأوا التّاريخ ولم يتعلّموا منه بأنّ هناك ثمّة معادلات إلهيّة لا تتغيّر ولا تتبدّل، واليقين هو أنّ زوالهم سيكون حتميّاً بزوال الكيان الصّهيونيّ المؤقّت ولو بعد حين.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى