أولى

البعد الاستراتيجي لميناء بايدن في غزة أميركا في اليوم التالي للسنوار…

‭}‬ محمد صادق الحسيني

هل تأجّلت أو حتى ألغيت عملية اجتياح رفح لحاجة وبإرادة أميركية ملحّة!؟
هل اقتربت أميركا ومعها الناتو من الفشل الاستراتيجي المعلن في أوكرانيا، كما فشلت من قبل في سورية، رغم التصعيد الإعلامي والإحاطات النووية المتبادلة!؟
وهل أميركا باتت عاجزة عن حماية الساحل الفلسطيني الطويل، وها هي تحتضر بحرياً وتختصر هيمنتها في سواحل غزة البحريّة في مدى 45 كلم فقط!؟
والأهمّ لو كانت أميركا تريد إغاثة غزة، كما تزعم، هل الأمر يتطلب كلّ هذا الاستعداد اللوجيستيّ المعقد، أم أنّ ضابطاً في البيت الأبيض كان بإمكانه إجراء اتصالين هاتفيين، واحد لنتن ياهو والآخر للسيسي، يقضي بفتح معبر رفح وقضي الأمر!؟
هذه الأسئلة وغيرها تقول لنا بأنّ ميناء بايدن لا علاقة له بإغاثة غزة مطلقاً!
لهذا وعلى الرغم من أنّ الأغلبية الساحقة، من المراقبين والمحللين السياسيين والعسكريين، ينطلقون في تناولهم موضوع الميناء، الذي اقترح الرئيس الأميركي جو بايدن إنشاءه في غزة، من كون هذا الميناء مرتبطاً بالحرب الإسرائيلية، على قطاع غزة بشكل خاص وعلى كلّ فلسطين بشكل عام، فإنّ لهذه الفكرة بنظرنا أبعاداً استراتيجيةً مستترة الى حدّ ما أهمّ بكثير، وذلك في ضوء معطيات تظهر تدريجياً، حول الاستراتيجية الأميركية الجديدة، في ما يسمّى بـ «الشرق الاوسط»، هذا إذا ما نجحت حكومة العالم الخفيّة في إبقاء بايدن في سدة الحكم في واشنطن.
أما أهمّ هذه المعطيات، حول الطابع الاستراتيجيّ لهذه الخطوة الأميركية، فهي التالية:
أولاً: قرار الجهات الأميركية، ذات الاختصاص، بتأجيل المعركة مع روسيا والصين، في جنوب شرق آسيا، وإعطاء الأولوية لتكريس السيطرة الأميركية، على منطقة غرب آسيا كاملاً، حسب مصادر خاصة تتابع المجريات الميدانية في المنطقة.
الأمر الذي قد يعني فتح المعركة، ضدّ الجمهورية الإسلامية في إيران، وضدّ حركات المقاومة في فلسطين ولبنان واليمن والعراق وسورية، وهي المعركة التي تهدف الإدارة الأميركية من ورائها الى تحويل المنطقة الآسيوية هذه الى قاعدة خلفية، لإسناد قواتها في جنوب شرق آسيا، عندما تنخرط في المعركة ضدّ روسيا والصين، خاصة أنّ جهات القرار الأميركية تعتبر انّ تلك المعركة آتية حتماً لا محالة وإنْ بعد حين.
ثانياً: كما لا بدّ من الأخذ بعين الاعتبار انّ الرئيس الأميركي قد أعطى توجيهاته للجيش الأميركي، وليس لوزارة الخارجية او للنقطة الرابعة الأميركية USAID أو غيرها من المنظمات الأميركية الكثيرة المختصة بعمليات الإغاثة وتوزيع المساعدات.
وهذا دليل إضافي على أنّ لهذا الميناء المؤقت بعداً استراتيجياً، وليس الهدف من ورائه تنفيذ عمليات إغاثة مؤقتة.
ثالثاً: أما ما يعزز وجود مرمىً استراتيجي من وراء إقامة هذا الميناء، على شواطئ غزة، فهو مسارعة نتن ياهو الى فكرة شراء، او استحواذ كيانه المؤقت، على ميناء في قبرص الروميّة والذي يرجّح أن يكون ميناء لارنكا، وهي الفكرة التي اقترحتها، ظاهرياً، وزيرة المواصلات الإسرائيلية ميري ريغيف، وسفر رئيس هيئة الموانئ الاسرائيلية، عوزي يتسحاقي، قبل أيام الى قبرص، لبحث هذا الموضوع مع الحكومة القبرصية.
كلها ما هي إلا مؤشرات على وجود قطبة مخفية، وراء إقامة هذا الميناء، أكثر أهمية، بالنسبة للإدارة الأميركية والكيان الصهيوني، من مساعدة المواطنين الفلسطينيين في قطاع غزة…
رابعاً: وعليه فإنّ هذه القطبة المخفية ليست سوى انّ هذا الميناء سوف يضطلع بدور عسكريّ هام، في حالة نشوب حرب على الجبهة الشمالية للكيان / او قيام الحلف الصهيوأميركي بشنّ عدوان مشترك، واسع النطاق ضدّ لبنان، توطئة لاستدراج إيران، للدخول في الحرب، دعماً للمقاومة الإسلامية في لبنان.
خاصةً أنّ تقديرات الدوائر العسكرية الأميركية والإسرائيلية تنطلق من أنّ قوات حزب الله سوف تكون قادرةً على شلّ حركة الملاحة البحرية، الى ميناء حيفا وربما الى ميناء أسدود أيضاً، الأمر الذي يجعل الميناء المقام على أرض قطاع غزة نقطة ارتكاز عسكرية ضرورية لتأمين إمدادات الجيش الإسرائيلي، عن طريق البحر، وذلك في ضوء أنّ المطارات والقواعد الجوية الإسرائيلية قد لا تكون قادرة على استقبال ايّ طائرات لجسر جوي أميركي محتمل، كما أنّ الطرق البرية من الأردن الى فلسطين المحتلة لن تكون آمنة بسبب وقوعها في مرمى نيران المقاومة الإسلامية اللبنانية والعراقية، على وجه الخصوص.
خامساً: يُضاف إلى الأسباب، المُشار اليها أعلاه، انّ الجهات المختصة في الولايات المتحدة، قد قامت بنقل كميات هائلةً من الأسلحة، الى كلّ من:
اليونان/ قبرص الرومية/ الأردن/ العراق/ السعودية/ الإمارات/ قطر/ البحرين…
وبالنظر إلى هذه الكميات الكبيرة، من الأسلحة، فإنّ من الواضح أنها تفوق بكثير احتياجات الجيش الاسرائيلي، سواء على الجبهة الجنوبية/ قطاع غزة/ أو على الجبهتين الشمالية/ لبنان والجنوبية.

سادساً: تؤكد التقديرات، لحجم الأسلحة التي نقلت الى ما يسمّى «الشرق الأوسط»، بإنها إجراءات تندرج في إطار صراع عسكري، في المنطقة – بما في ذلك إيران، قد يستمرّ لخمس سنوات…
إذن، وبالنظر إلى الدول التي نقلت إليها – وستنقل – هذه الأسلحة، فإنّ ذلك يعني أنّ الدول الأوروبية، الأعضاء في حلف شمال الأطلسي، ستشكل قاعدة إمداد للقوات الأميركية / أو الأميركية الأطلسية بشكل من الأشكال/ وهو أمر في غاية الأهمية، على الصعيد الاستراتيجي.
علماً انّ الاستعدادات العسكرية لا تعني، بالضرورة، وقوع حرب فعلاً، إذ انّ التلويح باستخدام القوة هو نوع من أنواع الحروب، الذي استخدم (التلويح بالقوة) عبر التاريخ، في الكثير من الصراعات.
ومكر أولئك يبور،
بعدنا طيبين قولوا الله…

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى