انتهاء العدّ العكسي… هل نحن على أعتاب مواجهة روسية ـ أميركية في «الشرق الأوسط»؟
د. علي عباس حمية
هل يتخذ الرئيس الروسي فلاديمير بوتين قراراً خطيراً تجاه العدو «الإسرائيلي» بعد 17 آذار الحالي؟ موعد الانتخابات الرئاسية في روسيا؟
توسّع دوائر الصراع، لربما ستشمل روسيا وفق مصالحها، ومصر على طريق اتخاذ القرارات المصيرية تجاه ما يجري في غزة والمنطقة…
بعد قيام العدو الإسرائيلي بمؤازرة أوكرانيا وتزويدها بالقبة الحديدية والدعم العسكري الكامل لمواجهة روسيا، وقيام حلف الناتو بإسناد أوكرانيا بكافة أنواع الأسلحة التقليدية وغير التقليدية، وصولاً إلى تفجير أميركي لأنبوب نورد ستريم 2 السيل الشمالي الثاني وفرض عقوبات اقتصادية، صناعية وحتى رياضية واجتماعية على روسيا ضمن حرب ضغوط قد حشرت روسيا بزاوية اتخاذ القرار لربما يشعل العالم وبالأخص بعد الانتخابات الرئاسية الروسية في 17 آذار الحالي، وعودة بوتين مجدّداً إلى الحكم ولكن بقرارات حاسمة متفجرة ضدّ الناتو في أوروبا، وفي وجه حلف أوكوس الصهيوماسوني في «الشرق الأوسط».
بعد ان طفح الكيل من معاملة «إسرائيل» المعادية لروسيا ابتداء من دعمها جورجيا 2008 وتغذية الفتن في روسيا إعلامياً ومعاملة الروس المهاجرين الى «إسرائيل» على انهم درجة متدنية ولا يحقّ دفنهم حتى في مقابر اليهود الإسرائيليين، وصولاً إلى دعم زيلينسكي في أوكرانيا والدعم الإسرائيلي العسكري له مع خبراء وجنود صهاينة على أرض المعركة علناً حتى وصل بـ «إسرائيل الأمر» إلى ان تورّد القبة الحديدية لأوكرانيا مؤخراً وقد تكون القشة التي قصمت ظهر البعير في العلاقات الروسية ـ «الإسرائيلية» وقطع الخط الساخن بين الرئيسين.
وحيث أنّ الوضع بين «إسرائيل» وروسيا آخذ بالتأزم انطلاقاً أيضاً من طرد العدو «الإسرائيلي» لدبلوماسيين روس في العام 2020 ومن ثم بعدها تجميد أموال وأصول روسية في المصارف الإسرائيلية، والتمييز العنصري بين اليهود والمتهوّدين الروس داخل الكيان، وكذلك الاعتداءات الإسرائيلية على سورية بالقرب من القواعد الروسية وبالأخص في مطار دمشق الدولي، مما استدعى التنبيه الروسي عدة مرات لخطورة ذلك، الا انّ «إسرائيل» لم تعر ذلك أيّ اهتمام.
انطلاقاً مما تقدّم، وبعد ان استنفدت روسيا كل وسائل الصبر لعدم الانخراط بالصراع في الشرق الاوسط، في الوقت الذي كانت فيه «إسرائيل» تتعامل مع التنبيهات الروسية لها بازدراء وباستهتار، دفع موسكو الى إقامة قواعد عسكرية لها على طول الحدود السورية في المواجهة تماماً مع جيش العدو الإسرائيلي قرب منطقة الأندوف في الجولان، وفق ما أعلن عنه إعلام العدو، مع وجود بطاريات الدفاع الجوي طراز S300 و S400 روسية وإيرانية مشتركة، بالإضافة الى استحداث مدرج حربي يزعمون انه لاستقبال المقاتلات طراز سوخوي 35 المتطورة جداً، بالإضافة لتخوف «إسرائيلي» أميركي من تواجد قوات ألفا Alfa للمهام المنية الخاصة الروسية بمواجهة قوات الأمن الخاصة الأميركية دلتا فورس ونايفي سيلز فرقة 6 واس.آ.اس. البريطانية مما يعني الحرب في المستقبل القريب جداً، والأقوى ستكون حرب قوات مهام خاصة عالمية وبصلبها قوات الرضوان في جنوب لبنان وقوات الكيان سيرايات ماكتال في شمال كيان العدو «الاسرئيلي». فإذا ما استمرت الحرب فإنّ المرحلة الرابعة منها ستكون حرب قوات مهام خاصة ضمن حشود إسناد عسكري متطور عبر حرب العقول والتقدم التقني. فلنستفد من تقاطع المصالح والعدو المشترك بين محور المقاومة وروسيا وربما الصين لاحقاً، من اجل القضية والانتصار.
من ناحية أخرى وفي خضمّ التجاذب على مصر بين محور المقاومة وحلف التطبيع الصهيو أميركي، وبعدما بات واضحا ان ما تقوم به أميركا من مساندة للعدو الإسرائيلي بكافة الأسلحة المحرمة دولياً، على سبيل المثال لا الحصر قد تمّ إلقاء على غزة لتدمير البنية التحتية، وبالأخصّ المستشفيات والمدارس، اكثر من 5000 قنبلة نوع MK84 الأميركية زنة الواحدة منها 1000 كلغ الخارقة المتفجرة بالإضافة الى كلّ أنواع الأسلحة المحرمة دولياً، مما جعل مصر في حالة إحراج، وقد ضاقت ذرعاً من إمساك العصا بالوسط مما جعلها تقوم بالتهديد لتجميد او التراجع عن اتفاقية كامب دايفيد للسلام القائمة بينها وبين العدو الإسرائيلي منذ 45 عاماً، ولمن لا يعلم انّ الاتفاقية تنص على تقسيم شبه جزيرة سيناء الى ثلاث قطاعات، حيث القطاع غربي (أ) يسمح بتواجد قوات الجيش المصري، وقطاع الوسط (ب) يسمح بوجود قوت أمن مصرية بإعداد غير محدّدة، أما القطاع الشرقي (ج) لا يسمح الا بتواجد أعداد قليلة من الأمن المصري وهو تحت سيطرة قوات المتعددة الجنسيات بقيادة الولايات المتحدة الأميركية وتكريساً للوجود والقوة الأميركية تمّ منع ادخال المساعدات عن طريق رفح التي تبعد كيلومتر واحد والزعم بإقامة ميناء عائم في ساحل غزة يبعد عن لارنكا 487 كلم. والسماح فقط للمطبعين بإنزال المساعدات عبر الجو وبشكل عشوائي لا يسمن ولا يغني من جوع، وذلك خوفاً من تثبيت تواجد الجيش المصري في القطاع (ج) وبذلك يكون كسر لاتقافية كامب دايفيد. حيث لا يزال يعتبر العدو الإسرائيلي مصر العدو المباشر له بعد محور المقاومة على الرغم من اتفاقية سلام بينهما.
في الملخص الى الآن، فإنّ حزب الله قد قام فعلاً بتحرير الجليل من شرقه الى غربه بالنيران، وأعمى العيون الإسرائيلية، بانتظار إعطاء الأمر للدخول اليه فعلياً إذا ما توسعت الحرب، كما انّ اليمن وفق مهام اختصاص الجبهات قد كسر هيبة الأميركي في البحر الأحمر، والعراق اهتمامه ينصب على القواعد الأميركية في العراق وسورية مكان وجود الدواعش تحت الحماية الأميركية ومرافق ومرافئ العدو الصهيوني، أما غزة والمقاومة الفلسطينة بقيادة حماس قد انتصر في اليوم الاول (7 اكتوبر) مع انتظار تكريس الانتصار وهذا هو اليوم التالي للحرب واستراتيجيته هو التحرير لا المساومة، ولكن فتح جبهة الجولان هي نقطة اللا عودة في الحرب.
المنطقة تعيش حالة مخاض ولادة عالم جديد بأقطاب آخرين تحدده هذه الحرب الدائرة في غزة، إلا أنه على الرغم من تعاظم مؤشرات التصعيد على الهدن، لكنه يوجد ايضاً قدرة إلى الآن في السيطرة على توسع دوائر الحرب عبر الضغوط المتبادلة، ولربما البديل هو العودة للحرب الباردة بين أميركا وروسيا عبر الشرق الأوسط لأهميته الأعظم عالمياً ولكنها اليوم ستشمل محاور منطقتنا ما بين محور مقاوم ومحور مطبّع…