كيف نقرأ الهجوم الإيراني على الكيان الصهيوني؟
} محمود الهاشمي
1 ـ الهجوم لم يأت رداً على قصف القنصلية الإيرانية في سورية ولكن سبقت ذلك سلسلة من الاعتداءات الصهيونية على إيران سواء داخل سورية أو خارجها.
2 ـ الهجوم جاء متزامناً مع معركة (طوفان الأقصى) ليشكل دعماً معنوياً وعسكرياً للمقاومة الفلسطينية.
3 ـ الهجوم جاء عبر أجواء دول صديقة (العراق وسورية) لتكون مشاركة مباشرة وفاعلة وفيها دلالات الموافقة المسبقة.
4 ـ الهجوم جاء بإعلان مسبق عرف به القريب والبعيد وفي ساعة معلومة وأمام فضاءات الإعلام، بالنقل المباشر، وليس بغتة، حتى يعكس الجانب الاعتباري لإيران بأـنها تضرب بعلم (أصدقاء إسرائيل) وهي تعي ما تقول وتفعل.
5 ـ «إسرائيل» قصفت القنصلية الإيرانية في سورية ولم تعترف بذلك رسمياً.
6 ـ الهدف العسكري للهجوم كان موقعين عسكريين هما (قاعدة نيفاتيم الجوية الإسرائيلية المقر الرئيسي لطائرات «أف 35″، القريبة من مفاعل ديمونا النووي.) و(مركز استخباري إسرائيلي شمال الجولان، استُخدم في تخطيط وتنفيذ العملية التي استهدفت القنصلية الإيرانية في دمشق).
وكما قال رئيس هيئة الأركان الإيرانية محمد باقري (عملياتنا ركزت على القاعدة الجوية التي انطلقت منها الطائرات الإسرائيلية التي اعتدت على قنصليتنا”، بمعنى ان الأهداف قد تحققت.
7 ـ الهدف من الهجوم الإيراني كما ورد في تغريدة السيد الخامنئي قبل الهجوم بأنها (عقوبة) ولم يقل زوال “إسرائيل” ـ كما اعتدنا ـ لذا جاء (محدوداً) وفقاً لمصطلح (العقوبة).
أما (الزوال) فذلك الهدف الأكبر والاستراتيجي للجمهورية.
8 ـ مسافة الـ 1600 كلم من إيران الى “إسرائيل” بعيدة وإرسال طائرات مُسيّرة تصل بعد 9 ساعات الهدف منها هو (الإبلاغ) وليس التأثير العسكري المباشر، فحتماً إيران تعلم بعدد القواعد الأميركية والبريطانية والفرنسية، وتعلم أنّ الأردن سيتصدّى لها، لكن أرادت ان تجعل منه مهرجاناً وعرساً ورسالة للعالم أجمع، حيث كلما مرت مواكب الطائرات حيوها وهتفوا لنصرة فلسطين، وكان بالإمكان إرسال صواريخ فقط لتصل بعد دقائق وينتهي الأمر، خاصة أنّ إيران تملك الآلاف من الصواريخ المدمّرة.
9 ـ لماذا وصلت الصواريخ الى أهدافها في النقب؟ ولم تستطع الدفاعات الجوية الصهيونية ولا أصدقاء “إسرائيل” معالجتها؟ هذا هو (السر)!
10 ـ هل كانت الطائرات التي أرسلت بالهجوم لمجرد إشغال الدفاعات وهناك هدف آخر؟
11 ـ قبل الهجوم دفعت أميركا باكثر من عشرين دولة للاتصال بإيران لغرض ثنيها عن الهجوم على “إسرائيل”، مع تقديم امتيازات مقابل ذلك وصولاً الى إعادة التفاوض بالملف النووي، لكن إيران رأت أنّ القيام بالهجوم فيه امتياز أكبر سواء لشخصية الثورة الإسلامية او لمستقبل المقاومة.
12 ـ هذا أول هجوم لدولة لا تجاور الأرض المحتلة، وبذا فقد فتحت إيران النار على “إسرائيل” من أبعد المسافات.
13 ـ الهجوم أضاف دعماً قوياً لمحور المقاومة بأنّ هناك دولة كبرى بحجم إيران، قد دخلت على خط المواجهة المباشرة مع العدو الصهيوني.
14 ـ الهجوم كشف حقيقة الأمن القومي الإسرائيلي أنها غير قادرة أن تواجه المقاومة لوحدها بدءاً من 7 تشرين الأول/ أكتوبر في معركة (طوفان الأقصى).
15 ـ الهجوم كشف عن مقتل 44 ضابطاً إسرائيلياً خلال قصف معسكر نواتيم الجوي بصواريخ الحرس الثوري، وفقا للإعلام (الإيراني) خاصة أنّ الكيان الصهيوني يخفي أرقام قتلاه… وبذا فإنّ الاستهداف كان مدروساً، وإذا أخفت “إسرائيل” ذلك ستكشف إيران أسماءهم.
16 ـ الهجوم أدخل الداخل الأميركي والإسرائيلي بمعادلة (هل يتحمّل أيّ منهم هذا الضغط اليومي لمعركة لا تُعرف نهايتها، وكلما تقدّمت ازداد عدد اطرافها)؟
حيث نقلت وكالة الصحافة الفرنسية ـ الأحد الفائت ـ شهادات إسرائيليين وصفوا فيها الهجوم الجوي الإيراني بالصواريخ والمُسيّرات بالمرعب! فإلى متى سيستمر الرعب.
17 ـ الرئيس الأميركي بايدن أبلغ نتنياهو بأنّ (أميركا لن تشارك في أي هجوم إسرائيلي على إيران) فهذا يعني أنّ هذه هي حدود التعاون الأميركي، فلا تتجاوزوها.
18 ـ الهجوم كشف انّ الأردن لا تستطيع ان تخرج من (طوق التطبيع) وانها شاركت في “الدفاع عن أمن إسرائيل”، وبذا سيتشكل عليها صغط داخلي إضافةً الى الضغوط الأخرى.
19 ـ الأسلحة التي قاتلت بها إيران، محلية الصنع، وهذا يعني لم تعد الدول الإسلامية بحاجة الى السلاح الغربي الذي طالما احتكروه وكان سبباً في خسارة العرب للحروب مع “إسرائيل”.
20 ـ هذه المرة الأولى التي تقف فيها أميركا تنتظر ان (تهاجم) “إسرائيل” علناً دون ان تهاجم خصمه.. وهذا يعني أنّ “إسرائيل” باتت عبئاً على أميركا والعالم الغربي والمنطقة.
سئل مفكر أميركي في سبعينيات القرن الماضي: متى تزول “إسرائيل”؟ فأجاب: تزول عندما تزول أسباب وجودها وحين تصبح عبئاً على أميركا والغرب.
21 ـ يقول وزير الأمن القومي الإسرائيلي إيتمار بن غفير “إنّ علينا عدم اتباع سياسة الاحتواء كي نخلق الردع في الشرق الأوسط، بل علينا أن نردّ بجنون” وبذا فإن “إسرائيل” دخلت مرحلة الخروج من الواقعية الى الجنون.. وتلك بدايات (الزوال).
22 ـ أدركت “إسرائيل” أنها بدت وحيدة في المنطقة وانّ جميع دول المنطقة في خصومة معها، ولولا التعاون الغربي لضاعت، لذا ستسعى في المستقبل إلى إعادة النظر بسلوكها وعلاقاتها حيث نقلت إذاعة الجيش الإسرائيلي عن الوزير في مجلس الحرب الإسرائيلي بيني غانتس قوله “إنّ إسرائيل ستبني تحالفاً إقليمياً في مواجهة التهديد الإيراني”، وهذا هدف صعب وفقاً للواقع الذي نعرفه في المنطقة والعداء للكيان الصهيوني.
23 ـ هدّدت إيران الولايات المتحدة في حال تدخلها فإنّ جميع قواعدها في المنطقة ستكون عرضة لاستهداف القوات الإيرانية .
وهذا أمر لم يكن من قبل حيث انّ (دولة من العالم الثالث ـ وفق تصنيفهم ـ تهدّد دولة كبرى بحجم الولايات المتحدة، مثلما الأخيرة تعلم انّ (إيران قول وفعل) فقد جرّبتها من قبل.
24 ـ امتلأ مطار بن غوورين بالمسافرين الصهاينة وهم يغادرون الأرض المحتلة عقب الهجوم الإيراني، وهذا يعني انّ الارض تزلزلت تحت أقدام الصهاينة.
25 ـ إذا كانت حرب أوكرانيا تكلف الولايات المتحدة 80 ألف دولار في الثانية فكيف والتعامل مع حربين في نفس الوقت؟
26 ـ ستطلب أميركا من الصين التدخل للمساعدة في إيجاد حلّ للحرب في غزة، ولكن حسابات ما بعد الهجوم غيرها قبل الهجوم الإيراني.
27 ـ في اعتقادنا انّ الوجود العسكري للمستشارين الإيرانيين في سورية سيتطوّر في بُعدين الأول داخل سورية والثاني على حدودها (…)
28 ـ ليس (صدفة) ان يختار بلد عقيدته الإسلام يوم الهجوم على الكيان الصهيوني في ذكرى معركة الأحزاب (الخندق) التي قال فيها الرسول الكريم محمد بحق علي بن أبي طالب حين نازل عمرو بن عبد ود العامري: “نزل الإسلام كله على الشرك كله”.