مقالات وآراء

العمال في عيدهم آلام وآمال…

‭}‬ عباس قبيسي
في عيد العمال العالمي لا بدّ من توجيه التحية لكم أيها الكادحون المكافحون على سبيل النجاة، من عيون أطفالكم الدامعة عوزاً، من فتات الحدّ الأدنى للأجور الذي أصيب بالترهّل بلا ايّ قيمة فعلية، من تجاعيد كبارنا الذين لم يسمح لهم قانون الشيخوخة التقاعد بكرامة، من سنوات عجاف أتتنا على حين من الدهر، من صرخة حق لعامل في وجه رب عمل فاجر، لحقول أعماركم المزروعة بالتعب والقلق المسيّجة بالعزيمة والإرادة ولآلامكم وآمالكم ولمحراب حرمانكم، كل عام وأنتم بخير.
انّ الدور المركزي والأساسي للنقابات العمالية هو تشكيل إطار ضاغط على الحكومة والتفاوض مع أرباب العمل (الدولة أكبر رب عمل في لبنان) مما يمكنها ان تلعب دوراً محورياً في عملية سياسة الاقتصاد الكلي والتخطيط التنموي والتأثير بأجندات التنمية بشكل فعّال في السياسيات النقدية والمالية والاقتصادية والإجراءات التي تتخذها السلطة.
وباختصار تتكوّن سياسة الاقتصاد الكلي من الإجراءات التي تتخذها الحكومة للتأثير على الظروف الاقتصادية العامة في البلاد، وتهدف هذه السياسة إلى تحقيق أهداف اقتصادية محددة كتعزيز النمو الاقتصادي، والسيطرة على التضخم، والحدّ من البطالة، وتحقيق الاستقرار، وترتكز على عنصرين أساسيين، السياسة النقدية والسياسة المالية.
السياسة النقدية، مصطلح يشير إلى الإجراءات التي يتخذها مصرف لبنان المركزي ووزارة المالية لإدارة المعروض النقدي وأسعار الفائدة والتحكم بحجم الكتلة النقدية المعروضة في السوق من خلال تحديد كمية النقد التي يتمّ وضعها في الاستخدام وبذلك تهدف السلطة الى السيطرة على التضخم والحفاظ على مستوى معين من النمو والإستقرار الاقتصادي.
إنّ إحدى الأدوات الرئيسية التي يستخدمها المصرف المركزي للتحكم في المعروض النقدي هي تعديل أسعار الفائدة، عندما يخفض البنك المركزي أسعار الفائدة، يصبح من الأرخص للشركات والأفراد اقتراض الأموال، مما يشجع الإنفاق والاستثمار، ومن ناحية أخرى، عندما يرفع البنك المركزي أسعار الفائدة، يصبح الاقتراض أكثر تكلفة، مما قد يؤدي إلى إبطاء النشاط الاقتصادي ومن خلال تغيير أسعار الفائدة يمكن للبنك المركزي التأثير على المستوى العام للنشاط الاقتصادي في البلاد.
السياسة المالية، هي سياسة الحكومة التي تعمد الى توجيه الاقتصاد الكلي لتحقيق أهداف محددة وترتكز على عنصرين اساسيين هما واردات ونفقات الدولة حيث تصدر قانون الموازنة العامة سنوياً التي تعبّر عن رؤية التوجهات الاقتصادية للدولة، وبالتالي فإنّ إصدار الحكومة للموازنة العامة يعتبر من اهمّ مسؤولياتها الاقتصادية التي تعطي القطاع الخاص إمكانية مراقبة الأداء الاقتصادي وتقييمها على أساس موازنتها السنوية وكيفية الحصول على الواردات من الضرائب على فئة المكلفين بالإضافة الى الموارد الطبيعية وعبر الاستدانة وهو إجراء تلجأ اليه عادة الحكومة حين يكون هناك فارق بين نفقاتها ووارداتها، وهناك عدة أنواع من النفقات الحكومية وأبرزها:
أولاً: الإنفاق الجاري وهو الإنفاق الذي يغطي كلفة الرواتب والمخصصات في المؤسسات والوزارات (موظفين، أجهزة أمنية، مجلس الوزراء مجلس النواب القصر الجمهوري وغيرها من إدارات الدولة).
ثانياً: الإنفاق الاجتماعي وهو الإنفاق الذي يموّل الخدمات الاجتماعية للدولة تجاه المواطنين وغالباً ما يكون من خلال دعم وتمويل المؤسسات الحكومية العامله في مجالات الصحة والتعليم.
ثالثاً: الإنفاق الاستثماري وهو الاستثمار الحكومي لتطوير القدرات الإنتاجية للاقتصاد كبناء معامل إنتاج الكهرباء، الطرقات، وتطوير البنى التحتية من شبكات مياه الشفه والصرف الصحي إلخ…
رابعاً: خدمة الدين هو إنفاق استثنائي ويرتبط بقيام الحكومة بالاستدانه حيث يتكوّن هذا الإنفاق من أقساط القروض والفوائد وغالباً ما تشمل خدمة الدين عبئاً إضافياً على واردات الخزينة العامة اذا ما تضخم الدين العام بطريقة أسرع من نمو الاقتصاد حينها ترتفع نسبة الفوائد مما يؤدّي الى تآكل قسم كبير من الواردات لصالح خدمة الدين ومع العجز عن السداد تضاف الفوائد الى أصل الدين.
يجب أن تلعب النقابات العمالية دوراً فعّالاً ومهماً بتشكيل السياسات الحكومية التي تؤثر على العمال والاقتصاد ككل، كما يمكنها التأثير على القرارات المالية والنقدية للدولة، من خلال تمثيل الصوت الجماعي للموظفين، والتفاوض على زيادة الرواتب وتأمين حوافز إضافية يستند إلى مؤشِّرات اقتصادية واقعية كمعدّلات التضخّم وأسعار السلع والإيجارات وتأمين ظروف عمل أفضل للعمال كونها ممثلة في لجنة المؤشر ومجلس إدارة الضمان والمجلس الاقتصادي، وذلك من خلال جهود الضغط التي يمكن ان تبذلها، بحيث تلعب سياسة الاقتصاد الكلي دوراً حاسماً في تشكيل الظروف الاقتصادية للبلد وتأثيرها على أرض الواقع مما سينعكس ايجاباً على معيشة العامل، وعلاوة على ذلك يجب الضغط باعتماد سياسة ضريبية لا تستهدف الطبقة الفقيرة المعدومة وصغار الكسبة بل تستهدف الأثرياء وحيتان المال وأباطرة الكارتيلات بشكل أساسي عبر فرض ضريبة تصاعدية على الأرباح وبالتالي الابتعاد عن النمط السائد الموروث فكرياً منذ زمن بعيد المدعوم من قبل المؤسسات المالية الدولية والذي يقوم على زيادة الضرائب الغير مباشرة كالضريبة على القيمة المضافة (TVA) والضرائب على الاستهلاك والخدمات وغيرها…

أيّ دور للنقابات العمالية في السياسات الاقتصادية والضريبية للدولة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى