مقالات وآراء

سقوط مدوّ لصورة أميركا

‭}‬ رنا العفيف
أنظار العالم بأسره تتجه إلى حرم الجامعات الأميركية، حيث تسقط الديمقراطية التي ادّعت أنها رائدة في العالم بحرية التعبير، فإذا كانت الولايات هكذا لماذا اختارت السلطات الأميركية أسلوب القمع والعنف والاعتقالات واستخدام الأسلوب البوليسي للتعامل مع طلبة الجامعات؟
سقطت صورة الولايات المتحدة التي تتشدّق بمعاداة السامية وحرية التعبير المزعومة على اعتبار كانت قد نصّبت نفسها شرطياً على العالم بتقديم الدروس في الحرية والعدالة وحقوق الإنسان، داخل حرم الجامعات حيث قرّرت إداراتها المسنودة بقوات الشرطة لإسكات الأصوات الحرة المنادية بالعدالة والقضية الإنسانية السامية وتحديداً في جامعة كاليفورنيا في لوس أنجلوس حيث جرى الاعتداء على مخيم الإعتصام من قبل مؤيدين لـ «إسرائيل» وحربها على غزة، وذلك بحماية الشرطة التي فضّت الاعتصام في جامعة كولومبيا واعتدت على الطلاب واعتقلت العشرات منهم، ولا سيما التي خرجت في يوم عيد العمل والتي امتزج صوتها تضامناً مع الأصوات الداعمة لقضية فلسطين المحتلة.
طبعاً هذا الاحتكاك المباشر من داخل أميركا على مستوى تصادم أميركي أميركي قد يهدّد بالأسوأ، لطالما هناك أصابع اتهام تشير إلى أنّ هناك من سمح لهؤلاء بالاعتداء على المعتصمين والمتظاهرين في الجامعات الأميركية، وبالتالي فعلياً نحن أمام محطة جديدة مكتظة بالتفاعلات عنوانها الأول بالعريض هو الاعتداء والقمع والعنف بالقوة العسكرية بطريقة وحشية على المتظاهرين في عدد كبير من الجامعات الأميركية، وهذا بكلّ تأكيد يفضي نظراً للواقع والوقائع السياسية مع الإشارة إلى حالة الفرق بين النظرية وبين الحديث عن حقوق الإنسان وبين حديث الحكومة الأميركية بالإضافة للتقارير عن الدول التي تنتهك حقوق الطلاب والمتظاهرين وتمنع التظاهرات وبينما ما شاهدوه على أرض الواقع من اعتقالات العالم بأسره شاهد أكاديمية وهي أستاذة في علم الاقتصاد تُهان وتضرب ويدوسها رجال الشرطة على الأرض، ما يؤكد بالدليل أنّ قناع الولايات المتحدة سقط سقوطاً مدوياً وتاريخياً في حرم الجامعات من جامعات كاليفورنيا إلى كولومبيا حيث الصورة الذهنية التي تتلاشى بريق الصورة الأكاديمية لأميركا الديمقراطية أمام العالم والمجتمع، إذ كان هناك مشاهد سقوط أخرى غير مسبوقة حين استخدمت الفيتو في مجلس الأمن لمنع وقف الإبادة الجماعية في غزة حين قمعتها شريحة واسعة من الرأي العام،
أيضاً على ذكر تسلسل حقبة السقوط من بينها أيضاً سقوط منظومة القيَم الإنسانية التي نظر إليها الغرب والأطلسي عبر العالم طيلة الحرب الإسرائيلية على غزة وتحديداً في القطاع عندما تجاهلت واشنطن الأصوات المناهضة للعدوان، الأمر الذي جعل واشنطن تتفاجأ أنها أمام مشهد معقد وحرج غير مسبوق حتى بدا موقف البيت الأبيض نفسه يستدلّ بالقول إنّ الاحتجاجات داخل الجامعات ليست الطريقة الصحيحة للتعبير مع التعليق للغطاء الداعم لـ «إسرائيل» المترابطة بكلمة السر لقمع الانتفاضة الطلابية التي وراءها خفايا سياسية ترى فيها أميركا من خلال معسكريها الديمقراطي والجمهوري تحوّلات دراماتيكية في الرأي العام لصالح القضية الفلسطينية كما ترى «إسرائيل» خطراً وجودياً وبالتالي كان لا بدّ لواشنطن من التحرك لإعادة التيار إلى مساره القديم ولكن يترافق هذا مع حزمة كبيرة من القلق في أروقة السياسة التي تدرك جيداً ماهية وتبعات المأزق الداخلي الأميركي وخير دليل على هذا زيارة وزير الخارجية الأميركي انتوني بلينكن إلى المنطقة للبحث في هذا الأمر.
وبالرغم من إشارة التعجّب الحمراء لدى من يؤمن بالقيم الغربية ومن يصدقون الديمقراطية الأميركية إلا أنهم بدأو يستشعرون بالخطر الحقيقي حيال مشهدية الصورة المخالفة للدستور وللقانون الدولي وللرأي العام العالمي، الأمر الذي قد يُفسر بأنّ هناك مسعى واضحاً من الإدارة الأميركية في إنهاء المشهد الطلابي أو الانتفاضة التي عرت هذه الإدارة التي تسبّبت لها بقلق حقيقي خاصة في توقيت الموسم الانتخابي، ويساعد ذلك في أنّ الحزب الجمهوري خاصة من أعضاء الكونغرس وكذا مجلس الشيوخ أو النواب مما طالبوا بضرورة تدخل الحرس الوطني والشرطة واستخدام الأسلوب البوليسي لفض هذه الاعتصامات التي قد ينتج عنها تحوّلات كبيرة في المسار السياسي الأميركي مع ضرر قد يلحق بمنعطف او انحدار يلاحق الإدارة الأميركية والتي من الممكن أن تسبّب لها في عزلة بشكل كلي وليس جزئياً ليكتمل المشهد العام للصورة الحقيقية لواشنطن في تسطير الكتب التي تدخل موسوعة التاريخ الأميركي في الدجل السياسي والديمقراطية والعدالة، وذلك من خلال الإيحاء بضرورة قوانين جديدة للجامعات بفبركة الأضاليل لكلّ من يقف مناصراً للقضية الفلسطينية، أيّ عندما سقط موضوع معاداة السامية تمّ الحديث عن حالة تخريب، وعندما يتمّ الحديث عن موضوع متسللين وأشخاص مدججين بالسلاح ويتمّ تبرير ذلك لاستدعاء الشرطة حتماً قد يكون هناك غرفة تنسيق خشية الخسارة الكبيرة التي لحقت بسمعة الولايات المتحدة والطوفان الآتي أعظم…

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى