أولى

صمود المقاومة والانتفاضة العالمية يحدثان المزيد من التحوّلات لصالح القضية الفلسطينية

‭‬ حسن حردان

شكل إعلان كلّ من إيرلندا وإسبانيا والنروج، الاعتراف بدولة فلسطين على حدود عام 1967، دولة كاملة العضوية في الأمم المتحدة، تطوراً جديداً يعزز التحوّلات الهامة على الصعيد الدولي لصالح القضية الفلسطينية، وصفعة موجعة جديدة لكيان الاحتلال «الإسرائيلي» ومخططاته الاستيطانية التوسعية في الضفة الغربية المحتلة، والهادفة إلى استكمال تهويد أرض فلسطين المحتلة، وتصفية قضية فلسطين، وتحويلها إلى مجرد حقوق مدنية لسكان يعيشون تحت السيادة والسيطرة الإسرائيلية الكاملة…
إنّ هذا التطور الدولي، وانْ كان يأتي على قاعدة الاعتراف بدولة فلسطين الى جانب دولة كيان العدو، الا انه يستمدّ أهميته كونه يأتي من دول أوروبية، تنضوي في الاتحاد الأوروبي، الأمر الذي يحدث خرقاً في موقف الاتحاد التقليدي الداعم لكيان الاحتلال، الذي يربط مصير الأراضي المحتلة في الضفة الغربية والقدس وقطاع غزة وإقامة دولة فلسطينية بالمفاوضات «الإسرائيلية» الفلسطينية، وهو ما ينسجم مع الموقف الأميركي الذي يرفض فرض إقامة دولة فلسطينية على «إسرائيل»… الأمر الذي عادت إدارة الرئيس جو بايدن الى تجديد التأكيد عليه اثر إعلان الدول الأوروبية الثلاث…
لكن من المؤكد انّ هذا التحوّل في موقف دول أوروبية، والذي أحدث صدمة في كيان الاحتلال، يرفع عدد الدول المعترفة بدولة فلسطين إلى 146 دولة…
على أنّ هذا الاعتراف لم يكن ليحدث لولا العوامل التالية:
أولا، الصمود الأسطوري للمقاومة والشعب الفلسطيني في مواجهة أشرس عدوان صهيوني وحرب إبادة نازية غير مسبوقة بوحشيتها في قتل الأطفال والنساء والرجال وتدمير كلّ مقوّمات الحياة في غزة..
ثانياً، فشل كيان الاحتلال في تحقيق أهداف حربه، رغم مرور نحو ثمانية أشهر على شنه الحرب، ودخوله في مأزق كبير، وانكشاف زيف ادّعاءاته الملفقة بشأن ارتكاب عنف جنسي وقطع رؤوس الأطفال في هجوم 7 أكتوبر، والذي هدفت من ورائه حكومة الاحتلال الى شيطنة المقاومة ووصمها بالإرهاب ونزع ايّ تعاطف او تأييد عالمي معها، وذلك لتبرير حرب الإبادة الصهيونية في غزة ضدّ الشعب الفلسطيني والفظاعات التي ارتكبها جيش الاحتلال وشاهدها العالم على الهواء مباشرة..
ثالثاً، الانتفاضة العالمية المستمرة ضدّ حرب الإبادة الصهيونية، والتي امتدّت الى الجامعات الأميركية والغربية مطالبة حكومات الغرب بدعم حقوق الشعب الفلسطيني، ووقف كلّ أشكال الدعم والتعاون العسكري مع «إسرائيل»…
كما انّ قيمة هذا الاعتراف بدولة فلسطين أيضاً يأتي ليحقق ما يلي:
1 ـ كشف مجدداً نفاق واشنطن بشأن ادّعائها تأييد ما تسمّيه حل الدولتين.
2 ـ فتح الطريق أمام تشجيع العديد من الدول الأوروبية للحذو حذو الدول التي اعترفت بدولة فلسطين، ويزيد الضغط على الاتحاد الأوروبي لأخذ خطوة مماثلة.
لكن علينا أن ندرك حدود هذه الخطوة على أهميتها، اذا لم يقرن الردّ على الغطرسة الصهيونية وتحدي كيان الاحتلال للعالم كله، بفرض عقوبات دولية عليه، على غرار ما حصل سابقاً مع نظام الفصل العنصري في جنوب أفريقيا، مما أدّى إلى تسريع انهياره وتحرير الشعب الجنوب أفريقي منه.
خلاصة القول: انّ عزلة «إسرائيل» دولياً بازدياد مستمرّ، وكلما زاد جنوح حكومة العدو نحو مزيد من التعنّت والإصرار في مواصلة الحرب، كلما أسهم ذلك في دفع الكثير من الدول لأخذ مواقف ضدّها، ودعم نضال الشعب الفلسطيني وحقوقه الوطنية المشروعة…
من هنا فإنّ اعتراف الدول الأوروبية الثلاث بدولة فلسطين، انما يندرج في سياق التحوّل غير المسبوق في صالح القضية الفلسطينية، وتراجع الدعم الدولي لـ «إسرائيل» وخسارتها كلّ المكتسبات التي حققتها اثر توقيع اتفاق اوسلو المشؤوم، وانهيار الاتحاد السوفياتي وتفرّد الولايات المتحدة على القرار الدولي، الأمر الذي يدفع قادة العدو المتنكرون لحقوق الشعب الفلسطيني للخروج عن طورهم واتخاذ مواقف تهاجم الدول التي اعترفت بدولة فلسطين، والردّ بمزيد من الاستيطان في الضفة واقتحام بن غفير للمسجد الأقصى مع جنود الاحتلال.. في تعبير عن الغطرسة، والعدوانية الصهيونية المدعومة أميركيا…

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى