خواطر من وحي عاشوراء
معن بشور
1 ـ مراجعة مطلوبة
بعيداً عن التراشق الإعلامي والسياسي وعن لغة التخوين التي يستسهل البعض استخدامها في ايّ خلاف او تباعد في الرأي والرؤية…
نودّ أن نسأل بعض الذين لم يدركوا حتى الآن أهمية المقاومة، لا في الانتصار لأهلنا في غزة وعموم فلسطين فحسب، ولا في ردع العدوان الصهيوني على بلادنا فقط، بل في كونها أيضاً تمثل مكوّناً كبيراً فاعلاً ممتلئاً حيوية وحماسة واستعداداً ويحمل قضية باتت اليوم ذات بعد إنساني بل يملك قدرات لمواجهة كلّ افتئات أو تآمر لا يقدر أحد في الداخل او الخارج ان ينال منها، وانّ الحكمة تستدعي من كلّ مناوئ لهذه المقاومة ان يرى فيها قوة للبنان وان يتجه الى الحوار مع قادتها وممثليها لحلّ كلّ تباين او خلاف بالحوار تحت سقف الثوابت التي ارتكز عليها كلّ اتفاق سابق بين اللبنانيين، وهي انّ هويتنا عربية وانّ لبنان لن يكون مقراً للاستعمار وربيبته الصهيونية او ممراً.. وان تحصينه يحتاج الى إصلاحات شاملة تنبذ كلّ فساد وكلّ فاسد…
ليكن الاحتشاد العاشورائي اللبناني في ذكرى معركة كربلاء دعوة لكلّ القوى السياسية في لبنان ومحيطه العربي المناوئة للمقاومة لكي تجري مراجعة جريئة وشجاعة لسياساتها بعيداً عن تأثير القوى الخارجية التي طالما خذلت البعض ممن راهن عليها.
2 ـ بين خطابين
بين الخطاب الهادئ والقوي والمعبّر عن ثقة أمين عام حزب الله السيد حسن نصر الله بقدرات شعبه ومقاومته أمام عشرات الملايين الذين يشاركونه إحياء ذكرى عاشوراء في الساحات او عبر الشاشات وبين الخطاب المتوتر والمرتبك والغاضب والمليء بالتناقضات والأكاذيب الذي ألقاه رئيس حكومة العدو أمام أعضاء الكنيست الصهيوني يستطيع ايّ مراقب موضوعي ان يقرأ حقيقة مشهد الحرب الدائرة بين غزة والضفة وجنوب لبنان والبحر الأحمر وبلاد الرافدين والشام ويدرك كيف استطاعت قوى المقاومة ان تثبت تفوق موازين الإرادات على موازين القوى…
وبين نتنياهو القلق من إدراكه لحجم المأزق الذي يعيشه بين عجزين عجز عن الاستمرار في هذه الحرب وعجزه عن الاستمرار فيها في ضوء إقرار قادته العسكريين والأمنيين بتضاؤل قدراتهم القتالية في غزة والشمال… وبين السيد نصرالله المستند الى بطولات استثنائية يبديها مقاتلو حماس وسائر الفصائل الفلسطينية في غزة وعموم فلسطين والى مساندة حقيقية تبديها مقاومة عابرة للحدود في المشرق العربي وصولاً الى إيران… لم يعد صعباً ان نرى أنفسنا أمام انتصار حققناه منذ السابع من أكتوبر المجيد ولم يعد ممكناً لكلّ الآلام القاسية التي نعيشها ان تحجبه عنا. وان نرى انّ العدو وداعميه أمام هزيمة نكراء لن تحجبها كلّ جرائمهم ومجازرهم وادّعاءاتهم الفارغة، وما النصر إلا صبر ساعة…
3 ـ فلسطين تجمعنا
والمقاومة توحّدنا
ان تمتزج دماء الشهيد الشيخ محمد جبارة مع دماء اخوانه في «قوات الفجر» في الجماعة الإسلامية جنباً الى جنب مع دماء شهداء المقاومة الإسلامية في حزب الله، كما مع رفاقه في المقاومة الوطنية اللبنانية، هو خير دليل على سلامة الشعار الذي طالما ناضل شرفاء الأمة من أجله، لا شيء يجمعنا كفلسطين، ولا شيء يوحدنا كالمقاومة، ولا شيء ينصرنا كالوحدة…
لدى سماعنا خبر استشهاد المجاهد البطل محمد جبارة ابن القرعون المعطاء على طريق القدس وفلسطين ينتاب شرفاء الوطن شعور بجدلية الألم والأمل، الألم بخسارة مجاهد عريق ينتمي الى جماعة عريقة في الجهاد مع الأمل بالنصر والتحرير الذي نقترب منه كلما اشتدت مقاومتنا واتسعت، وكلما ترسخت الوحدة بين مكونات امتنا.
المجد والخلود لمحمد جبارة وكافة الشهداء.
وكل الاعتزاز والتعازي لأهله واخوانه.