الحوار بين الأحرار طريق السلام
د. عدنان نجيب الدين
إذا علمنا من يسيطر على العالم، ومن ينشر قواعده العسكرية في مختلف دول العالم وإحكام السيطرة عليها وعلى حكوماتها،
وإذا علمنا من يشعل الحروب بين الدول،
وإذا علمنا دور مصانع السلاح والشركات النفطية، وشركات الذكاء الاصطناعي والرقاقات الإلكترونية التي من دونها تتعطل كلّ وسائل النقل وأجهزة الاتصالات والمعلوماتية وغيرها .
وإذا علمنا من ينشئ التنظيمات الإرهابية ويلبسها لبوساً دينياً، ليشعل حروباً هنا وحروباً هناك لتعزيز الحقد والكراهية بين الشعوب وإضعافها تمهيداً للسيطرة عليها ونهب ثرواتها،
وإذا علمنا من غزا فلسطين وأهلها وطرد شعبها منها، ويقوم اليوم بحرب إبادة ضدّ أهل غزة، ويهدّد باحتلال دول مجاورة للتوسع والسيطرة،
وإذا علمنا من غزا دولاً مستقلة مثل فيتنام والعراق وأفغانستان، ومن استخدم أول قنبلة ذرية ومن قتل بحروبه الاستعمارية الامبريالية ملايين البشر،
وإذا علمنا من يهدّد بالسيطرة على البلدان الأخرى لنهب خيراتها،
وإذا علمنا أنّ السلام لا يتحقق بالأمنيات والكلام الجميل البريء وإذا علمنا أنّ المواطن العالمي الذي تكلم عنه كانط هو إنسان حرّ من القيود والهيمنة والاستعباد بكلّ أشكاله، وإذا علمنا أنّ الشعوب من حقها أن تحيا بكرامة بعيداً عن التبعية للقوى التي تملك السطوة الاقتصادية والقنابل الذرية…
ربما تتضح الصورة أمامنا لحقيقة هذا العالم المليء بالظلم والجريمة المنظمة .
وبعد أن نعي هذه الحقائق يأتي الحديث الصعب عن السلام العالمي وكيفية صناعته. السلام لا يقوم إلا بين الأحرار. فالسلام لا يقوم بين قاتل وضحية ولا بين صاحب حق ومغتصب حق.
وهذا السلام الذي لا يقوم إلا بين الأحرار، لا يقوم إلا بالحوار .
الحوار وحده طريق السلام المنشود أولا بين المتحررين من التبعية والشعور بالدونية تجاه القوى الجبروتية ومن الأفكار المسبقة ومن العقليات المتحجّرة التي تعتقد أنّ الحقيقة ملك لفرد أو جماعة.
قد يكون لكلّ منا عقيدته ولكن لا يجب لأيّ منا أن يقف عندها بل يقول لربما هناك أمور لا أعرفها وربما أستفيد منها… الحقيقة يا أصدقائي نصنعها معاً، أنا وانت وهو وهي، لأن لا أحد منا يملك الحقيقة، والطريق الى الحقيقة التي ننشدها يبدأ بالحوار مع الآخر المختلف انطلاقاً من مقولة سقراط: «أعرف شيئاً واحداً وهو أني لا أعرف».