المرأة في المشهد الثقافي العُماني… الإبداع حاضر بقوّة!
لفتني، خلال مشاركتي في معرض مسقط الدولي للكتاب بدورته الحادية والعشرين المقام حالياً في عاصمة سلطنة عُمان مسقط، أمران: الأول الحضور الفاعل والمبدع للمرأة العُمانية على أكثر من صعيد، والثاني، اهتمام الفتاة العُمانية بالقراءة، من خلال الانكباب على شراء الكتب كمّاً ونوعاً. لكن هذا لا يعني أنّ الرجل العُماني لا يهتمّ بالثقافة، إلا أنّ وجهة نظري تقول إن المرأة تسبقه بأشواط.
وإذا أردنا تفصيل الملاحظة الأولى، لقلنا إنّ المرأة العُمانية حاضرة في ميادين الثقافة كافة. في التأليف والنشر والنقد، في التعليم وإدارة المكتبات، لدرجة أنّك تلاحظ وجودها في المعرض أكثر من الرجل. كما أنّها تدرك ما تشتري، وعمّا تبحث، ونلاحظ من خلال اهتماماتها الثقافية والأدبية أنّها متمكّنة ومطّلعة بكثافة على الحراك الثقافي في العالم أجمع.
أما في الملاحظة الثانية، فنجد أنّ الفتاة العُمانية، صغيرة أو يافعة، تهتمّ بالقراءة اهتماماً شديداً، تأخذ وقتها في البحث عن كتاب يعجبها وتشتريه. بينما الطفل العُماني يكون إمّا مسيّراً من قبل والديه، أو متردّداً في شراء أي كتاب، أو باحثاً عن كتب غالباً ما تكون بعيدةً عن الثقافة، ككتب النكات وما إلى ذلك.
معرض مسقط الدولي للكتاب سنفرز له حيّزاً واسعاً على صفحات «البناء» عمّا قريب. أما مناسبة الحديث عن المرأة العُمانية، فتعود إلى تقرير عمّمه اتحاد وكالات الأنباء العربية «فانا»، ضمن الملفّ الثقافي الشهري، وأعدّته وكالة الانباء العُمانية عن «المرأة في المشهد الثقافي العُماني»، وودنا إبداء هذه الملاحظة «الطازجة»، علّها تغني التقرير إلى جانب لقاء خاص مع الإعلامية والشاعرة العُمانية أمامة اللواتي.
أحمد طيّ
يشير التقرير إلى أنّ الرجل والمرأة يتقاسمان كلّ شيء في هذه الحياة بأدوار تكاملية للدفع بالحياة إلى الأمام، كذلك يتقاسمان النتاج الأدبي والإبداعي منذ بدء الخليقة. فالإبداع الفكري ليس حكراً على الرجل وحده، فكما أن هنالك كتّاباً وشعراء ورواة هناك روائيات وكاتبات وشاعرات، والأدب الإنساني مليء بالأمثلة، والمجال هناك ليس تنافسياً بقدر ما هو تكاملي.
ويذكر التقرير العُماني أن التاريخ الإنساني زاخر بإنتاجات نسائية ضخمة وبأسماء نسائية خلّدها تفرد أعمالها وتميّزها، وهذا الأمر ينطبق على جميع الحضارات الإنسانية بلا استثناء، وتاريخ الادب العربي زاخر. فلو أخذنا الشعر مثلاً، سنستحضر الخنساء ورابعة العدوية وسكينة بنت الحسين وولادة بنت المستكفي قديماً، وحديثاً تدور في خاطرنا سعاد الصباح وفدوى طوقان ووردة اليازجي ونازك الملائكة.
وككل المجتمعات الإنسانية، في سلطنة عُمان حركة نسائية تواكب التطور الفكري والثقافي للمجتمع. وإن كانت تعدّ أيضاً في الوقت نفسه انعكاساً لهذا الحراك والتطور، فالإبداع النسوي حاضر بقوة في المشهد الثقافي العُماني بأشكاله كافة.
حصة البادية
الشاعرة الدكتورة حصة بنت عبد الله البادية أشارت إلى أنّ المرأة العُمانية المبدعة قد رسمت لها طريقاً إبداعياً وحضوراً مشهوداً على الساحة الثقافية، لا العُمانية فحسب، إنما العربية أيضاً. وما قدّمته الحكومة لتحقيق الكثير من إنجازات المرأة العُمانية المبدعة عموماً لا يمكن حصره في سطور. بقي أن نوفي هذا الوطن بعض حقه عبر السعي المخلص لمنتج إبداعي حقيقي جدير بالبقاء والانتشار.
وأوضحت الشاعرة البادية أن لها مشاركات كثيرة على المستوى المحلي بداية من الأمسيات مروراً بالمسابقات الأدبية وصولاً إلى رئاسة لجنة التحكيم في مهرجان الشعر العُماني ومسابقة المنتدى الأدبي قسم الشعر ، وعلى المستوى الدولي فقد مثّلت السلطنة في مهرجانات دولية كثيرة خليجياً وعربياً ودولياً ودخلت في عضويات موقتة أو دائمة في بعض التجمعات الأدبية، منها ما هو موجود في بريطانيا وأخرى أوروبية مع كتّاب آخرين يسكنهم الشعر والأدب.
وقالت: «لا أستطيع تحديد بداية فعلية لمسيرتي وكتابة الشعر، لكنّني أعرف يقيناً أن اتصالي بالشعر قديم منذ صغري استماعاً، بداية عبر المرويات الشفهية من الشعر الشعبي والفصيح ثم قراءة وحفظاً وإلقاء، ثم كتابة حيث كانت البداية مع حفظ الكثير من الشعر ضمن النصوص المقرّرة في المناهج المدرسية أو اختيارات حرة، ثم أتى دور المعلمات في رعاية موهبتي وتعهّدها حتى كبرت وكبر معها اقتناعي بتمكني من كتابة الشعر، وفرحي بتلك القناعة في أبسط أشكالها التي لم تكن وقتذاك تتجاوز حدود مدرستي، لكنها كانت تشرّع حدوداً أخرى لا أفق لها مع القصائد. كما ان تخصّصي الدراسي جاء معززاً لموهبتي وهو مجال اللغة العربية، ما كان له دوره في تعزيز العلاقة بيني وبين الشعر حضوراً محبباً وواجباً وظيفياً. وإن كل الموضوعات يمكن أن تكون مادة للقصيدة ما دامت قادرة على استفزاز الحافز للكتابة. لكن الإنسان في عقله وتأملاته وحتى تناقضاته أكثر ما يستميلني للكتابة، ثم تأتي الذات موضوعاً لقصائدي في كل ما من شأنه أن يعكس بعضاً منّي في أبيات من الشعر أتنفس بها وأرى فيها ذاتي».
وللشاعرة الدكتورة حصة البادية عدد من الإصدارات منها مجموعتان شعريتان هما «ندف حنين ومساءات» الصادرة عن «دار الانتشار» عبر النادي الثقافي عام 2009، و«الخيل والرماد» الصادرة عن «دار العالم العربي» عام 2012 حيث تتنوع موضوعات القصائد في المجموعتين بين الذاتية والقومية والإنسانية إضافة إلى كتاب نقدي بعنوان «التناص في الشعر العربي الحديث» الصادر عن «دار كنوز المعرفة» عام 2009.
أصيلة المعمرية
من جانبها، قالت الشاعرة أصيلة المعمرية: «أنهيت تصوير قصيدة وطنية لمناسبة العيد الوطني الخامس والأربعين المجيد، و تأتي تأكيداً على وجود صوت المرأة العُمانية الشاعرة التي تصدح بما يجول في خاطرها للمشاركة في هذه الفرحة الوطنية الكبرى لهذا الوطن العزيز العيد الوطني الخامس والاربعين، وتعبيراً منّي بكل مشاعر الوفاء لهذه الأرض الطيبة وقائدها».
وأضافت: «لقد كانت فكرة جديدة وخطوة أولى بالنسبة إليّ أن أنتقل من الكلمة على الورق وكراسي الأمسيات والمسارح لأقدّم عملاً مختلفاً بطريقته وشكله، وهو أبسط ما يمكن فعله تجاه مشاعرنا المكنونة لوطننا ومسيرة النهضة العُمانية، وإنني لسعيدة جداً وفخورة كوني استطعت أن أبذل جهدي وأكرسه لتخلد كلمات القلب في عُمان». مشيرة إلى أن قصيدتها المصوّرة بعنوان «ربّي يحفظك قابوس» قد أتت بمعاني الحب والاعتزاز بالتاريخ والتنمية والإنجازات التي تحققت في عمر النهضة العُمانية الرائدة، ومعبّرة عن المرأة العُمانية التي أولاها السلطان قابوس منذ مطلع النهضة، الثقة والاهتمام والرعاية، وجعلها شريكة هذه المسيرة، وعزّزها بدورها الفاعل للمساهمة والعطاء لتكون خير ما ينفع به الأرض والوطن والإنسان.
والشاعرة المعمرية هي عضو سابق في مجلس إدارة مجلس الشعر الشعبي العُماني، كما أنّها شاركت في تنظيم أمسيات شعرية لمناسبات مختلفة، إضافة إلى كتاباتها في وكالة أنباء الشعر، وشاركت في عدد من الأمسيات داخل السلطنة في مختلف المؤسسات وخارجها في مهرجانات شعرية كان آخرها «ملتقى عُمان الشعري» الذي يقام سنوياً.
وقالت: «بدأت مشواري الشعري منذ التحاقي بجامعة السلطان قابوس، وقد كان لجماعة الخليل دور كبير في صقل موهبتي والسعي وراء النهوض بها وتقديمها للمطّلع والمتذوّق، إضافة إلى حرصي الشخصي وسعيي إلى الظهور والتحقق والتطوير من كتاباتي ونصوصي، والشغف بالمتابعة والاستمرار والدفع للأمام، شاركت في عدد من الأمسيات الشعرية والمسابقات الشعرية وحققت مراكز متقدّمة. كما كان لوزارة التراث والثقافة بملتقياتها الأدبية والثقافية ومهرجاناتها الشعرية والأدبية الداخلية والخارجية دور كبير وبارز في دعم مسيرة الشاعر العُماني، وتقديمه بالشكل اللائق للمجتمع، وتوفير بيئة مناسبة للالتقاء والاستفادة من غيرنا في هذا المجال ومن سبقونا فيه من أدباء عُمانيين وعرب، والاقتراب من تجاربهم، ونقاد لهم باع طويل على مستوى الكلمة والحياة. ثمّ شاركت في برنامج شاعر المليون للموسم الخامس الذي يعتبر البرنامج الشعري الأول على مستوى العالم العربي من نوعه، ولربما العالم، كونه أحد الفنون الدقيقة المتأصلة في تاريخ العرب، ووصلت إلى مراحل قبل نهائية في المسابقة بقرار من لجنة التحكيم، وقد أضافت هذه التجربة إليّ الكثير، واختصرت عليّ الكثير من المسافات للوصول، وإنه مسؤولية لتقديم المزيد ومواصلة المشوار في الكتابة والظهور».
أنعام أحمد
ورأت الفنانة التشكيلية أنعام أحمد أن تجربة التشكيليات العُمانيات تميّزت بنضج وتفتح في الوعي الفني التشكيلي، الذي ينفتح على رؤية واسعة تتطور دائماً وتنمو عن قراءة عميقة واطلاع واسع بتجارب الآخرين، خصوصاً في الانشغالات التجريدية التي تذهب إلى آفاق كبيرة. وقد تركزت هذه التجربة العُمانية في مجملها على مفردات التراث العُماني الذي يساهم بدوره في تكوين هذه التجربة وتعميقها والحفر في ذاكرة المكان، الذي استطاعت من خلاله الفنانة التشكيلية العُمانية الوصول إلى مرحلة كبيرة من التقدّم في الحركة التشكيلية على المستوى العربي والعالمي.
وأوضحت أن بداياتها كانت من خلال تنمية قدراتها في الرسم في الانشطة والمشاركات المدرسية وساعدتها دراستها فنّ الديكور في تنمية مهاراتها وصقلها في مجال الفن التشكيلي وانضمامها لعضوية الجمعية العُمانية للفنون التشكيلية كانت بداية الانطلاقة الحقيقية لفن الرسم لديها، مشيرة إلى انها شاركت بأعمال جديدة تحمل طابعاً معيناً وهو الأبجديات المسمارية القديمة، حيث تتركز معظم أعمالها في دراسة الأبجديات القديمة كالمسمارية والآرامية والفينيقية وخطّ المسند الذي اكتشف في الكهوف القديمة في جنوب عُمان.
تنتمي رسومات الفنانة التشكيلية أنعام أحمد إلى المدرسة التجريدية، إضافة إلى أعمالها في فن الكولاج، حيث تحمل رسالة في اعمالها للمتلقي عن مضمون الإنسان البدائي الذي يعود له الفضل في كل التقدم والتكنولوجيا وما وصلنا إليه، فالأبجديات القديمة هي أساس تواصلنا اليوم الذي بدأ برسومات الكهوف والمعابد باعتبارها ثقافة الشعوب لأن الفن يقاس بثقافة الشعوب وبما وصلت اليه.
وشاركت أنعام أحمد في عديد من المعارض المحلية الخارجية في كل من: الامارات، البحرين، السعودية، قطر، الكويت، الاردن، المغرب، مصر، إيران، الصين، أستراليا، النمسا، سويسرا، فرنسا، أميركا. وحصلت على عدد من الجوائز كان آخرها في عام 2015، إذ حلّت في المركز الثاني في المعرض السنوي للفنون التشكيلية في السلطنة، وفي عام 2013 حصلت على المركز الاول في المعرض السنوي 21، وغيرها من الجوائز والمشاركات التي تمثل لها قبل كل شيء مسؤولية لتطوير ذاتها وتقديم الافضل لتمثّل بلدها خير تمثيل في المشاركات المختلفة.
بدور الريامية
وفي المجال التشكيلي أيضاً، قالت الفنانة التشكيلية بدور الريامية: «داخل كل امرأة قوة جميلة للتحدّي وتذليل العقبات. تلك القوة التي تدفع المرأة المثقفة والمبدعة في أي مجال كان لأن تكون ابنة وأختاً وزوجة وأمّاً تصبو للمثالية في دورها الفطري والاجتماعي، تلك التي تنبت على أرض هذا الوطن وتثمر وتغرس بذورها فيه من خلال ما يقدمه الوطن لها من مؤسسات متخصصة كالجمعية العُمانية للفنون التشكيلية ومرسم الشباب، التي تساعد في إيجاد جو من التطوير وتنمية المواهب والطاقات وتتيح للفنانين التواصل على رقعة هذا الوطن وخارجه».
وتقوم الفنانة الريامية بأعمال النحت والأعمال التركيبية وفنون الميديا حيث تتبع الرمزية والتجريدي والمفاهيمي كاتجاهات فنية في أعمالها التشكيلية. متناولة قضايا الإنسان والمجتمع، إضافة إلى كل ما يلهمها كالاحداث اليومية الصغيرة أو الاحداث التي تغير العالم، من دون أن تغيّر العقليات تلك التي تعرضها وسائل الاعلام كل يوم والإشارات، إضافة إلى الإشارات والمضامين المختلفة التي تؤثر بشكل مختلف أيضاً مع الزمان والمكان المتغيّرين، محاولة ترجمتها من خلال الفن التشكيلي. فالفن هو لغة الكتابة الاولى للبشر، حيث يحاول الطفل تلخيص عالمه بصرياً بالرسم، وهذا ما يحاول الفنان فعله مهما كبر في العمر.
وشاركت بدور الريامية في عدد من المعارض المحلية كالمعارض السنوية للفنون التشكيلية ومعارض الفنانات التشكيليات ومعرض الدائرة مع نخبة من الفنانين التشكيليين، وعلى المستوى الخارجي شاركت في المعرض الفني لعدد من فناني السلطنة في بيروت، ومسابقة الإبداع وتنمية المواهب في دبي، ومعرض القدس في القاهرة، وبينالي الشارقة الدولي، ومهرجان آرابيسك في شيكاغو في الولايات المتحدة الأميركية، وبينالي آسيا الثالث عشر في بنغلاديش، ومعرض الفن العُماني المعاصر في سويسرا، وصالون الشباب الأول في قطر. إضافة إلى عضويتها في كل من الجمعية العُمانية للفنون التشكيلية، ومرسم الشباب، والنادي الثقافي، وجماعة الروزنة. كما حققت عدداً من المراكز المتقدمة في كثير من مشاركاتها.
زينب الغريبية
ودشّنت الكاتبة زينب بنت محمد سالم الغريبية، وهي باحثة في شؤون المرأة والطفل والتربية، مؤخراً، المجموعة القصصية «أحبّ وطني»، والتي تعتبر من أهم إنجازاتها في مجال الكتابة للطفل. فهي المجموعة التربوية الأولى لتعزيز المواطَنة لدى الأطفال في سلطنة عُمان. وبتركيزها على المواطَنة والتسامح الديني كإحدى أهم القيم، تمثل هذه المجموعة إضافة مهمة للنظام التربوي العُماني والعربي الذي يحتاج اليوم إلى التركيز على ترسيخ قيم المواطَنة. وتتكون المجموعة من ثماني قصص هي «أحب عُمان» وهي قصة تعرض بشكل مبسّط للطفل بعض الحقوق التي تقدّمها له الدولة، وبعض الواجبات التي عليه أن يقدّمها في المقابل كونه مواطناً له حقوق وعليه واجبات. و«اللهم احفظني على الطريق» تتحدث هذه القصة عن أهمية مراعاة قواعد المرور وجزاء من لا يتبعها، و«حديقتي الجميلة» التي تبرز أهمية الحفاظ على المرافق العامة، والسلوكيات الإيجابية المفترض اتباعها عند التعامل مع الآخرين. و«أحبّ أن أعمل»، التي تبرز أهمية العمل في بناء الوطن، وأهمية تقدير العمل والعمال وعدم الاستخفاف ببعض الأعمال طالما هي في خدمة الوطن، كما تؤكد ضرورة تحديد هدف للطفل يسعى إلى تحقيقه. و«الشيخة والسلحفاة»، وتروي هذه القصة علاقة الطفل بالحيوانات الأليفة، مع إبراز المعالم الطبيعية والسلاحف المحمية الموجودة في السلطنة، وأهمية الحفاظ على هذه المحميات وبالتالي المساهمة في صون البيئة. و«قطرة ماء… نقطة كهرباء»، وتؤكد القصة ضرورة المحافظة على الموارد الطبيعية، لا سيما الماء والكهرباء، كون الطفل مواطناً يستطيع أن يشارك بواجباته في خدمة البلد وفق إمكاناته. و«شيخة والنخلة»، قصة تتحدث عن أهمية النخلة ومعنى كونها رمزاً من رموز الهوية العُمانية وتعرج على علم السلطنة ومعاني ألوانه وشعار السيفين والخنجر. و«قصة كلنا أخوة» التي تتحدث عن التسامح الديني وأهمية أن يعيش الطفل في وئام مع الآخرين من أطياف المجتمع المختلفة في مذاهبها الدينية والفكرية، وعليه أن يتقبل الآخر ويحترم وجوده في جوّ من التسامح والألفة. وترجمت هذه المجموعة إلى الإنكليزية والإسبانية والبرتغالية.
وأوضحت الغريبية قائلة: «أصدرت مجموعتي القصصية الثانية بعنوان نحن هنا عام 2015، وتدور أحداثها في خمس قصص. كل قصة تحمل موضوعاً في جو من الألفة والتسامح والتآخي، وتلعب كل شخصية من الشخصيات بطولة واحدة من القصص الخمس المكونة للمجموعة. جاءت فكرة هذه المجموعة من حاجة الأطفال ليعوا ما لهم وما عليهم كمواطنين، ينشأون وهم قد أُسّسوا على المسؤولية الاجتماعية والوطنية، فهذه المجموعة تسعى إلى تنمية وعي الطفل حول حقوقه كمواطن صغير والتي كفلها له القانون والدولة من خلال قصة برلمان حقوقي ، وتنمية روح المشاركة والمسؤولية المجتمعية من خلال قصة تضامناً مع أطفال التوحّد ، وتلفت المجموعة انتباه الطفل إلى قضية باتت شبه عقيمة في مجتمعاتنا العربية وهي قضية المعلّم، وقيمته وأهميته وتقديسه من خلال قصة شكراً لك معلمي ، إضافة إلى السعي إلى توجيه الطفل نحو ريادة الأعمال، وعدم اتكاله على الوظيفة الحكومية بأنها هي المصدر الوحيد للدخل والكسب والرزق، ولكن ضرورة أن يعي أن ما يقدّمه ليلقى الربح منه يجب أن يكون غير مضرّ بالمجتمع والمواطنين من خلال قصة مشروعي الصغير . وتأتي قصة مفكرتي لتضع بذور العمل التطوّعي ليبدأها الطفل في صغره بحسب إمكانياته المحدودة، ويتربى عليها لتنتج ثمارها مستقبلاً».
وقالت: «أعمل حالياً على إصدار أربع قصص أخرى في مجموعة، ولديّ عدد من الكتب التخصصية في المواطَنة آخرها كتاب مشترك مع الدكتور سيف المعمري المواطَنة المسؤولة: النظرية والتطبيق ، وكتب أخرى في مجالات اجتماعية آخرها كتاب على أرصفة الحياة 2015، و15 قصة قصيرة للاطفال في مجموعات. إضافة إلى المقالات المتنوّعة في عدد من الكتب والصحف وعدد من الأبحاث العلمية المنشورة، ومنها مقدّمة لمؤسسات رسمية في السلطنة، ولديّ الكثير من المشاركات بأوراق عمل في ندوات ومؤتمرات محلية وعربية وعالمية».
وختمت الغريبية قائلة: «إنّ المرأة العُمانية ككاتبة اليوم أصبحت في مصاف الرجل الكاتب، تحمل القلم نفسه وتخوض المجالات السياسية والاجتماعية والاقتصادية كلها، تعمل في التحقيقات الصحافية وإدارات الصحف، وتكتب في الأدب، ولها باع كبير في مختلف فنونه».
فاطمة اللواتية
من ناحيتها، أشارت الكاتبة الدكتورة فاطمة بنت أنور اللواتية إلى إن المرأة العُمانية استطاعت أن تقرأ وتكتب وتناقش وتترأس وتصبح وزيرة أو وكيلة وتساهم في المجال التربوي والصحي والعسكري والفني والإعلامي وغيرها من المجالات، واستطاعت أن تجعل لها رؤى واضحة وبصمات ثابتة راسخة في مجالات كثيرة بكفاءة عالية واقتدار كبير.
وذكرت أن لديها عدداً من الإصدارات في مجال الأطفال قصص الأطفال : «زهراء تخاف الليل» و«مريم في الطوي» و«سلسلة بلدي عُمان» المكونة من قصتين إحداهما حول اسم عُمان، والأخرى حول ألوان العلم العُماني. وأيضاً «متى ستسافر النجوم؟» و«لماذا طار العصفور بعيداً؟» و«أسنان ماجد». مضيفة. أما في المجال التربوي فلديها كتيّب «إن صحّ التعبير» حول الممارسات التربوية للمربّين، والكتيّب مصاغ بأسلوب قصصي على هيئة مذكّرات لتلميذ عن تجاربه في المدرسة أثناء طفولته. ورواية بعنوان «الصيحة»، إضافة إلى مجموعة من المقالات ضمن سلسلتين إحداهما بعنوان «اقرأ لطفلك» والأخرى «أبناؤنا الموهوبون». إضافة إلى مقالات أخرى حول أمور تربوية وأدبية ووطنية وغيرها.
وقالت: «إن معظم مشاركاتي خارج السلطنة كانت حول التعليم وذلك بطرح أبحاث ودراسات وهناك بعض الأنشطة التدريبية قمت بها خارج السلطنة، بالنسبة إلى المشاريع المستقبلية فلديّ عدد من المشاريع في مجال أدب الأطفال، لا سيما أنني العُمانية الأولى التي خاضت هذا المجال ودرّبت فيه، إذ أسعى إلى فتح مكتبة للطفل العُماني ورفده بإنتاج مميّز».
أمامة اللواتي
في خضمّ المشهد الثقافي العُماني، الذي تتبوّأ فيه المرأة مراكز مرموقة ومتقدّمة، تبرز حالة استثنائية، شعراً وكتابةً وصحافةً، إلى كلّ ما يمتّ للثقافة بِصلة. إنّها الشاعرة العُمانية الشابة أمامة مصطفى اللواتي، التي خصّت «البناء» بهذا التصريح:
«في فترة ما قبل الدراسة الجامعية كتبت الشعر والمقال، وشغفي بالقراءة والكتابة جعلني أتوجه إلى التخصّص في الصحافة والإعلام. وفي مرحلة الدراسة كتبت العشرات من الأخبار وأجريت الكثير من الحوارات الجادة، وواظبت على كتابة المقالات الهادفة، مع القراءة الجادة، وتحديداً في المجلات السياسية. ولاحقاً، كنت أجد لنفسي عوالم من المعرفة المتجدّدة والمتشعبة، وكانت الدهشة تأخذني إلى اكتشاف نفسي وهواياتي مع فروع المعرفة الأخرى. فتنوعت اهتماماتي ما بين النثر والقصة القصيرة والمقال وأدب الأطفال، إلى جانب الكتابة في مجال تخصّصي والمشاركة بأوراق بحثية تعكس الجانب الأكاديمي من عملي كمُحاضرة سابقة في قسم الإعلام. أنشر مقالاتي وقصصي القصيرة في الصحف والمجلات. أحبّ التصوير والترحال، وأتمنى أن أُنجز عملاً يجمع بين الاثنين، وأتمنى أن يمتد بي الأفق لاكتشف ما لم اكتشفه بعد. صدرت لي ستّ قصص للأطفال اتخذت غالبيتها طابع الخيال، ومجموعة نثرية وأخرى قصصية، ولي إصدار آخر يضمّ مجموعة من المقالات. في الأفق تلوح مشاريع عدّة ستظهر في وقتها، ربما هي تنوّع أو تشتّت، يبقى الحكم للقارئ أن ينتقي من حدائقنا الخاصة ما يناسب ذائقته».