عيون الغاز والطاقة في القرار 2268 والقاضي بوقف الأعمال العدائية

محمد احمد الروسان

التوصل الى القرار 2268 بين موسكو وواشنطن، أخذ بعين الاعتبار مصالح الولايات المحدّدة الأميركية والفدرالية الروسيّة، عبر تنظيم التواجد الأميركي الجديد القديم في العراق لغايات إيران وما بعد إيران باتجاه الصين، تنظيم موضوع الدرع الصاروخية الأميركية، ومسألة الجرف القاري في سيبيريا وثلوج آلاسكا وسلسلة جبال لومونوسوف المغمورة بالمياه، تنظيم العملية السياسية في سورية عبر الحلّ المتدرّج، كلّ ذلك لغايات تبريد ملفات استراتيجية مقابل ملفات أخرى، ضمن استراتيجيات الاستدارة واستراتيجيات التبادلات، على طول خطوط العلاقات الأميركية الروسية، على أن تلحظ المصالح الصينية والإيرانية والسورية في منحنياتها ملف أوروبا الشرقية ومسألة تنظيم الدرع الأميركي الصاروخي، وملف بحر الصين حيث واشنطن دي سي موجودة وبصخب عسكريّاً، وقد يقود ذلك الى صدام أميركي صيني عميق ليس من مصلحة أحد ان لم يتمْ تنظيم قواعد الاشتباك هناك .

من جهة أخرى، وفي ظلّ لعبة تخفيض أسعار النفط التي لعبتها وما زالت تلعبها واشنطن والبلدربيرغ الأميركي جنين الحكومة الأممية ، فإنّ الكثير من أمة اقرأ التي لم تعد تقرأ، وصارت في ذيل القوائم وتطالب بعنف وعبر ثقافة الموت بحق اللجوء الى العدم من جديد، بعدما أضحى موردها البشري العرب مجرد خردة بشرية في مستودعات الأمم وثقافاتهم، ثقافة الديناصورات وجمهورياتهم عرجاء وعمياء، حتّى مملكاتهم ذوات حمل رضيع بالمعنى الآخر، فإنّ مستقبل الاقتصاد العالمي يا عرب مرهون بالتطورات في القطب الشمالي وليس هنا، فمع ذوبان الجليد هناك تتعزّز فرص الاستغلال الاقتصادي، حيث المعلومات تقول إنّه ومنذ عام 1979 خسرت المنطقة أكثر من 45 من جليدها القاري، والصراع بدأ هناك منذ بدايات التسعينيات من القرن الماضي، صراعاً ساخناً على منطقة القطب الشمالي والتي تضمّ أطرافاً من أوراسيا وأميركا الشمالية بمساحات تزيد عن 27 مليون كم مربع، رغم صقوعة وبرودة الطقس، فمن يسيطر على أوراسيا يا عرب يسيطر على قلب العالم.

والجليد يذوب هناك نتيجة الاحتباس الحراري، وتضارب المصالح الاستراتيجية بين الدول المحيطة بالقطب الشمالي تتفاقم بين روسيّا وواشنطن وكندا والنرويج والدنمارك، وتجدر الإشارة الى أنّه وبتاريخ عام 1996 قامت الدول الخمس بجانب كلّ من فلنندا وايسلندا والسويد بتشكيل مجلس المحيط المتجمّد الشمالي، وتقول المعلومات يا عرب، إنّ الصين سوف تنضمّ وخلال الشهور المقبلة اليه كعضو مراقب. ويجري صراع عميق بين الدول الخمس وأخرى حول من يملك سلسلة لومونوسوف الجبلية المغمورة بالماء، وهي على طول مليون ونصف مليون متر مربع، حيث أكّدت الدراسات الأوليّة الجيولوجية أنّ هذه السلسلة الجبلية هي تتمة تركيبيّة للقاعدة القارية السيبيريّة التابعة لروسيّا، امتداد هذه السلسلة الغنيّة بالمواد الأوليّة وبالموارد الطبيعية تقريباً 20 كم مربع في القطب الشمالي لوحده والصراع يجري حولها بين الدول المحيطه بالمنطقة. الروس عزّزوا وجودهم هناك في استمرار، فهذه المنطقة بالنسبة لهم هي مفتاح المصالح الوطنية والاستراتيجية الروسيّة، ومسألة توسيع الوجود الروسي هناك مسألة أمن قومي روسي، كما أنّه وأبعد من مسألة المواد الأولية في هذه المنطقة، تسعى موسكو الى تأكيد سيطرة عسكرية لها هناك بصدى سياسي، وهذه تعدّ أحد أوجه الحرب الباردة الجديدة بفعل الحدث السوري والأزمة الأوكرانية، وتعدّ ضمانة للأمن القومي الروسي ومجالاته الحيوية. الفدرالية الروسية بنت مواقعها وعزّزتها في المنطقة القطبية الشمالية خطوة خطوة على مدى عقود يا عرب، وانتم مشغولون بفلان طويل وفلان قصير وبتجذير وتبني فكر ابن تيميّة الإقصائي التكفيري، ومدرسة الوهّابية الدين التلمودي الجديد. والهدف يا عرب بالنسبة لروسيّا ليس استعادة تلك المنطقة فحسب، بل تقويتها بشكل نوعي عبر الوجود العسكري والنووي والاستخباراتي. ومقابل هذا التفاعل الروسي مع مجالات الأمن القومي للفدرالية الروسية قابله نشر واشنطن يا عربان لأكثر من 30 ألف جندي أميركي في ألاسكا لتوسيع الفهم الولاياتي الأميركي للبيئة القطبية الشمالية وتعزيز وجودها فيها. وهنا نتساءل التساؤلات التالية يا عرب: هل بدأت العاصمة الأميركية واشنطن دي سي وعبر نواة دولتها البوليسية العميقة البلدربيرغ جنين الحكومة الأممية ، بإعادة صناعة برّاداتها السياسية الخاصة ومكعبات ثلجها من جديد، لغايات إطلاق مسارات حربها الباردة الجديدة القديمة مع روسيّا؟ هل مسارات إنتاجاتها المخابراتية بدأت في خلق وتخليق مومياءات حكم للعديد من دول العالم الثالث ما بعد مرحلة ما سميّ بالربيع العربي؟

موسكو وواشنطن… أجندة سياسية عميقة

اذاً ثمة أجندة سياسية عميقة تمّ الاتفاق عليها بين موسكو وواشنطن ضمن ملاحق سريّة ستكشف لاحقاً، والتأكيد على تنفيذها في قرار لا أقول وقف اطلاق النار، وانما تنظيم وقف اطلاق النار عبر القرار 2268 يبدأ بتنظيم قواعد الاشتباك في الداخل السوري، ثم تنظيم إطلاق النار، لكي تصل الى تنظيم وقف إطلاق النار. يذكر البعض منّا ممّن هم على شاكلتي من متابعين وقرّاء، موضوعة التفاهم السريّ و/أو غير المكتوب كملحق سريّ أنهى أزمة الصواريخ الكوبية، بحيث تمّ سحب الصواريخ النووية الروسية من كوبا، مقابل سحب الصواريخ النووية الأميركية من تركيا. انّ لهذه الرؤية الفوق استراتيجية لإيران آفاق واسعة وشاسعة ومفيدة حول مشروع هذا الخط، حيث يبدأ مشروع هذا الخط الغازي الاستراتيجي، من مدينة «عسلوية» في إيران ويعبر الأراضي العراقية ليصل إلى سورية وهناك إمكانية ليصل إلى لبنان والبحر المتوسط لينتهي في القارة الأوروبية، ويبلغ طوله وحسب ما نشر في وسائل الميديا الدولية تقريباً أكثر من ستة وخمسين ألف كيلو متر، لكن بوجود التحديات الحالية وخاصة الأمنية سيكون من الصعب التنبّؤ بتنفيذ هذا المشروع بشكل كامل في مدّة زمنية قصيرة، حالياً في المرحلة الأولى نظراً لنوع التعاون الإيراني العراقي في مجال الغاز سيجري مدّ خط الأنابيب ليصل إلى العراق ليصل لاحقاً إلى سورية بعد توضح مجرى الظروف الأمنية في سورية وتحديد المستقبل السياسي فيها، لكن يجب الانتباه إلى أنه نظراً لقدرة استيعاب خط الآنابيب هذا ينقل يومياً 110 ملايين متر مكعب من الغاز ستكون هناك إمكانية لزيادة الاستيعاب لتصدير الغاز إلى الدول الأخرى مثل الأردن ولبنان، وسينخرط العراق أيضاً في تصدير غازه باستخدام هذا الخط، وفي حال إشاعة الاستقرار في سورية يستطيع مشروع خط الأنابيب هذا أن يزيد من قدرة دبلوماسية الغاز الإيراني في مواجهة المنافسين الإقليميين ومجارات الدوليين، بحيث ستكون الخطوة اللاحقة جعل الأماني الإيرانية في تصدير الغاز إلى دول الاتحاد الأوربي حقيقة واقعية.

ونؤكد أنّ ما يجري في الشرق الأوسط، هو حصيلة جمع نتائج التصادم الدولي حول المصالح الاقتصادية وأوثق استثماراتها وعلاقاتها، بجانب صناعة الأزمات والإرهاب والاستثمار في العلاقات العسكرية، والسيطرة على الموارد الطبيعية وعلى منابع الطاقة ومسارات عبورها ووصولها، بأقلّ تكلفة وبأسرع وقت الى مصانع ومجتمعات منظومات الدول المتصارعة. انّ الاتفاقيات الأستراتيجية بين أقوى المكوّنات الدولية موجودة، والخلافات صارت محصورة في الأهداف وكيفية المعالجات، ومقاربات المصالح الدولية الاقتصادية والسياسية، خاصةً مع وصول الفدرالية الروسية الى المياه الدافئة، حيث منابع النفط والغاز والصخر الزيتي واليورانيوم واستثمارات موسكو الحقيقية في ديكتاتوريات الجغرافيا، للوصول الى عالم متعدّد الأقطاب وحالة من التوازنات الدولية للحفاظ على الأمن والسلم الدوليين.

أميركا… واستراتيجية الضرورة

نواةّ البلدربيرغ الأميركي ومن تقاطع معها من أطراف في المنظومة الدولية المعادية للنسق السياسي السوري، ومن يدعمه من الحلفاء كروسيّا وإيران والصين وجلّ دول «بريكس» الأخرى وباقي المقاومات في المنطقة وفي العالم، هذه النواة الولاياتية الأميركية الأممية وأدواتها في المنطقة، تريد حرباً من زاويتها لا تنهي داعش ومشتقاته والقاعدة ومشتقاتها، بل تعمل على إضعاف هذه الفيروسات وتثبيط نشاطاتها الإرهابية لغايات إعادة الهيكلة والتوجيه من جديد نحو الآخر حلفاء دمشق الداعم للنسق السياسي السوري في أكثر من ساحة وأكثر من منطقة في العالم، مع استنزاف مستمرّ لسورية الدولة والمؤسسات والقطاع العام والجيش وباقي المنظومة الأمنية، فهذه النواة البلدربيرغية الأميركية تعي وتعلم أنّ النظام في سورية أقوى من أن يسقط وأضعف من أن يسيطر ويحتوي عقابيل ومآلات التآمر عليه، هكذا تعتقد وتظن والى أبعد الحدود وبشكل مفعم وعميق في التفاؤل في استراتيجياتها الصامته الجديدة العاصمة الأميركية واشنطن دي سي. حيث الغارات على مجتمعات الدواعش وجبهة النصرة في الداخل السوري قد تزداد بعد القرار 2268 نوعاً وكمّاً ونتيجةً، والساحات في المنطقة تترابط، وادارة أوباما تبحث عن شريك حقيقي لمحاربة أبنائها البيولوجيين من الدواعش كفيروسات أنتجتها تماماً، كفيروسات الكورونا وإيبولا والأيدز ضمن نطاقات وسياقات الحرب البيولوجية، حيث لم تعد تسيطر عليها وقد مسّها الكثير من النصب والأرهاق والتعب. ولأنّه لا ثمة علاقة بين السياسة والتنجيم، حيث الضرورات تبيح المحظورات، فنرى أنّ منظومات المصالح الأميركية وتوثيق العلاقات الاقتصادية، تدفع بالحكومة الأميركية كصدى حقيقي للمجمّع الصناعي الحربي الأميركي والبلدربيرغ، الى الدخول في استراتيجية الضرورة: وهي البحث عن الشريك الحقيقي لها في محاربة المنتج من الفيروسات الإرهابية غير المسيطر عليها في الداخل السوري والمنطقة، فهل سيكون النسق السياسي السوري الحالي برمزه وعنوانه الرئيس بشّار الأسد، شريك الضرورة واستراتيجيتها للولايات المتحدة الأميركية في القضاء على الدواعش و/أو تجميدها، واعادة هيكلتها وترويضها من الزاوية الأميركية الصرفة؟ بالتعاون مع الشريك الروسي الرئيس في مكافحة الإرهاب في الداخل السوري ضمن معادلات تبريد ملفات مقابل ملفات أخرى؟ فمن كان في أذنيه وقر وصمم من دول الدمى في المنطقة ليسمع، ومن كان منها على قلبها أكنّة، لتعمل على إزالتها والعودة الى ثقافة الحياة لا ثقافة الموت، الذي تروّج له عبر فكر ابن تيمية، وأن لا تتجاوز وترتكب الحماقات في تجاوز حقيقة الجغرافيا وترابطها، وحقيقة التاريخ المشترك وتداعياته.

محام، عضو المكتب السياسي للحركة الشعبية الأردنية

www.roussanlegal.0pi.com

mohd ahamd2003 yahoo.com

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى